العطلة الصيفية في الأردن

04 اغسطس 2019
كرة قدم في عمّان (Getty)
+ الخط -

ينتظر الأطفال في الأردن العطلة الصيفية على أحرّ من الجمر، تماماً كما كلّ أطفال العالم، بعد عام دراسي طويل. وتلك العطلة التي تمثّل فرصة كبرى للهو والاستراحة من الواجبات المدرسية بالنسبة إلى الصغار، ينظر إليها أهاليهم بطريقة مختلفة. وبينما يرحّب بعض هؤلاء بتلك العطلة التي تمتد نحو 80 يوماً في البلاد، من عائلة إلى أخرى، فإنّ بعضاً آخر يرى فيها عبئاً، خصوصاً من يُصنَّف من ذوي الدخل المحدود ولا يملك بالتالي فائضاً من المال ولا من الوقت لتلبية رغبات أولاده. وتلك الرغبات لا تنحصر فقط برحلات أو نزهات أو مشتريات معيّنة، بل تشمل كذلك الانتساب إلى نواد صيفية وما إليها.

وتختلف مشاهد العطلة الصيفية من مكان إلى آخر. في بعض الشوارع، يلهو أطفال كثر، فيلعبون كرة القدم أو يشاركون في سباقات للدرّاجات الهوائية على سبيل المثال لا الحصر، فيما يتوجّه صغار إلى النوادي الصيفية والمخيمات الترفيهية وغيرها. أمّا في المناطق الزراعية، فيتحوّل الأطفال، عدد كبير منهم، بعد بلوغهم السابعة، إلى أشخاص منتجين في الحقول الزراعية، فهم يساعدون الأهل والأقارب في جني المحاصيل ورعي المواشي. وثمّة آخرون يصيرون مساعدين لآبائهم العاملين في ميكانيك السيارات ومهن أخرى من هذا القبيل.

ويبدو أنّ العبء الأكبر للعطلة الصيفية يقع على عاتق الأمهات، لا سيّما اللواتي لم يبلغ أطفالهنّ الثانية عشرة من عمرهم، بالتالي ما زالوا غير قادرين على تحمّل مسؤولية أنفسهم. تقول مريم محمد، وهي موظفة حكومية، لـ"العربي الجديد": "لا أعلم أين أترك أطفالي في خلال الإجازة الصيفية. هم في حاجة إلى من يرعاهم في أيام الفراغ الطويلة". تضيف: "كنت أشعر بالطمأنينة والراحة والأمان عندما كانوا في المدارس". وتخبر مريم أنّ "أيام إجازتي السنوية بمعظمها، والتي تصل إلى ثلاثين يوماً، أدّخرها للعطلة الصيفية من أجل قضاء وقت أكبر مع الأطفال ورعايتهم. وفي أيام أخرى، أرسلهم إلى بيت جدّهم".




من جهتها، تقول أمّ رائد، وهي ربّة أسرة وأمّ لخمسة أبناء وبنات، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ابنتي البكر في الصف العاشر وهي تساعدني في خلال العطلة الصيفية على رعاية بقيّة الأطفال"، مضيفة "أحاول بالدرجة الأولى إبقاء الأطفال بأمان فأحرص على عدم تعرّضهم إلى أيّ مكروه". وتقرّ أمّ رائد بأنّها لا تعمل كثيراً على "إكسابهم أيّ مهارات، غير أنّ ابنتي التي أنهت الصف الرابع الابتدائي سوف تلتحق بأحد النوادي الصيفية الخاصة بتحفيظ القرآن كما في كل عام". أمّا عبير صالح، وهي موظفة في القطاع الخاص، فتؤكد أنّ "العطلة الصيفية لا تمثّل أيّ مشكلة بل هي فرصة لإكساب الأطفال مزيداً من المهارات وتنمية قدراتهم، ونحن نحرص على ذلك". تضيف أنّ "العاملة المنزلية تساعدنا في رعايتهم كما في كلّ أيام السنة".

في السياق، تقول المتخصصة التربوية في مجال الإرشاد والصحة النفسية نجوى حرز الله، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العائلات الأردنية بدأت تُغيّر نمط تفكيرها في ما يتعلّق باستغلال العطلة الصيفية"، مشددة على "ضرورة استغلال تلك العطلة الطويلة لإكساب الأطفال مهارات وتدريبهم على مجالات تصبّ في مصلحة نموّهم وتنمية شخصياتهم". وتشير إلى أنّ "الأهل يتجهون بمعظمهم إلى النشاطات الرياضية، ومن شأن تلك النشاطات أن تنمّي قدراتهم الجسدية وكذلك القدرات المتعلقة بالثقة بالنفس". تضيف حرز الله أنّه "على الأهل استغلال العطلة الصيفية، ليس فقط من خلال إلحاق أطفالهم بنواد رياضية"، موضحة أنّه "يتوجّب عليهم اختيار الأفضل لجهة اهتمام تلك النوادي بحماية الطفل من الإساءة بأنواعها، لا سيّما التنمّر".




وتتابع حرز الله: "كذلك علينا التركيز على نوعية الأنشطة التي يتلقاها الطفل، وعلى تنمية المهارات التي يُستفاد منها في أكثر من جانب". وتتحدّث عن "أهمية التركيز على مهارات معرفية، فالطفل قابل للتعلّم دائماً، ولا بدّ من تزويده بما يمنحه مجالاً للإبداع في التواصل مع الآخرين". وتؤكد حرز الله أنّه "من الأنشطة الواجب التركيز عليها تلك التي من شأنها تنمية المهارات الاجتماعية لدى الطفل، والتي نفتقدها عند أطفالنا في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا"، لافتة في السياق إلى "مهارات التواصل والتفاوض وحلّ المشكلات". وتكمل حرز الله أنّه "يتوجّب على الأهل متابعة أطفالهم، فالهدف من النوادي الصيفية ليس التخلّص من همومهم ومن مشكلات العطلة الطويلة".