لا مستقبل للأفغان في وطنهم ولا في دول اللجوء

18 ابريل 2016
لاجئون أفغان في باكستان (ميتين أكتاس/ الأناضول)
+ الخط -

يُلام الأفغان إذا ما اتخذوا القرار بمغادرة بلدهم، على الرغم من الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة. وغالباً ما لا ينعمون بالاستقرار في البلدان التي يلجؤون إليها، وقد يرحّلون. وتبقى المعاناة الأكبر في باكستان.

طالبت الحكومة الباكستانية اللاجئين الأفغان الذين يعيشون على مقربة من الحدود الأفغانية ـ الباكستانية في إقليم خيبربختونخوا بالخروج الفوري من البلاد، في وقت ما زالت وزارة الداخلية تصرّ على تمديد فترة إقامة اللاجئين الأفغان في باكستان. وتخشى السلطات الأفغانية أن يمتد قرار الترحيل إلى مدن باكستانية أخرى، والتي يعاني اللاجئون فيها من صعوبات كثيرة منذ انتهاء فترة إقامتهم نهاية العام الماضي.

ولم تتمكّن الحكومة الفدرالية في باكستان من التوصّل إلى أي قرار نهائي بشأن اللاجئين الأفغان في باكستان، والذين يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين لاجئ، نصفهم مسجل لدى الحكومة، في ما يعيش آخرون بطريقة غير شرعية. إلا أن قرار الحكومة المحلية لا يمكن أن يكون قد اتخذ من دون التشاور مع الحكومة المركزية.

من جهة أخرى، يبدو أن الحكومة الأفغانية لم تعد مستعدة لاستقبال هؤلاء وغيرهم من اللاجئين الأفغان المشتتين حول العالم. تقول وزارة شؤون اللاجئين الأفغانية إن نحو سبعة ملايين و234 ألفاً و531 لاجئاً أفغانياً يعيشون خارج البلاد، منهم ثلاثة ملايين في باكستان، ومليونان و400 ألف في إيران، و390 ألفاً في أوروبا، و600 ألف في بلدان أخرى. وفي ظل الوضع الأمني والاقتصادي الصعب في البلاد، ما زالت موجات الهجرة مستمرة، خصوصاً إلى الدول الأوروبية.

بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد هاجر نحو 146 ألف أفغاني إلى أوروبا خلال العام الماضي، وتوجه 80 في المائة منهم إلى ألمانيا. يؤكد وزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني أن الحكومة الأفغانية تراقب وضع اللاجئين الأفغان، وخصوصاً في أوروبا، وتعمل على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة. ويلفت إلى أنه نظراً لتدفق المهاجرين إلى الدول الأوروبية، لن يسمح لكثيرين بالبقاء وسيرحلون عاجلاً أم آجلاً. وهذا ما حصل فعلاً، بعدما عاد نحو 115 أفغانياً إلى بلادهم من ألمانيا، بسبب مرارة العيش وصعوبة الحصول على اللجوء في أوروبا. ويوضح هؤلاء أن الأمور كانت مختلفة وليست كما وعدهم المهربون الذين يعملون على تهريب الأفغان إلى إيران وتركيا ثم إلى دول أوروبية مختلفة.




إلى ذلك، رحبت الأوساط السياسية والإعلامية بعودة اللاجئين من ألمانيا، علهم يتوقفون عن الهجرة إلى أوروبا. يؤكد رباني إن 1491 لاجئاً أفغانياً عادوا إلى البلاد من مختلف الدول الأوروبية خلال العام الماضي، لافتاً إلى أن 1700 لاجئ أفغاني لجأوا إلى السفارة الأفغانية في ألمانيا أخيراً، وطلبوا المساعدة للعودة إلى أفغانستان.

في ما يتعلّق بالإخراج الإجباري، فقد أكدت الحكومة الأفغانية رفضها الأمر. ولفت وزير شؤون اللاجئين حسين عالمي بلخي إلى عقد أكثر من خمسين جلسة مع مندوبي الاتحاد الأوروبي والمسؤولين في الدول الأوروبية خلال الأشهر الماضية، مشيراً إلى أن الحكومة الأفغانية لن ترضى بالإخراج الإجباري للمهاجرين الأفغان، سواء من أوروبا أو أي دولة مجاورة.  كذلك، أشار إلى أن الدول الأوروبية كانت تنوي إخراج 40 في المائة من المهاجرين الأفغان، إلا أنها أرجأت هذا القرار نتيجة للجهود المبذولة.

وكان رباني قد أشار إلى أن الخارجية أوصت جميع السفارات والقنصليات التابعة لها في الدول الأوروبية بعدم منح التأشيرات للمهاجرين الذين يجبرون على العودة إلى البلاد. وعلى الرغم من جهود الحكومة، يبدو الشعب الأفغاني مستاءً، وخصوصاً بعد تصريحات الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمدزي الأخيرة، خلال لقائه مع قناة "بي بي سي" الإخبارية، وقال فيها إنه ليس هناك تعاطف مع الذين يهربون من البلاد بسبب الوضع الأمني وضعف الاقتصاد. وطالب الأفغان بالبقاء في بلادهم والمساهمة في إعادة إعمارها بعدما مزقتها الحروب الدامية والمتواصلة.

على الرغم من انشغال وسائل الإعلام والسياسيين بملف المهاجرين إلى أوروبا، يبدو أن أزمة اللاجئين الأفغان في باكستان تتفاقم، في ظل ما يعانونه بسبب الملاحقات المتتالية من قبل الشرطة. يومياً، يعتقل المئات بسبب عدم وجود أوراق قانونية. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الباكستانية لم تتوصل إلى أي نتيجة حول تجديد فترة الإقامة. وكانت الداخلية الباكستانية قد أكدت في وقت سابق أن الحكومة تنوي تجديد فترة إقامة اللاجئين الأفغان في باكستان. إلا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الباكستانية، ومطالبة اللاجئين الأفغان بالخروج الفوري من مناطق في شمال غرب البلاد، تشير إلى أن باكستان قد تقرر ترحيل جميع الأفغان في وقت قريب، أو أولئك غير المسجلين على الأقل.

المساهمون