سوق السلسلة

02 مارس 2015
السوق مطمع للجمعيات الاستيطانية (العربي الجديد)
+ الخط -
لو أن حجارة الشارع القديم في حي السلسلة المتاخم للمسجد الأقصى نطقت، لروت معاناة التجار فيه، الذين اضطر العشرات منهم لإغلاق محالهم والتحول إلى أجيرين في أماكن عمل إسرائيلية أو لدى أصحاب شركات ومصانع محلية، لضيق الأوضاع الاقتصادية، والتفاف حبل الضرائب الإسرائيلية حول أرزاقهم.
وفيما يعاني التجار من اعتداءات دوائر الضريبة تتضاعف المعاناة من قبل المستوطنين، الذين يطمعون بالسيطرة على محالهم أو العقارات الموجودة هناك، لتوسيع الحي اليهودي المتاخم لسوقهم، كما فعلوا حين سيطروا على واحد من المحال فيه، ووظفوا فيه مستوطنًا يدعى "إيلي" لا ينفك يستفز أصحاب المحال.
ويزدحم على باب محل "إيلي" السياح الأجانب والمستوطنون، الذين يفدون إلى محله حصرياً، فيما يمضي أصحاب المحال الفلسطينيون أوقاتهم في انتظار زائر أو سائح يتسوق من محلاتهم.
عماد أبو خديجة، صاحب أحد المحال التجارية في السوق، يعاني من الهجمة الإسرائيلية بحق تجار السوق الفلسطينيين كبقية زملائه، لكنه يرى في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الأمر مختلف تمامًا، إذ يعتبر وجوده في محله رباطًا وصمودًا، فحائط البراق والمسجد الأقصى المبارك لا يبعد سوى عشرات الأمتار، ويصف ما يحدث بـ "الخطير جدًا".
ونجح أبو خديجة خلال السنوات الماضية بترميم محله وتوسعته، حتى بات مطمعاً لجمعيات استيطانية تتخذ من عقار في عقبة الخالدية مقرًا لها، ويقيم في المقر متتياهو دان، رئيس جمعية عطيرات كهانيم الاستيطانية، الذراع التنفيذية لعراب الاستيطان اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش، الذي يضخ سنويًا عشرات الملايين من الدولارات على نحو 75 بؤرة استيطانية في البلدة القديمة وحدها.
المستوطنون قدموا عرضًا لأبي خديجة لبيع محله بقيمة 24 مليون دولار، لكنه رفض فورًا، فيما يؤكد أبو خديجة بأن "ما يعانيه التجار في السوق من تراكم الديون يجعلهم في جحيم، وربما تدفع الأوضاع بالبعض إلى التسليم بالأمر الواقع، فبعض التجار اختار أهون الشرين، وأغلق محله كلياً، كما أن العشرات من المحال أغلقت تمامًا".
ويرى أبو خديجة وجود تقصير كبير من السلطة الفلسطينية حيال التجار، فهي لا تدعمهم في مواجهة غلواء الهجمة الإسرائيلية بحقهم، وهم الأحق بالدعم من أجل الصمود، "في مقابل ردٍّ بعدم وجود أموال مخصصة لدعم القدس، وفوق ذلك نطالب بالصمود، ونحن سنصمد أكثر، لكن إلى متى يستمر تجاهلنا؟ ولماذا لا يدرك المسؤولون حجم مأساتنا ومعاناتنا".
كان أبو خديجة تلقى عرضين بالمساعدة من جهات محلية؛ الأول بتحويل محله التجاري إلى "مجمع سياحي"، وهو بالنسبة له غير ناجح، إذ إن المستوطن "إيلي" وحده من يرتزق من حركة السياح والزوار إلى السوق، وأصحاب المحال الفلسطينيون لا إقبال عليهم.
فيما كان العرض الآخر بتحويل المحل إلى مراحيض عامة، فكان بالنسبة له أشد إيلامًا من سابقه، فكيف به أن يوافق والمنطقة بحاجة لحضور دائم لتجارها، فيبقي محله مفتوحًا حتى ساعة متأخرة من الليل رغم المضايقات والاعتداءات من المستوطنين وشرطة الاحتلال.
ويشعر أبو خديجة بالاستياء من الإعلام الفلسطيني الذي يتجاهل قضية البلدة وأسواقها وتحديدًا سوق السلسلة، حيث لا تسلم تلك الأسواق من المداهمات الضريبية على نحو يومي، فيما يقول "كأن القدس في كوكب آخر من هذا الإعلام".
زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، يقول لـ "العربي الجديد" إن الضغوط الاقتصادية على تجار البلدة القديمة، بما فيها سوق السلسلة، أدت إلى إغلاق نحو 250 محلّاً تجاريًّا، فيما قد يتصاعد العدد، لشح الموارد المالية المخصصة لدعم المقدسيين والتجار.
والعلاقة كما يرى الحموري في اضطراد مع جهود الاحتلال المستمرة والمتواصلة لتعزيز الوجود الاستيطاني اليهودي داخل منطقة الأسوار في البلدة القديمة، ما يعزز ضرورة توفير الدعم اللازم للمقدسيين وتحديديًا تجار البلدة القديمة، في وقت تضخ فيه سلطات الاحتلال عشرات الملايين من الدولارات سنويًا لتهويد البلدة القديمة والسيطرة عليها.
وسوق السلسلة تعود تسميته لأحد أبواب المسجد الأقصى الشهيرة ويدعى باب السلسلة؛ وهو الأكثر ارتفاعًا من بين الأبواب الأخرى، والواقع في الرواق الغربي للمسجد في الحي الإسلامي، بين المدرسة الأشرفية شمالاً، والمدرسة التكنزية جنوبًا، كما يشرف على شارع يضم العديد من المدارس الإسلامية في القدس وهو طريق باب السلسلة.
المساهمون