مأساة مخيم الأنصار

03 اغسطس 2019
يعاني المخيم من نقص المياه (أمين سنسار/ الأناضول)
+ الخط -
يوماً بعد يوم، تزداد الأوضاع المعيشية في مخيمات النزوح على امتداد الشريط الحدودي مع تركيا سوءاً، ويقاسي آلاف النازحين فيها مرارة العيش في ظل انعدام شبه تام للدعم من قبل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية.

على الحدود السوريّة ــ التركية، تقع عشرات التجمعات لمخيمات النازحين، ويضم كل تجمع عشرات المخيمات. وعلى الرغم من اختلاف أماكن وجودها، إلا أنها تعاني كلها من جراء سوء الأوضاع المعيشية والخدماتية. كما أن عمليات الإغاثة غير كافية، علماً أن عشرات المخيمات تنتشر بشكل عشوائي، وقد بناها النازحون.

وما زاد الطين بلّة عدم الاعتراف بها من قبل الجهات المسؤولة مثل إدارة شؤون المهجرين. كما أن كلّ المخيمات في حالة يرثى لها، وتحتاج إلى الكثير من المستلزمات من أجل حياة كريمة. مخيّم "الأنصار" واحد من بين عشرات المخيمات على الحدود السورية التركية، الذي يعاني قاطنوه من أوضاع معيشية صعبة للغاية، ويقع ضمن مخيّمات خربة الجوز، شمال مدينة جسر الشغور، في ريف إدلب الغربي، وشيّد مطلع العام 2015، من جراء حركة نزوح كثيفة شهدتها قرى وبلدات ريف محافظة اللاذقية. في ذلك الوقت، عمد النازحون إلى تشييد المخيم بجهود فردية وعلى نفقتهم الخاصة، بعد تجاهل المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري أحوالهم. وعمد النازحون إلى شراء كافة تجهيزات المخيم وتشييده حتى يستوعب أعداد العائلات التي نزحت. وفي الآونة الأخيرة، انضمت إليه عائلات نزحت بعد بدء عمليات التصعيد الأعنف من نوعها على مناطق ريف حماه الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي.




يبلغ عدد العائلات التي تقطن مخيم الأنصار في الوقت الحالي نحو 900 عائلة، أي ما يعادل نحو 4500 نسمة. ومنذ بداية إقامته، يشكو النازحون من عدم تدخل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية لتحسين الواقع المعيشي فيه، أو دعمه بأبسط المستلزمات الضرورية.

وتسود حالة من الفقر الشديد بين أوساط النازحين بسبب الفترة الطويلة على وجودهم فيه من دون أي دعم أو مساندة، عدا عن انعدام فرص العمل والبطالة المتفشية في المنطقة بشكل عام. ليس في المخيم مستشفى أو مركز صحي أو عيادة متنقلة أو نقطة طبية. ويحتاج النازح إلى قطع مسافة للوصول إلى أحد المستشفيات في مدينة جسر الشغور أو بلدة خربة الجوز أو غيرها من المناطق المجاورة. واليوم، تحتاج الخيام إلى تبديل بعد مرور أكثر من 4 سنوات، بسبب العوامل المناخية، كالحر الشديد والعواصف، كان آخرها في شتاء العام الماضي. وغرقت معظم الخيام وتشرد سكانها، ولم تعد صالحة لاستقبال الشتاء المقبل.

وفي المخيم مدرسة صغيرة عبارة عن خيمة لا تستوعب جميع أطفال المخيم، وتحتاج إلى العديد من المستلزمات والتأهيل ودعم المدرسين. ويعتمد بعضُ النازحين في المخيّم على ألواح الطاقة الشمسية لتأمين حاجتهم من الكهرباء، علماً أنه يوجد مولد كبير يملكه أحد النازحين. لكن العائلات معظمها فقيرة ولا تملك كلفة مد شبكات. ويعاني النازحون من قلة مياه الشرب التي لا تكفي لسدّ احتياجاتهم، ويجبرون على شراء صهاريج المياه من خارج المخيم، عدا عن الصرف الصحي السيئ وانتشار النفايات وسوء الطرقات المؤدية إلى المخيم.

من الناحية الإغاثية، يشكو قاطنو المخيم بسبب عدم توجه المنظمات الإنسانية للمخيم ودعمه بما يلزم من مواد غذائية ونظافة شخصية ومستلزمات أخرى. وفي حديث لـ"العربي الجديد"، يقول أحد النازحين في المخيم، مصعب الدندوش: "نزحت مع عائلتي من قرية الحويز في سهل الغاب في ريف حماة الغربي، وذلك بعد بدء عمليات التصعيد التي شنتها قوات النظام وحليفتها روسيا والقصف العنيف الذي تعرضت له قرى سهل الغاب، وتقدمها في قرى عدة، من بينها قرية الحويز. في البداية، توجهت إلى قرية أرملة الواقعة جنوب قرية خربة الجوز، وبقيت نحو شهر ونصف الشهر فيها، بعدما استأجرت منزلاً. ثم بدأت أحوالي المادية تسوء، ولم أعد قادراً على تحمل الأعباء. توجهت إلى مخيمات خربة الجوز. وحطّت بي الرحال وعائلتي في خيمة في مخيم الأنصار".



يضيف: "لم نحصل حتى الآن على مساعدات تُذكر. ويفتقر المخيم إلى الكثير من الخدمات، مثل دورات المياه، عدا عن تلف الخيام وسوء الطرقات وندرة المياه وصعوبة الحصول على الكهرباء وعدم توفر الأطباء والمدرسين". ويطالب المنظمات الإنسانية والجهات المعنية بشؤون النازحين بتوجيه الدعم اللازم للمخيم وتحسين وضعه الخدماتي، خصوصاً مياه الشرب، وإحداث مركز صحي داخل المخيم بهدف علاج الأطفال وعدم نقلهم إلى أماكن أخرى. كما يطالب بخطة دعم غذائية للعائلات العاجزة عن تأمين الغذاء، ودعم الجانب التعليمي وتبديل الخيام قبل قدوم فصل الشتاء، على اعتبار أنه لا بوادر لحلّ قريب "يضمن حق عودتنا بسلام إلى قرانا وبلداتنا".
المساهمون