تهمة العداء للنساء

19 اغسطس 2017
إرضاء المرأة العربية بعيد المنال (جيانلويجي غويرسيا/ فرانس برس)
+ الخط -
فور أن ينطق رجل بما يخالف الداعيات إلى تحصيل حقوق المرأة، يتهم بأنه معادٍ للنساء، أو راغب في بقاء الأوضاع الذكورية الظالمة، حتى لو كان في ما يقوله شيء من حق أو منطق، وحتى لو كان بين النساء من يتفق معه.

لنتّفق أولاً أن تحصيل حقوق النساء ليس مفيداً لهن فقط، وإنما تترتب عليه فائدة المجتمع العربي كله، وفي المقابل، فإن تغييب الأنظمة الحاكمة لحقوق المرأة لا يبرر الاتهامات النسوية الرائجة، والتي أرى أنها باتت تشمل الابتزاز، فالأصل أن كثيراً من حقوقنا جميعاً ضائعة، رجالاً ونساء.

مؤخراً، أقرّ الأردن قانوناً يمنع إفلات المغتصب من العقاب في حال اتفق مع ضحيته، أو أسرتها، على الزواج منها، وقبل يومين أقرّ البرلمان اللبناني نفس المنطق، وقبلهما أقرّ المغرب نفس الأمر، لكن تلك التشريعات لم تتعرّض لواقع رفض المغتصبة تقديم شكوى خشية من نظرة المجتمع، وكذلك إجبار الأسرة للمغتصبة على الزواج من مغتصبها لإخفاء الفضيحة، وهو ما ينسف الهدف من القوانين.

في تونس، اقترح الرئيس السبسي قبل أيام، مساواة النساء بالرجال في الميراث، وإمكانية زواج المسلمة من غير المسلم، وتحوّل الأمر إلى جدال شائك، وفي رأيي أن الجدال كان الهدف من المقترح بالأساس.

لاحقاً بات من يرفض المقترحين متهماً بمعاداة حقوق النساء، فضلاً عن الرجعية والتخلّف، ثم انتقلنا إلى رفض تدخل غير التونسيين في شأن داخلي؛ بما يخالف كل نظريات حرية الرأي، خصوصاً في قضية ذات أبعاد دينية، وعلى الرغم من أن الأمر ما زال مقترحاً يمكن رفضه.

يعلم أي مسلم يمتلك قدراً من الثقافة الدينية أن هناك حالات ميراث نصيب المرأة فيها أكبر من الرجال، وكل المسلمين يقرّون أن زواج المسلمة من غير المسلم محرم بنصوص دينية، قد يتجاوزها الزواج المدني. لكن كل ذلك يعتبر رجعية بالنسبة لبعض الناشطات النسويات اللاتي يتعامل بعضهن مع مقترح السبسي باعتباره قانوناً.

لم تفترض إحداهن رفض المقترح في حال طرحه على استفتاء شعبي، أو أن يعارضه البرلمان، ولا أعرف ماذا يمكن أن يفعل دعاة حقوق المرأة بنساء عربيات رافضات مساواتهن بالرجال.

إن قلت للناشطات النسويات إنه كان متوقعاً قبل إلهاء الناس بتلك القضايا الخلافية، أن يقضي السبسي على البطالة المتفشية، أو يستعيد حقوق المظلومين، أو يعمل على تطوير البنية التحتية في الريف، يعتبرونك ضدهن، وإن قلت إن المقترح سياسي وليس حقوقياً، أو أنه جزء من دعاية انتخابية، ويستغل حقوق النساء للتعمية على الفشل الحكومي، فأنت عندها ضد السبسي وضد المرأة معاً.

في المحصلة يبقى إرضاء المرأة العربية بعيد المنال.

المساهمون