"خطف تلاميذ في بيروت"... ما الذي حدث فعلاً؟

01 أكتوبر 2019
مرافقة الأهل لأطفالهم ضرورية (حسين بيضون)
+ الخط -
لا يفترض بأيّ شكل التساهل مع خطف الأطفال، خصوصاً في ظلّ دولة مثل لبنان يفترض ويروّج أنّها آمنة للمواطنين والسكان والزائرين.

على هذا الأساس انتشرت سريعاً التحذيرات من إقدام "أشخاص وعصابات على محاولة خطف تلاميذ" إحدى المدارس. الخبر بدأ بتسجيلين صوتيين، تتحدث في الأول منهما والدة طفلة في مدرسة "الليسيه الفرنسية اللبنانية" في بيروت، ذكرت أنّ متسولة حاولت خطف ابنتها بينما كانت تخرج من المدرسة بعد انتهاء الدوام، لكنّها منعتها. وفي الثاني، تتحدث والدة طفل في المدرسة نفسها، رداً على التسجيل الأول، أنّ سيارة جيب سوداء مظللة الزجاج، حاولت خطفه بعدما أنهى دوامه، وقد قال له سائقها: "والداك أرسلاني لأخذك" لكنّه لم يذهب معه، وأخبر والدته لاحقاً، التي اشتكت لإدارة المدرسة.

التسجيلان، وهما من مجموعة لأهالي تلاميذ المدرسة على تطبيق "واتساب"، استدعيا تقديم إدارتها شكوى إلى غرفة العمليات، في وحدة شرطة بيروت التابعة لقوى الأمن الداخلي، تاريخها يوم أمس الإثنين، جاء في محضرها المسرّب: "الساعة 12:27 من تاريخه وردنا اتصال هاتفي من الأستاذ زاهد حيدر مدير مدرسة ليسيه فردان مفاده أنّ جيب لون أسود زجاج حاجب للرؤية مجهول باقي المواصفات والسائق، أقدم نهار الجمعة بتاريخ 27-9-2019، حوالي الساعة 14:10 على التوقف بالقرب من مدخل المدرسة وطلب من الطالب (...) والدته (...) تولد 2006 لبناني، الصعود بغية إيصاله إلى المنزل لكنّه رفض، وعند الساعة 15:00 من تاريخ 27-9-2019 وأمام مدخل المدرسة المذكورة وأثناء وجود الطالبة (...) والدتها (...) تولد 2015 لبنانية برفقة والدتها أقدمت متسولة ترتدي جلباباً لونه أسود على احتضانها تحت العباءة ما أثار خوف الوالدة التي عملت على مناداتها ومغادرة المحلة. فصيلة الروشة تولت التحقيق".

في هذا الإطار، يقول المحامي لؤي غندور، لـ"العربي الجديد" إنّ المسؤولية القانونية تسقط عن المدرسة طالما أنّ العمليتين هما خارج أبوابها، مع ذلك فقد قامت إدارتها بواجبها المهني والأخلاقي تماماً إذ أبلغت قوى الأمن الداخلي التي نظمت محضراً.

ويشير إلى أنّ على قوى الأمن في هذا الإطار تقع مسؤولية مراجعة تسجيلات الكاميرات المحيطة بالمكان، لرصد السيارة المتورطة في العملية ولوحتها بهدف توقيفها. ومن جهة أخرى، يشير إلى أنّه كواحد من أهالي تلاميذ هذه المدرسة بالذات، يطلب من ابنيه الانتظار داخلها إلى أن يصل الشخص الذي يقلّهما ويعرفانه جيداً. ويشير إلى أنّ قوى الأمن الداخلي أرسلت دورية منذ أمس إلى المكان.

بدورها، تبدو السيدة رانيا بردى، مطمئنة لوضع ابنتها وابنها، وهما تلميذان ثانويان في المدرسة نفسها، إذ تشير إلى أنّ الدرك (قوى الأمن الداخلي) موجودون بكثافة بمحاذاة المدرسة (كون هذا الطريق هو المدخل المؤدي إلى قصر عين التينة، وهو مقر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري)، كما أنّ للمدرسة عناصر الأمن الخاصين بها، والمتواجدين على مدخلها، بالإضافة إلى عناصر الأمن الخاصين بمتجر "آ بي سي" المواجه لمدخل المدرسة.

ومع اتصال "العربي الجديد" بإدارة المدرسة، وطلب تحويلنا إلى مديرها، زاهد حيدر، لم تلبِّ مسؤولة الاستعلامات طلبنا، وأشارت إلى أنّ الإدارة لا تريد أن تتحدث إلى الإعلام في القضية. كذلك، حاول "العربي الجديد" التواصل مع رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، العقيد جوزيف مسلّم، على رقم هاتفه الشخصي، من دون الحصول على ردّ.

بعد ظهر اليوم الثلاثاء، وصل تسجيل ثالث، لسيدة تحدثت فيه عن محاولة خطف طفلين، عبر سيارة من أمام مدرستهما في بلدة ضهور الشوير، في المتن، بمحافظة جبل لبنان (وسط) ربطاً بما جرى في بيروت.

في المقابل، تقول ليلى حسين، وهي والدة تلميذين في مدرسة خاصة في بيروت إنّ التهويل الذي يحصل على مجموعات "واتساب" خصوصاً تلك العائدة لأهالي التلاميذ "لا مبرر له" في كثير من الأحيان، إذ "يهوى اللبنانيون تضخيم الأمور في أغلب الأحيان". وبصفتها متخصصة في علم الاجتماع التربوي، تشير إلى أنّ مثل هذا التهويل عندما يتفاعل معه الأهل والأبناء، يسبب توتراً للطرفين، طالما أنّ "جرعة التحذيرات من الأهل لأبنائهم في أيّ عمر كانوا ستزداد، وربما تصل إلى مرحلة الشكوك، وهو ما يحتمل أن يسبب انعدام ثقة بين الطرفين". وتؤكد أنّ المطلوب "معالجة الأمور بهدوء مهما كانت، ووضع كلّ شيء في حجمه الطبيعي - وإن كان خبراً خطيراً مثل محاولة الخطف - وعدم تناقل الأخبار غير موثوقة المصادر".

وفي هذا الإطار، نشر حساب قوى الأمن الداخلي على "تويتر"، مساء الثلاثاء، بياناً جاء فيه: "تناقلت وسائل الإعلام أخباراً حول شبكات لخطف الأطفال من أمام المدارس. بعد التحقيق، تبين أنّه لم تحصل أيّ عمليات خطف للأطفال من أمام المدارس، كما أنّ الأخبار المتداولة حول محاولات الخطف غير دقيقة والتحقيق ما زال مستمراً في حالة واحدة. إنّ قوى الأمن تطمئن المواطنين وتدعوهم إلى عدم الخوف والقلق".
المساهمون