غزة: ندرة الدواء تنذر بزيادة أعداد الشهداء

08 اغسطس 2014
مصابو العدوان الإسرائيلي على غزة لا يجدون الدواء
+ الخط -

 أيام قليلة على نفاد دواء الـ"أكامول" كانت كفيلة بزيادة آلام المصاب حامد أبو راضي الذي يرقد على سريره داخل قسم الجراحة في مستشفى كمال عدوان شمالي غزة.

العقار خافض للحرارة ويحقن بالشريان الوريدي، وبات العثور عليه مستحيلا في قطاع غزة، فعمل محمد أبو راضي الأخ الأصغر لحامد على البحث عن العلاج في جميع المستشفيات والصيدليات من دون جدوى، خاصة أن شقيقه لم يتناول جرعات العلاج من العقار منذ سبعة أيام كاملة.

ويقول محمد لـ"العربي الجديد": "حالة حامد سيئة، وتزداد سوءاً كل يوم، فهو بحاجة لخافض حرارة بشكل يومي بعد إصابته في كتفه ويديه إصابة خطيرة كانت قريبة من القلب، والأطباء يعملون بجد للبحث عن العلاج، ووجدوا العقار مرة واحدة في ظل الانقطاع، لكن لم يتوفر بشكل كامل".

واضطر محمد للبحث عن علاج بديل يخفف بنسبة بسيطة ألم أخيه، لكنه لم يجد سوى المسكنات العادية التي لا تجدي نفعاً مع حالة حامد، وخلالها عاود الضغط على الأطباء حتى أصبح يتناول كل يومين علاجا ذا مفعول أقل من علاجه الأساسي.

أما رمضان داود الذي يعالج في مستشفى شهداء الأقصى فلم يتحمل الآلام بعدما قطع عنه مسكن الآلام الذي تناوله لمدة عشرة أيام، واضطر إلى شراء مُسكن أقل تأثيراً، وهو ما يخفف عنه شيئاً من الألم.

عائلة رمضان بحثت عن علاج بديل في ظل استمرار آلامه بعد الإصابة التي سببت له قطع رجله اليسرى وإصبعين، وقامت بدورها بشراء العديد من الأدوية المسكنة بجميع الأنواع، لكنها كانت لساعات محدودة تخفف الآلام، وترجع ما إن تمضي الساعات ويزول تأثير المسكن، حتى يبدأ الصراخ.

تقول أم نشأت والدة رمضان لـ"العربي الجديد": "الطواقم الطبية منذ بدأ ابني تلقي العلاج أخبرتنا أنها ربما لا تستطيع توفير علاجه اللازم بشكل يومي، وهذا يتطلب منا الوقوف معه لتحمل الآلام، إلى أن نتمكن من تحويله إلى مصر".

لم تتحمل الوالدة رؤية ابنها يتألم أمام عينيها بل بحثت عن دواء في العديد من الأماكن، وطلبت من الأطباء أن يصفوا علاجات تخفف آلام ابنها، وبدورها لم تعثر على أي دواء، حتى أوصى مدير المستشفى بعض الجهات للعمل على توفير المسكن.

قصة رشيد مطير، مختلفة عن غيره فهو لم يحصل على علاجه اللازم مع حاجته للعلاج بعد الإصابة، ويقول لـ"العربي الجديد" من داخل قسم العظام: "أصبت بكسر في يدي واحتجت من اليوم الأول مسكنات قوية، لكني أُبلغت أن أشتري العلاج من الخارج، وفي الصيدليات لم يكن موجودا على الاطلاق".

وأضاف مطير أنه تلقى مسكنات خفيفة بكمية كبيرة لشدة آلام العظام، وتحمل هذا الألم لمدة خمسة أيام حتى حضر وفد طبي أجنبي أحضر معه بعض المسكنات.

في ظل بحث العائلات عن بديل علاجي، لم تتلق الصيدليات علاجا يغطي نسبة من حاجة المرضى للأدوية، ويقول الصيدلي سائد الغرابلي "في ظل شهر من العدوان لم يدخل للصيدلية أي نوع علاج جديد سوى العلاج البسيط الذي يغطي حالات مرضية خفيفة، وفي اليوم يحضر أكثر من 50 مريضا ومعهم وصفة أدوية تضم علاجا غير متوفر".

ويضيف الغرابلي أن الأدوية المنتهية كلها أدوية ضرورية، تؤكد مدى صعوبة حالة المصاب، فغالبية الأدوية مسكنات ومضادات حيوية وأدوية أعصاب، وهذه الأدوية في الأيام العادية كانت نادرة والحصول عليها صعب عبر المعابر أو الأنفاق.

ويتفق معه الصيدلي محمد العشي، فهو أيضاً يتلقى يومياً وصفات طبية لحالات إصابات مختلفة لا يستطيع تغطيتها، حتى أنه لم يستطع توفير علاج عاجل لأخيه المصاب أيمن الذي أصيب في الجمجمة وفي ظهره.

ويقول لـ"العربي الجديد": "في ظل الأزمة، قمت بالاتصال بالكثير من الزملاء في الصيدليات لتوفير علاج عاجل لأخي ولم أجده وتواصلت مع وزارة الصحة ونقابة الصيدليين ولم أجد عندهم، وهذا يؤكد أننا نمر بكارثة صحية في ظل استمرار إغلاق الحدود".

مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة الدكتور أشرف أبو مهادي، أكد أن إصابات العدوان الإسرائيلي غالبيتها تحتاج إلى علاج مطول بعقارات قد يمتد تناولها لعام أو أكثر، وهذه العقارات غير متوافرة لدى مخازن الصحة في غزة في ظل الأزمات التي يمر بها القطاع.

ويشير إلى أن وزارة الصحة دخلت الأزمة بمخزون علاجي ضئيل، ما جعل الأزمة تفوق المتوقع في ظل احتياج المستشفيات لأدوية منوعة في كامل الأقسام وخصوصاً الجراحية والأورام التي تعاني من نقص حاد.

ويلفت أبو مهادي إلى أنه خلال الحرب قامت المؤسسات الصحية والمنظمات العالمية بتزويد المستشفيات بمستلزمات الإسعاف والحالات الطارئة دون النظر للأدوية الأخرى، ولم تستقبل الوزارة الأدوية اللازمة لتغطية أزمتها حتى هذه اللحظة، على حد قوله.

المساهمون