"بهمش" يا عرب

13 نوفمبر 2015
لم يستسلم (الأناضول)
+ الخط -

حاول الكهل الفلسطيني زياد اهليل، منع جنود الاحتلال الإسرائيلي من إطلاق الرصاص على الشبان الفلسطينيين، فبرر الجندي الصهيوني فعلته بأن الشبان يرشقونهم بالحجارة، فرد الشيخ قائلا "بهمش"، والتي تعني "لا يهم" باللهجة الفلسطينية الدارجة.
جسدت لفظة "بهمش" التي رد بها "اهليل" على تبرير المحتل، وجهة النظر المنطقية لما يجري على الأرض، وتحوّلت لاحقاً إلى حملة غضب واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد برد المحتل الصهيوني على الحجارة بالرصاص.

لكن "بهمش" التي رددها الشيخ الفلسطيني تبدو معبرة فقط عن رأي الشعب الفلسطيني ورأي أغلب الشعوب العربية الكارهة للمحتل والرافضة للاحتلال، بينما تخالف فيما يبدو رؤية حكام فلسطين، ورؤية أغلب الحكام العرب، سواء للقضية الفلسطينية أو لمجمل القضايا العربية.
يقتحم المستوطنون، بشكل شبه يومي، ساحات المسجد الأقصى، ويواصلون عملية تهويد القدس، وتقطيع أوصال فلسطين وسرقة ثرواتها وتاريخها، بينما حكام العرب في وادٍ آخر تعبّر عنه تماما اللفظة الفلسطينية "بهمش".

يغمر السيسي حدود غزة بالماء، ويغلق معبر رفح في وجه الفلسطينيين المحاصرين، ويتعاون أمنياً وسياسياً مع المحتل الإسرائيلي لإحكام السيطرة على الحدود، بينما أغلب حكام العرب يغمغمون "بهمش".

يدمر بشار الأسد مدنا وقرى سورية بالقنابل والبراميل المتفجرة على مدار شهور متصلة، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، بينما أغلب حكام العرب يكررون "بهمش".

اقرأ أيضا:الشيخ زياد اهليل.. قصة صمود وتحدٍ في وجه الاحتلال

يعيش العراق فوضى أمنية واسعة، وتضرب الطائفية المقيتة مدنه وشعبه، ويتضح للجميع أن القرار فيه من خارجه، لكن أغلب حكام العرب يعيشون حالة "بهمش".

يموت المدنيون ليل نهار في اليمن، سواء بالقصف أو القنص أو الفقر أو المرض، وتنفق المليارات على تسليح أطراف النزاع بدلاً من إطعام وعلاج أطفال البلاد، فالسيطرة أهم، والأمن "بهمش".

ينفق أثرياء العرب ملايين الدولارات على الترفيه والملذات، بينما ملايين العرب لا يجدون قوت يومهم أو ما يستر أجسادهم. يبدو أنه أيضا "بهمش".

يغرق آلاف المهاجرين العرب في البحر خلال هروبهم من البؤس والفقر والحرب في بلادهم إلى أوروبا، بينما يواصل الساسة في بلادهم التنابذ والتناحر لإحكام السيطرة على مقاليد الحكم وحصد الثروات، فمقاعد الحكم أهم، أما حياة الشعوب "بهمش".

تترك الشعوب المقهورة حكامها المستبدين يواصلون قهرهم وسرقتهم، ثم عندما يخرج بعضهم مطالبين بالعدل والحرية والديمقراطية والكرامة، يرفضونهم ويقاومونهم وأحياناً يقتلونهم، فما يهمهم هو الحياة. أما الحياة بكرامة "بهمش".

اقرأ أيضاً: ضحكة المساجين
المساهمون