إدمان بلجيكي على الألعاب الإلكترونية

28 يونيو 2019
الذكور يلعبون أكثر من الفتيات (ميكايل غوتشالك/ Getty)
+ الخط -

تستغرق الألعاب الإلكترونية الكثير من وقت المراهقين والشباب البلجيكيين من الجنسين. وبينما يشدد الخبراء على أنّها تسبب الإدمان، فإنّهم يشيرون إلى حلول ممكنة

ستة شباب بلجيكيين من الجنسين، من كلّ عشرة، يمضون أوقاتهم في اللعب الإلكتروني، سواء على هواتفهم الذكية أو أجهزة الكمبيوتر اللوحية، وأربعة من كلّ عشرة يستخدمون أيضاً أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الألعاب من قبيل "بلاي ستايشن" و"إكس بوكس" وغيرهما للعب، وذلك وفقاً لمسح أجرته إحدى مؤسسات التأمين في لقاء مع 976 شاباً تتراوح أعمارهم بين 12 و23 عاما. تؤكد الدراسة الاستقصائية أنّ هذا النشاط يستهلك الكثير من الوقت، إذ يمضي المراهقون 11 ساعة في الأسبوع في المتوسط على شاشاتهم في اللعب الذي يقطع أيّ علاقة لهم بالعالم الواقعي: "عند الحديث عن الشباب والألعاب الإلكترونية الخاصة بهم، غالباً ما تظهر الكلمات مثل الإدمان في المناقشة. خطر يدركه بوضوح هؤلاء الشباب، إذ يدّعي أكثر من نصفهم أنّهم شعروا يوماً ما بنوع من الذنب والإحساس السلبي نتيجة للألعاب. كذلك، فإنّ 60 في المائة يقولون إنّهم عانوا من بعض أشكال الألم الجسدي، في العينين أو الرقبة أو الرأس أو الإبهام أو الذراعين، بالإضافة إلى التأثير على النوم وقلة الوقت لأنشطة أخرى" كما يقول الخبير في التدريب الإعلامي، إيف كولارد، لـ"العربي الجديد". ويشير إلى أنّه "جرى تصنيف خطر الإدمان كأول عيب للألعاب الإلكترونية من قبل 43 في المائة من الشباب".




من ناحية أخرى، فإنّه إذا كانت هذه الألعاب في المقام الأول وسيلة لتمضية الوقت، فإنها تسمح أيضاً لهؤلاء الشباب باستخدام قوّتهم الذهنية بشكل ضاغط، خصوصاً لجهة الهروب من الواقع، فتمنحهم الشعور بأنّهم جزء من مجتمع من اللاعبين: "من وجهة نظر تطورها، فإنّ هذه الألعاب الافتراضية لا تخلو من الاهتمام أيضاً، فهي تساهم في التنسيق ما بين التركيز وحلّ المشكلات والإحساس بالقدرة على التحليل، والتطرق إلى تحديات التعليم وإخفاقاته" بحسب كولارد.

يكشف المسح أيضاً أنّ الشبان الذكور يلعبون أكثر من الفتيات، إذ يلعب ستة شبان ذكور من كلّ عشرة، مقابل ثلاث بنات من كلّ عشر. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ نسبة الذكور الذين يلعبون أكثر من عشر ساعات في الأسبوع، أكبر بكثير من الفتيات اللواتي يلعبن هذا العدد من الساعات. لكنّ هذا لا يعني أنّ الفتيات يمضين وقتاً أقل أمام الشاشة، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى استخدامهن الكثير من الشبكات الاجتماعية. وفي هذا الإطار، تقول الخبيرة في التدريب الإعلامي، إلك بودري: "يفسر هذا الاختلاف حقيقة أنّ الذكور يبحثون أكثر عن المغامرات في الألعاب الافتراضية. فالعديد من هذه الألعاب استراتيجية وتلعب في مجموعات ربما يحتاجها الصبيان أكثر من الفتيات". وتلاحظ بودري أيضاً أنّ كلاًّ من الذكور والإناث يلعبون لتمضية الوقت، فالألعاب الإلكترونية تسمح لهم بتصريف الطاقة والشعور بالإثارة المباشرة".

بالعودة إلى كولارد، فإنّه يشير إلى أنّ المسح "يؤكد اهتمام الشباب بالشاشات الإلكترونية ويسمح لنا أيضاً بفهم أنّ الألعاب والخيال هي أبعاد مهمة في تنمية شخصيتهم". يتابع أنّها فرصة لتجاوز الخطابات التي تثير القلق في بعض الأحيان حول هذا الموضوع "وليس لأنّ الشاب يلعب كثيراً، أو ربما يهمل مجالات أخرى من حياته، فهو بالضرورة في مرحلة الإدمان". فنسبة الشباب المدمنين فعلياً على الألعاب بشكل مَرضي تشكل الحد الأدنى مقارنةً بنسبة أولئك الذين يعتبرون مرضى على أساس سلوكهم: "علاوة على ذلك، ترفض منظمة الصحة العالمية الحديث عن الاضطراب المرضي قبل سن 18 عاماً، لأنه من الصعب للغاية التمييز بين ما يحدث في مرحلة المراهقة، من اكتئاب وانطواء على النفس وعدوانية مثلاً، أو إدمان حقيقي للألعاب الإلكترونية". ومن الأسباب الأخرى لعدم القلق أنّه "على عكس المخدرات، فإنّ الإدمان على الألعاب الإلكترونية لا يمنع العودة يوماً ما إلى الاستهلاك الطبيعي، والتنظيم الذاتي. لا ينبغي أن تقلق نتائج هذا المسح الأهل، لكن يجب تشجيعهم على مرافقة أطفالهم في هذا الاستخدام".

وفقاً للمسح، لم يتلق 34 في المائة من الشباب المستطلعين أيّ حظر من قبل آبائهم. وترى بودري أنّه لا يمكن تجاهل هذه الأرقام، مع الحرص على عدم استخلاص نتائج سلبية بسرعة: "تعدّ الألعاب الإلكترونية جزءاً من عالم الأطفال، لكن من المهم أن يضع الآباء والأمهات حدوداً واضحة لأطفالهم، باستخدام الحسّ السليم. وإذا شعروا أنّ طفلهم يلعب كثيراً، فيمكنهم تنبيهه إلى ذلك. فليس لأنّهم لا يفهمون العالم الافتراضي الذي يتطور فيه طفلهم، لا يستطيع الأهل وضع الحدود. لكن في نفس الوقت، ليس لأنّ الطفل لا يريد المجيء للغداء أو العشاء مرة واحدة يمكن للمرء أن يستنتج تلقائياً أنّه مدمن على الألعاب الإلكترونية".




من جهته، يعتبر كولارد الأمر المهم هو أن يناقش الأهل مع أطفالهم، لإظهار أنهم لا يحتقرون نشاطهم. ينصح كولارد بتطبيق قاعدة تضم "التنظيم الذاتي، أي تطوير طقوس الأيام التي لا يسمح بها باللعب، وكذلك التناوب، أي استعمال ألعاب وأنشطة أخرى غير الألعاب الإلكترونية، وأيضاً الحوار بين الأهل والأبناء".
دلالات
المساهمون