محمد قطن خسر طفولته باكراً

18 اغسطس 2015
كنا نعيش حياةً أفضل (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يكن محمد قطن، البالغ من العمر أربعة عشر عاماً، يتوقع أن يُحرم من طفولته باكراً، ويترك مقاعد الدراسة ليصير عاملاً في محل لتصليح محركات الديزل للجرارات أو مولّدات الكهرباء، في محل في بلدة الوردانية في جنوب لبنان. لم يفكر يوماً أنه قد يترك منزله الذي هُدم جراء الحرب في سورية، أو يترك رفاقه الذين كان يمضي معهم أجمل أوقاته.

قطن، سوري الجنسية من مدينة إدلب. نزح إلى لبنان مع أمه وإخوته قبل عامين، بعدما اشتد القصف. سكن وعائلته في منزل استأجروه في حي الحميرة في الوردانية.

بحرقة، يتحدث عن أيامه الجميلة في المدرسة. يقول: "في سورية، كنت أذهب إلى المدرسة. كنتُ لا أزال في الصف الابتدائي الثالث. لكن حين جئت إلى لبنان، أخبرني والدي أنه يجب عليّ أن أعمل حتى أساعد والدي في المصاريف". يتابع: "نحن ثلاثة صبيان وفتاتان. هناك اثنان في المدرسة فقط، وهما أختي التي تبلغ من العمر ثمانية أعوام، وأخي الذي يبلغ من العمر اثنا عشر عاماً. يعملُ شقيقي الأكبر في محطة للوقود. ويساعد البقية والدي في أعمال البناء. فالمال الذي يجنيه لا يكفينا. لذلك، نضطر إلى العمل للمساعدة في تأمين المصاريف، وخصوصاً أن بدل الإيجار هو مائتي دولار شهرياً.

أما عن قصة هربه مع أهله من إدلب إلى لبنان، فيقول: "جئنا إلى لبنان قبل أن تشتد المعارك في إدلب. والدي كان يقيم في لبنان، وعمل هناك لفترة طويلة. وعندما اشتدت المعارك، استأجر منزلاً لنا، وطلب منا المجيئ خوفاً من أن نُصاب بأي مكروه جراء القصف".

يتابع قطن أنه "بعد مجيئنا إلى لبنان، اشتد القصف، وقصف المبنى الذي كنا نسكنه. يذكر أننا كنا نعيش في أفضل حال، بعكس حياتنا اليوم التي اختلفت تماماً. كان لي رفاق ألعب معهم، وبيت كبير يجمعنا، إلا أن الحرب دمرت كل شيء. أيضاً، كنت أذهب إلى المدرسة، حالي حال بقية الأطفال. لكن بعد النزوح، حُرمت من بيتي ومدرستي وكتبي ورفاقي. لا أطلب من الله سوى انتهاء الحرب في سورية، وأعود إلى بيتي ومدرستي ورفاقي، حتى نلعب سوياً أمام منزلنا".

يقول قطن: صحيح أنني لم أتقن عملي بشكل جيد، لكنني أحبه. مع ذلك، أفضّل العودة إلى بلدي، لأنني أفتقد جميع التفاصيل التي كنت أحبها. أفتقد أقاربي وعائلتي كلها. فقد صار كل واحد منّا في مكان بعيد عن الآخر. لا شيء يسعدنا وقد فقدنا القدرة على الاستمتاع بالحياة.

اقرأ أيضاً: ماكينة الخياطة لا تكفيه لإعالة أسرته