روايات عبير

27 مارس 2015
من منّا لا يعرف روايات عبير؟ (نيويورك تايمز)
+ الخط -
"عندما وقع نظر جولييت، الفتاة القروية البسيطة، على اليوناني الثري دورين كوراليس، صعقها الحب لأول مرة، رغم أنه يحب ابنة خالتها الجميلة. وبدل أن ترى أحلامها تتحقّق، رأتها تنهار كتماثيل من الرمل، وعرفت بسببه الوحدة والذل والخوف. وليون بتريديس، الرجل ذو السطوة الرهيبة، عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد: أن يأخذها إلى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن، ولو أصبحت سجينة بالإكراه. إنها المرأة التي خلقت له وحده، دون سواه!".

هذه بالفعل مقتطفات من روايات عبير. ومن منّا لا يعرف بروايات عبير. كبر جيل من نساء اليوم على هذه الروايات. أدمَنَّ وهنّ فتيات على قراءتها، وتبادلها مع الصديقات. تعرفت المراهقات على "الرومانسية" من خلال هذه الروايات. انتظرن الرجل البطل، الثري، صاحب الأعمال، لينقذهن من واقعهن، وتعاستهن وفقرهن، كما يحدث في هذه الروايات. جميع من قرأ هذه الروايات آمن بالنهايات السعيدة "الإنقاذية".

جلّ ما فعلته هذه الروايات هو أنها كرّست نمطية من العلاقات يحكمها ميزان قوى غير متكافئ. لا تزال هناك فتيات تكبرن بانتظار الآخر مهما كان، لينقذهن، أو يسندهن، أو يعيلهن. ما لم تعرفه الفتيات في ذلك الحين أن ما كُنّ يعتبرنه رومنسية تبيّن لاحقاً أنه "دايتنغ فايولينس"، أو ما يُعرف بنمط من السلوكيات العنيفة داخل العلاقة بين شريكين.

السيطرة على سلوك الشريك، وفي هذه الحالة من قبل الرجل، قد يحمل عدة أشكال. بحجة "الغيرة"، يمنعها من رؤية أصدقائها، أو يلاحقها بالمكالمات الهاتفية ليعرف تحركاتها، أو يتدخل بلباسها أو ربما يجبرها على ارتداء الحجاب. قد يبحث في هاتفها أو بريدها الإلكتروني باستمرار. وقد يتفاقم الأمر ليصل إلى حد الاعتداء الجسدي أو الجنسي كالإخضاع والاغتصاب.

تشير دراسة قامت بها "لاف إز ريسبيكت"، إلى أن 33% من الفتيات المراهقات في الولايات المتحدة هن ضحايا عنف جسدي أو نفسي أو لفظي أو جنسي من شريكهن، بدافع الحب والغيرة. المشكلة أن كل أشكال "العنف المباشر" هذه تصبح مشروعة بنظر النساء، لأن هذا العنف يأتي مقنّعاً باسم الحب. ثمة خيط رفيع بين هذا العنف وبين العنف الأسري. قد يحدث الأول بين المراهقين والشباب قبل الارتباط بعلاقة زوجية.

بالمختصر، فإن النهايات السعيدة التي حاولت هذه الروايات إقناع النساء والفتيات بوجودها، جاءت بنتائج معاكسة. ما ظنته الفتيات يوماً بأنه سلوك يعبّر عن الحب، ما هو إلا عنف بأبرز تجلياته. وغالباً ما تنتهي دينامية العلاقات القائمة على نمطية هذا النوع من الروايات بالعنف الأسري أو ربما القتل. فاحذروها.

(ناشطة نسوية)
دلالات
المساهمون