تفيد إحصائية أصدرها مركز الأورام باليمن في عام 2017، بأنّ نسبة المصابات بسرطان الثدي هي 23 في المائة تقريباً من إجمالي المصابين بأورام.
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، أو ما يُطلق عليه اسم الشهر الورديّ، يتذكّر العالم النساء المصابات بسرطان الثدي، فيعبّر عن تضامنه معهنّ في وجه المرض الخبيث. في اليمن، في خضمّ المعاناة التي يعيشها اليمنيون واليمنيات منذ اندلاع الحرب في البلاد، تشكو النساء من ذلك المرض الذي يكثر بينهنّ.
بعد صراع مع سرطان الثدي دام ثماني سنوات، توفيت جميلة عبد الرحمن على الرغم من أنّها انتقلت إلى خارج البلاد لتلقّي العلاج. تحكي شقيقتها معاناتها الطويلة التي بدأت من ورم صغير في ثديها، وتشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "أحد الأطباء شخّص الورم في البداية على أنّه غدّة دهنية، ووصف لها دواءً على مدى أشهر، لم يأتِ بنتيجة. فتوجّهت إلى طبيب آخر قرّر أخذ خزعة من الورم، لتؤكد النتائج بعد فحصها بأنّها مصابة بالورم خبيث". تضيف شقيقة جميلة أنّ "الأطباء استأصلوا الورم، قبل أن تنتقل إلى خارج اليمن لاستكمال علاجها. وبعد عودتها، استمرّت في تلقي جلسات العلاج الكيميائي في المستشفى الجمهوري بصنعاء وفي عيادات خاصة". لكنّ كلّ ذلك لم يمنع انتكاسها وانتشر المرض. فتوفيت تاركة وراءها ثلاثة أطفال".
من جهتها، تُعَدّ منى الحارثي ناجية من سرطان الثدي. هي منسّقة منتدى الناجيات من السرطان في اليمن، وتشير إلى إنّها لم تلحظ أيّ أعراض للمرض أو ما يدلّ على أنّها مصابة بسرطان الثدي قبل اكتشافه. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "بعد وفاة جارتي وصديقتي بالمرض نفسه، قررت الخضوع إلى الفحص للكشف المبكر. كنت أستبعد إصابتي، لا سيّما أنّني كنت أظنّ أنّ المرض يصيب النساء المتزوجات فقط". تتابع الحارثي أنّه "في فبراير/ شباط من عام 2012، اكتشفنا ورماً في الثدي. وصفت لي الطبيبة مضاداً حيوياً لمدّة شهر واحد. ولمّا راجعتها، قرّرت أخذ خزعة من الورم وفحصها. فأكدت النتيجة إصابتي بسرطان الثدي". وتلفت إلى أنّها أخفت المرض عن أسرتها، باستثناء أخيها الذي رافقها إلى الأردن بهدف الخضوع إلى عملية جراحية لاستئصال الورم.
التوعية ضرورية لكلّ الفئات (فرانس برس) |
تؤكد الحارثي أنّه كان لصديقاتها "دور كبير في دعمي مادياً ونفسياً في أثناء العلاج، لا سيّما في خلال العلاج الكيميائي في مركز علاج الأورام بصنعاء". وتشير إلى أنّ "المركز كان يستقبل حينها نحو 70 مريضة يومياً، ويوفّر لهنّ العلاج مجاناً باختلاف طبقاتهنّ الاجتماعية". وتكمل أنّه "بعد الانتهاء من علاج الأشعّة، تحسّنت حالتي الصحية وأعيش اليوم حياتي الطبيعية بعدما تغلّبت على المرض. لكنّني اليوم مصابة بداء السكري وبمشكلات صحية أخرى تظهر عادة بعد علاج كيميائي".
في السياق، أسّست الحارثي مع عدد من صديقاتها اللواتي هزمنَ المرض، منتدى للناجيات من سرطان الثدي بالتعاون مع الدكتورة أماني بعيصي الطبيبة المتخصصة في الأورام، والدكتورة أسماء السلامي وهي رئيسة مركز الحياة في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان. وتوضح الحارثي أنّ "المنتدى يضمّ 73 ناجية من المرض نقدّم فيه الدعم النفسي للمريضات ونزورهنّ، في حين أنشأنا مجموعة على تطبيق واتساب لتبادل الآراء والأفكار والنصائح، بناء على تجارب كل واحدة منّا. كذلك تقدّم طبيبات متخصصات لنا الاستشارة الطبية بصورة مستمرة". وتنصح الحارثي بضرورة "الكشف المبكر عن سرطان الثدي، إذ إنّ الفحص يقي من خطر الوفاة بالإضافة إلى أنّه يسهّل علاج المصابات، خصوصاً أنّه من الممكن الشفاء من سرطان الثدي مثل أيّ مرض آخر".
وتواجه المرأة اليمنية المصابة بالسرطان عموماً، وسرطان الثدي خصوصاً، ضغوطا نفسية كبيرة تجعلها عرضة للتوّتر والإحباط والاكتئاب، ما يؤثّر على فعالية العلاج بحسب ما تفيد الطبيبة ندى القباطي. وتقول القباطي لـ"العربي الجديد" إنّ "المصابات بمعظمهنّ يستطعنَ تجاوز المرض وممارسة حياتهنّ بطريقة طبيعية، لا سيّما عند اكتشافه مبكراً"، مشيرة إلى أنّ "نساء كثيرات لا يتوجّهنَ إلى المرافق الصحية إلا متأخرات، بعدما يكون المرض قد وصل إلى مستويات يصعب علاجها، ونضطر إلى استئصال الثدي كاملاً. وهذا أمر ينعكس سلباً على الحالة النفسية للمرأة".
وتوضح القباطي أنّ "الأزمة المعيشية الحالية الذي تعيشها الأسر اليمنية بمعظمها من جرّاء الحرب، أسهمت بصورة كبيرة في عدم قدرة النساء على الخضوع إلى فحوصات التشخيص والعلاج، الأمر الذي تسبب في زيادة عدد الوفيات على خلفية سرطان الثدي". وتشدد على "أهمية التوعية حول الكشف المبكر، الذي يؤدي دوراً مهماً في إنقاذ حياة يمنيات كثيرات". وتتحدّث القباطي عن "ضرورة تعليم النساء طرق الفحص الدوري للثدي في المنزل. وفي حال اكتشاف أيّ كتلة، يجب عليهنّ التوجه إلى المراكز الطبية المتخصصة للخضوع إلى الفحوصات اللازمة لتفادي المضاعفات التي قد يعجزن عن علاجها لاحقاً".