لماذا تزداد هجمات الأسيد الفتاك انتشاراً؟

18 سبتمبر 2017
الطالبات الأميركيات ضحايا اعتداء مارسيليا(فيسبوك)
+ الخط -
يعتبر محللون أن مرتكبي الهجمات ضد النساء بمواد الأسيد الحارق التي تنتشر في أوروبا والعالم، يستخدمون سلاحاً فتاكاً يسهل الحصول عليه من دون تعقيدات التراخيص والموافقات الأمنية، ونادراً ما يقعون في قبضة الأمن، وينالون عقوبة خفيفة مقارنة بجرائم السلاح الناري أو الأبيض، وتلك عوامل تساعدهم على ارتكاب جرائمهم بسهولة مهما كانت دوافعهم.

آخر تلك الهجمات شهدتها مدينة مرسيليا الفرنسية السبت الماضي، عندما ألقت سيدة (لم تحدد هويتها حتى الآن) مادة الأسيد الحارقة على أربع طالبات أميركيات في محطة سانت شارلز للقطارات، وتمكنت الشرطة الفرنسية من اعتقال المعتدية (41 عاماً)، وبيّنت التحقيقات أن لا خلفيات إرهابية للهجوم، وأشارت الجهات الأمنية أن المهاجِمة لم تتلفظ بأية عبارات متطرفة خلال الهجوم.

واعتبرت السلطات الأمنية في مرسيليا، أن المهاجمة غير مستقرة عقلياً، وأنها انتظرت في مكان الهجوم، وعرضت على الضباط صوراً تبين إصابتها هي أيضاً بحروق.

وتلقت الطالبات من كلية بوسطن الأميركية العلاج، وهن في أواخر العشرينات من أعمارهن بحسب بيان أصدرته الكلية. وذكر مكتب المدعي العام في مرسيليا، أن اثنتان منهن أصيبتا بحروق في منطقة الوجه، وإحداهن أصيبت بعينها، وفق وكالة "أسوشييتد برس".

ثلاثة من المعتدى عليهن وهم كورتني سيفرلنغ، وشارلوت كوفمان، وميشيل كراغ هن طالبات في كلية بوسطن، أما كيسلي كوستن فإنها تدرس في كلية الأعمال في العاصمة الدنماركية.




محطة سانت شارلز للقطارات في مرسيليا(تويتر) 




هجمات الأسيد في بريطانيا


تبرز لندن على أنها بقعة ساخنة في ما يتعلق بهجمات الحمض، خلال السنوات الأخيرة، والتي شهدت ارتفاعاً في أعدادها من أقل من 200 هجوم عام 2014 إلى 431 اعتداءً في عام 2016. وإذا كان أغلب الضحايا من النساء فإن شباناً ورجالاً يقعون ضحايا الأسيد الذي يشوههم ويقضي على مستقبلهم.

وارتفعت الهجمات في مناطق أخرى من المملكة المتحدة، إذ شهدت نيوهام في شرق لندن هجمات أكثر ثلاث مرات من باقي المناطق، في حين أن مناطق مثل ويست ميدلاندز وإسيكس سجلت ارتفاعاً للهجمات بالأسيد من 340 هجوماً في 2014، إلى 843 في 2016. تلك الوتيرة من الاعتداءات والجرائم استدعت الضغط على البرلمان للتحرك، وطالب مناصرون للضحايا بجعل شراء المنتجات الحمضية المسببة للتآكل بدون ترخيص أمراً غير قانوني في بريطانيا.






جرائم الأسيد في أوروبا والعالم


فتحت الشرطة في العاصمة الألمانية برلين سلسلة التحقيقات بعد هجمات بالأسيد ضد النساء، كان آخرها في فبراير/شباط 2017 عندما تعرضت امرأة (27 عاماً) لاعتداء بحمض الأسيد كان الخامس من نوعه، خلال أشهر قليلة، في العاصمة الألمانية. وتمكن المعتدي من الهرب على دراجته.

وفي إيطاليا تعرضت ملكة جمال إيطاليا السابقة جيسيكا نوتارو(28 عاماً) لهجوم بالأسيد شوه وجهها، ويخضع صديقها السابق للمحاكمة في هذا الإطار في عام 2016.

أما في الولايات المتحدة فإن الحالات المسجلة لدى الأمن يعود آخرها إلى عام 2010، إذ هوجمت امرأتان في أسبوع واحد في ميسا وفانكوفر.

محتجون ضد هجمات الأسيد في لندن (نيكلاس هيلين/فرانس برس) 



وفي موقع يُعني بضحايا هجمات الأسيد في بنغلاديش، أظهر في معلوماته الإحصائية أن 3347 اعتداءً بالأسيد وقع في البلاد منذ عام 1999 وحتى 2016، أصيب فيها 3712 شخصاً.

وذكرت مؤسسة الناجين من الحمض في الهند أن اعتداءات الحمض ارتفعت من 122 اعتداءً في 2013 إلى 349 في عام 2014. وأشار نشطاء إلى أن العدد زاد عن 500 اعتداء في عام 2015.




الأسيد هو الخيار الأول


وصرح سيمون هاردينغ، وهو خبير في عالم الإجرام والعصابات في جامعة ميدلسكس في لندن، لـ" بي بي سي" إن الحمض أصبح "سلاحاً من الخيار الأول"، معتبراً أن "رمي الحمض هو وسيلة لإظهار الهيمنة والقوة والسيطرة، ويساعد على بناء خوف هائل من الجماعات والعصابات التي تقف خلفها".

وأشار هاردينغ إلى أن "أعضاء العصابة يعرفون أن الاتهامات الموجهة ضدهم بحوادث رمي الأسيد لن تكون بخطورة استخدامهم للأسلحة الأخرى، وإن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم أصعب لأنه من النادر أن تظهر أيّ أدلة تدينهم، ولا يترك المعتدي على الضحية أية علامات تكشف عن حمضه النووي".

ويرى محللون أن مرتكبي هذه الجرائم يتعمدون تشويه ضحاياهم بدلاً من قتلهم، على اعتبار أن الهجمات الحمضية تدمر مستقبل المرأة، وحياتها المهنية، وما يتبع ذلك من أمان مادي واستقرار اجتماعي.

(العربي الجديد)


دلالات