نازحون عراقيون نفدت أموالهم: لا بديل لنا عن المخيمات

07 يوليو 2016
يعيشون في مخيمات بئيسة (Getty)
+ الخط -

بعد أكثر من عامين على النزوح، اضطر أبو مهند وعائلته إلى حزم أمتعتهم في حقائب متهرئة وتسليم مفتاح البيت المستأجر لأصحابه، متوجهين صوب مخيم الوند المركزي، في بلدة خانقين داخل محافظة ديالى، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش وصرفوا كل ما في حوزتهم من مال، كغيرهم من العوائل النازحة التي تمر بظروف اقتصادية صعبة، نتيجة غلاء المعيشة، وبدل الإيجارات الشهرية من جهة أخرى.

دريد حسين (28 عاما)، نازح من بلدة المقدادية ضمن محافظة ديالى شرق بغداد، يقول لـ"العربي الجديد": "بعد نزوحنا منذ عامين أقمت وأسرتي المكونة من تسعة أشخاص في بيت مستأجر لا تتجاوز مساحته مائة متر، ندفع بدل إيجار قيمته 600 ألف دينار شهريا (حوالي 400 دولار)، أي ما يعادل 9600 دولار خلال عامين، فضلا عن احتياجاتنا الأخرى من طعام وملابس وتطبيب وتكاليف الكهرباء وغيرها من المصاريف اليومية التي استنزفت، ولم يعد أمامنا غير خيار العيش في المخيمات، أو العودة إلى مدينتنا ومواجهة الموت في أي لحظة، مدينتنا التي تسيطر عليها المليشيات بعد تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

بدورها أم سمير (57 عاما)، نازحة من مدينة الأنبار، تقول لـ"العربي الجديد"، "منذ 4 أشهر أعيش في هذا المخيم مع عائلتي المكونة من 11 فرداً، إذ كنا نسكن قبل ذلك في منزل استأجرناه بـ200 دولار، كنا نظن أن فترة النزوح لن تزيد عن ثلاثة أشهر، لكن المدة طالت".

وتضيف "ها نحن نقضي عامنا الثاني بين آلاف النازحين، وحياتنا في هذا المخيم عبارة عن معاناة، إضافة لما كنا نعانيه من ضوضاء داخل الهيكل الذي كنا نستأجره، وافتقاره إلى الخدمات الضرورية، وغياب الرعاية الصحية اللازمة، وعدم وجود أماكن للاستحمام، بالإضافة إلى انعدام المرافق الصحية".

وتمنت أم سمير لو أنها أغمضت عينيها وفتحتها لتجد نفسها وسط منزلها الذي تركته في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، وقد انقشعت غمامة الحرب واندحر الإرهابيون، متهمة في الوقت ذاته الحكومة والجيش العراقيين بتأزيم الوضع الأمني في كافة المحافظات العراقية، بسبب عدم سيطرتهما على الأمن أو تعمدهما ذلك، وترك المليشيات وداعش يعبثون بأمن وأرواح الأبرياء، حسب قولها.

من جانبه، يقول عمر المشهداني، وهو متطوع مع فرق إنسانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ العوائل النازحة تعيش ظروفا قاسية وصعوبات جمّة، سواء النازحين في محافظاتهم أو إلى إقليم كردستان العراق، بعضهم يسكنون بيوتا أو هياكل مستأجرة، حيث ارتفاع مبالغ بدل الإيجارات والتي لا تتمكن الكثير من العوائل من دفعها، خصوصا بعد قطع جزء من رواتب المهجرين؛ وصعوبة الحصول على عمل.


وأضاف أنّ أكثر من مليون نازح استقروا في مخيمات ومدن إقليم كردستان العراق، قادمين من مدن الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين وأطراف بغداد وبابل، إضافة إلى نازحين آخرين قرروا السكن في الفنادق وإيجار البيوت والسكن في هياكل المباني التي هي قيد الإنجاز أو عند أقاربهم.

وتابع "خلال جولات فرقنا الميدانية على العوائل النازحة سردوا لنا قصصهم وحكاياتهم الطافحة بالمعاناة. وتشير الأرقام من إدارة المخيم إلى أن نحو 300 عائلة تركوا البيوت فعلا وتوزعوا على مخيم كلار الذي يضم 550 عائلة سابقة، وتتوزع بداخله ما بين 800 إلى ألف خيمة وكرفان. كما توجهت نحو 20 عائلة إلى مخيم الوند في خانقين، بعد أن نفدت جميع أموالهم على بدل إيجار ولوازم ضرورية أخرى".

وأشار إلى أنّ مئات النازحين تركوا أموالهم وممتلكاتهم هرباً من الحرب وداعش وبطش الميلشيات، ولجؤوا إلى مناطق آمنة في إقليم كردستان ومناطق أخرى من العراق، ولم يجدوا أمامهم غير الحياة والمعيشة الصعبة، من ارتفاع أسعار الإيجارات والمواد الغذائية، وانعدام الخدمات الأخرى، ونفاد ما كانوا يملكون، والصعوبة في الحصول على فرصة عمل في ظل انعدام الدعم الحكومي والدولي.

وقال "داخل المخيمات تكمن المعاناة الحقيقية، لأنها تخلو من أبسط مقومات العيش الكريم، في ظل الظروف المناخية القاسية في العراق، وارتفاع حرارة فصل الصيف إلى أكثر من 55 درجة مئوية، حيث تصبح الخيام والكرفانات عبارة عن "حمامات ملتهبة"، كما تفتقر بعضها إلى الخدمات الصحية الكافية وخدمات تعليمية لأطفال في سن الدراسة".

يذكر أن عدد النازحين في العراق، منذ بداية شهر يناير/كانون الثاني 2014 إلى منتصف هذا العام، بلغ 3.306.822 فردا، أي ما يعادل 551.137 عائلة موزعة على 105 بلدان و3.845 موقعاً، حسب مصفوفة تتبّع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة.

 

المساهمون