أطفال بلا حليب

21 أكتوبر 2014
حرب جديدة على أطفال سورية (أوزغي إليف كيزيل/الأناضول)
+ الخط -
يواجه أطفال حلب مجدداً، أقسى تداعيات الحرب الدائرة في بلادهم، لا حول لهم ولا قوة. فصيدليات المدينة تخلو من حليب الأطفال. وهو ما يشكل خطورة بالغة على كلّ الأطفال الذين لم يتمّوا عامهم الأول، ممّن يعتمدون على الحليب الصناعي.
ويوضح الطبيب عدنان الآغا، الذي يدير صيدلية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "آخر دفعة من حليب الأطفال تم توزيعها على الصيدليات، كانت قبل أكثر من شهر، وبكميات محدودة". ويضيف أنّه تمكن من شراء 20 عبوة فقط لصيدليته.
ولا يختلف الأمر كثيراً في المدن السورية الأخرى. فمعظم المحافظات تعاني من نقص شديد في الكميات المتوافرة فيها من حليب الأطفال.
ويكشف غالب (رفض الكشف عن اسمه الكامل)، وهو مدير لأحد مستودعات المواد الدوائية وأغذية الأطفال، لـ"العربي الجديد"، أنّ "وقف استيراد التجار والوكلاء للحليب، هو المسبب الرئيسي للأزمة التي تصيب جميع المحافظات السورية داخل مناطق النظام". ويفسّر بأنّ "الوكلاء المعتمدين توقفوا في الآونة الأخيرة عن الاستيراد، بسبب ارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة السورية في السوق السوداء، وغياب الدعم والتمويل الحكومي لاستيراده".
أما بخصوص الانقطاع التام في حلب، فيقول إنّ "معظم المستوردين والوكلاء لا يجازفون بإرسال شحنات من حليب الأطفال إلى المحافظة، وذلك بسبب الخطورة العالية، واحتمال مصادرتها من قبل الحواجز الموجودة على الطريق، بحجة أو بأخرى، إضافة الى التكاليف الإضافية التي ستترتب عليهم"، ويضيف أنّ "أصحاب المستودعات الخاصة من أهالي حلب تكفلوا، السنة الماضية، بشرائها من المستوردين وإيصالها على مسؤوليتهم وتوزيعها في المدينة، لكنّ المستوردين يكتفون اليوم بتوزيعها في المدن الساحلية والعاصمة".
ويعتمد السوق السوري على نوعين أساسيين من حليب الأطفال. ويشير الآغا إلى أنّ "أكثر الأنواع مبيعاً (ماركة عالمية)، يصنّع في إيران، ويستورد مباشرة منها. وهو ما يثير تساؤلات كثيرة عن حقيقة المساعدات الذي تقدمها إيران للشعب السوري".
بدائل
يؤكد الطبيب قصي، رفض الكشف عن كامل اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ضعف الوارد الغذائي الصحي لدى الأمهات يؤدي بشكل واضح الى ازدياد أعداد غير المرضعات، ويجبرهن على اللجوء إلى الحليب الصناعي لتغذية الأطفال".
ويتحمّل أهالي الأطفال اليوم مسؤولية تأمين الحليب لصغارهم وحدهم. وتروي أم فادي، وهي أم لطفلين، لـ"العربي الجديد"، أنّ طفليها التوأمين "اعتمدا، لثلاثة أيام متواصلة، على الماء والسكر، حتى أرسل أحد أقاربي علبتي حليب من اللاذقية".
فيما يضطر الكثير من الأهالي لتغذية أطفالهم بحليب مخصص لأعمار أكبر. وتشير المتطوعة في منظمة الهلال الأحمر، عائدة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "عشرات الأمهات أحضرن أطفالهن إلى المستوصف بسبب اضطرابات هضمية، سببها تغيّر نوعية الحليب الذي يتناولونه". وتوضح أنّ "الأطباء المتطوعين قاموا أخيراً بتوجيه جميع الأمهات إلى ضرورة تعقيم وتخفيف الحليب المخصص للكبار عندما يضطرون الى استعماله، وذلك بسبب احتوائه على نسب أعلى من البروتينات والمواد الدسمة التي تسبب هذه التأثيرات الهضمية".
من جهتها، تشتكي أم أحمد، لـ"العربي الجديد"، من عملية احتكار يقوم بها عدد من الصيادلة وأصحاب المستودعات. وتروي أن "إحدى الصيدليات تقوم بتأمين علبة واحدة بسعر مضاعف، وقد اشترطت عليّ دفع ثمنها واستلامها بعد 3 ساعات دون إيضاح السبب". وتعتبر أم أحمد أنّ "السعر الحقيقي لحليب الأطفال وحده، والذي يصل الى نحو 6500 ليرة سورية (40 دولاراً أميركياً) شهرياً، يشكل عبئاً مادياً ثقيلاً على الأهل، عدا التكاليف الإضافية المترتبة عليهم اليوم لتأمينه".
دلالات
المساهمون