نور.. من سورية إلى لبنان هرباً من الخدمة العسكريّة

03 مايو 2016
"عملي ليس عيباً. العيب هو مدّ اليد" (العربي الجديد)
+ الخط -

كثيرون هم السوريون الذين تركوا البلاد خوفاً من الموت وهرباً من القصف والدمار. لكنّ حكاية نور تختلف، إذ لجأت وزوجها إلى لبنان هرباً من الخدمة العسكريّة الإلزاميّة. حان وقت استدعائه للخدمة، فقصدا لبنان "بحثاً عن حياةٍ له"، خصوصاً أنّه "سوف يتعرّض من دون شكّ لإصابة أو حتى للموت أثناء مشاركته في المعارك الدائرة في سورية".

نور البالغة من العمر 19 عاماً، من منطقة الغوطة من ريف دمشق. تزوّجت قبل سنة تقريباً، لتلجأ إلى لبنان مع زوجها قبل خمسة أشهر. اليوم، تعمل في محطة للمحروقات في منطقة عبرا، شرق مدينة صيدا (جنوب). في محطة المحروقات، تعمل على تعبئة خزانات المركبات بالبنزين.

تقول نور: "صبرنا في بلدنا منذ بداية الحرب. ولم نلجأ إلى لبنان خلال بداية الأحداث، لأنّ منطقة الغوطة كانت محاصرة. لكنّ الوضع تغيّر بعد فكّ الحصار. وفي حين قرر أبي البقاء فيها، خرجت أمّي مع إخوتي من الغوطة. لكنّ أهلي ظلّوا في سورية، بينما جئت وزوجي إلى لبنان". تضيف: "زوجي مضطر إلى الالتحاق بالتجنيد الإلزامي. وخوفاً من أن يصيبه أيّ مكروه، قررنا ترك البلاد".

عند وصولهما إلى لبنان، سكنا عند عمّة زوجها، قبل أن يستأجرا غرفة في بناية في منطقة عبرا. تخبر: "هي غرفة مع مطبخ صغير وحمام في الطابق السفلي. ولما كانت المعيشة مكلفة في لبنان، اضطررت إلى العمل لمساعدة زوجي في تأمين مصاريف البيت. هو أيضاً يعمل في محطة للمحروقات".

لم تتابع نور تعليمها وقد تركت المدرسة في المرحلة المتوسطة، تحديداً في الصفّ السابع أساسي. لذا، "كان من الصعب أن أجد عملاً يناسبني. في هذه المحطة، كانوا يطلبون شخصاً للعمل في تعبئة الوقود. كانت تلك فرصة لي، لأننا بحاجة إلى المال حتى نستطيع تسديد بدل إيجار المنزل البالغ 300 ألف ليرة لبنانية (200 دولار أميركي)، واشتراك مولّد الكهرباء، وغيرهما من المتطلبات الحياتية الضرورية المكلفة جداً". تكمل سردها: "عملت بداية في هذه المحطة أربعة أشهر، لكنني استصعبت الأمر وتركت العمل. ولأنّ حاجتي إلى المال كبيرة، عدت إلى المحطة وبدأت عملي من جديد فيها في أول شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

يبدأ دوام عمل نور عند الساعة الثانية عشرة ظهراً وينتهي عند التاسعة مساءً، وهو أمر ليس بسهل عليها "لكنّ حياة زوجي أهم". عن عملها في محطة المحروقات الذي يُعدّ في مجتمعاتنا العربية مستغرباً، تقول نور: "أشجّع النساء على العمل في هذا المجال وفي كل المجالات. هذا ليس عيباً. العيب هو احتياجها إلى مدّ اليد".

بعد شهر تقريباً، يتوجّب على نور وزوجها تجديد إقامتيهما في لبنان، "وهي مكلفة. هذا أيضاً سبب يدفعني إلى العمل هنا". تكرّر أنّ "المعيشة في لبنان باهظة للغاية. ففي سورية، وعلى الرغم من الحرب الدائرة، إلا أنّ المعيشة فيها أرخص، وكل شيء متوفر".


المساهمون