كشفت عائلة الأسير الفلسطيني وليد حناتشة (51 عاماً) عن صور تظهر آثار التعذيب الجسدي الذي تعرض له أثناء التحقيق العسكري الذي أخضع له، مع عشرات الأسرى الفلسطينيين، بعد حملة اعتقالات بدأت على خلفية ادعاء الاحتلال الإسرائيلي، بملاحقة من نفذوا عملية "عين بوبين" غربي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، والتي قُتلت فيها مستوطِنة إسرائيلية، في شهر أغسطس/ آب الماضي.
وحصلت العائلة على الصور من مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، فيما أكدت أنّ قرار نشرها لم يكن بالأمر السهل لأنّها صور "مؤلمة". وزودت العائلة "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، بـ13 صورة (نعرض بعضها) تظهر آثار التعذيب في الأرجل والقدمين، والرقبة، واليدين، وأنحاء متفرقة من جسد الأسير.
وتقول بيان حناتشة زوجة الأسير، لـ"العربي الجديد": "ما منع نشر الصور سابقاً هو قرار حظر النشر من محاكم الاحتلال؛ والذي استمر لأشهر في قضية زوجي وليد والمعتقلين الآخرين".
وتؤكد أنّ العائلة قررت نشر الصور، بالرغم من أنّها "مؤلمة" كي يرى العالم "الوحشية التي تعرض لها المعتقلون في غرف التحقيق وكيف كانت حياتهم معرضة للخطر". وتضيف حناتشة: "لم يكن سهلاً على الإطلاق نشر الصور، فلديّ ابنة بعمر 12 عاماً، لكنّ ذلك كان ضرورياً، فزوجي وليد كان مع قرار النشر، كي يرى الجميع ما الذي يعنيه التحقيق العسكري، وما الذي يحصل في غرف التحقيق".
وتشير فرنسيس إلى أنّ أحد القضاة العسكريين للاحتلال اطلع على جسد حناتشة بعدما تحدث هو عمّا يتعرض له من تعذيب، ليطلب القاضي بشكل واضح من الطبيب المعالج توثيق آثار التعذيب، وليجرى وضعها في ملف المحكمة. وتؤكد فرنسيس أنّه في المقابل "لم يتعاون جميع القضاة العسكريين للاحتلال، في ملفات التعذيب، فالمؤسسة حصلت على تقارير طبية بما يتعلق بملفات أخرى مثل ملف الأسيرين قسام البرغوثي وسامر العربيد، من دون الحصول على صور لهما".
والتقطت الصور بحسب بيان حناتشة، كما علمت من زوجها، بعد توقف مؤقت للتعذيب الجسدي بحقه لمدة عشرة أيام، إذ تعرض لتعذيب لمدة 13 يوماً، ثم لتعذيب نفسي شمل اعتقال ابنته ميس لثلاثة أيام، والتحقيق معها أمام عينيه، فضلاً عن عرض صور أسرته مع إزالة صورته منها كدلالة على تفريق شمل عائلته، بالإضافة إلى عرض بث مباشر أمامه لاقتحام جيش الاحتلال منزله وأخذ قياساته تهديداً بهدمه، ثم إعادته بعد فترة للتعذيب الجسدي مرة أخرى، والتحقيق العسكري.
وتعلق زوجته: "لم أعرفه للوهلة الأولى في أول مرة سمح لي برؤيته بعد خمسين يوماً على اعتقاله. كانت عيناه غائرتين، فشعر لحيته منتوف، ولا يقوى على الوقوف، وصوته مبحوح، وما زالت حتى اللحظة آثار التعذيب واضحة كانفصال شبكية العين والمشاكل في الرجلين والظهر، والصدر". تلك الصورة التي نقلتها زوجته هي نتيجة خمسة أنواع تعذيب تعرض لها حناتشة، معظمها عانى منها عشرات المعتقلين الذي أخضعوا للتحقيق العسكري، كما تؤكد فرنسيس.
أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون هي: الشبح لمدة طويلة على الكرسي مع الضرب ومحاولات الخنق، والشبح بشكل الموزة مع الضرب، والإلقاء على الأرض بينما اليدان مقيدتان خلف الظهر مع ضرب للصدر والرأس والكتفين، والشبح على كرسي بينما اليدان إلى الخلف على طاولة مع شدّ القيود باتجاه معاكس للكتفين، وأخيراً نتف شعر الذقن وشعر مقدمة الرأس.
تقول فرنسيس: "صور تعذيب وليد تظهر آثار الضرب على أنحاء الجسد كافة، وآثار الشبح، وسواداً في القدمين نتيجة انحباس الدم بسبب استخدام القيود لوقت طويل ووضع القدمين بوضعيات مختلفة لفترات طويلة".
وحول أهمية الصور والخطوات المقبلة، توضح فرنسيس أنّها ستكون بالإضافة للتقارير الطبية إثباتاً على التعذيب الذي جرى في الأشهر الماضية، وستساعد في الملاحقة القانونية والمساءلة، إذ تعدّ "مؤسسة الضمير" لشكاوى محلية في موضوع تعذيب حناتشة والأسرى الآخرين، بالإضافة إلى الإعداد لشكاوى دولية للمقرر الخاص بشأن التعذيب للجان الأمم المتحدة، وفي مرحلة لاحقة للمحكمة الجنائية الدولية.
وكانت "مؤسسة الضمير" قد كشفت، الشهر الماضي، عن تعرض عشرات الأسرى الفلسطينيين لتحقيق عسكري وتعذيب شمل الشبح بأنواع مختلفة، والضرب المبرح لأنحاء الجسد كافة، بالإضافة إلى تعذيب نفسي وصل إلى حدّ التهديد بالاغتصاب. ومن أبرز من تعرضوا للتعذيب القاسي الأسير سامر العربيد، الذي مرّ بوضع صحي خطير كاد يودي بحياته بعد يومين فقط على اعتقاله، ولاقت قضيته تفاعلاً كبيراً، وكذلك الأسيرة الشابة ميس أبو غوش، التي تعرضت لظروف تحقيق قاسية وصعبة.