ليبيا تطالب بحلول جذرية لظاهرة الهجرة عبر المتوسط

22 يوليو 2024
قد يرتفع عدد المهاجرين إلى 3 ملايين في ليبيا قريباً (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **منتدى الهجرة عبر المتوسط في ليبيا**: نظمت حكومة الوحدة الوطنية منتدى بمشاركة 16 دولة و12 منظمة دولية وأفريقية لدراسة مقاربة اقتصادية لمعالجة الهجرة السرّية عبر استثمار أموال في مشاريع تنموية بالدول الأفريقية المصدّرة للمهاجرين.

- **تحديات ليبيا في مواجهة أزمة الهجرة**: وزير الداخلية عماد الطرابلسي أشار إلى وجود أكثر من مليونين ونصف مليون مهاجر في ليبيا، وزيادة الجرائم، وإنفاق 330 مليون دولار على رعاية المهاجرين، مع تلقي 30 مليون دولار فقط من الاتحاد الأوروبي.

- **التحديات السياسية والإنسانية**: الباحث حامد بن حريز والناشط أنور الزوي أشارا إلى استخدام قضية المهاجرين كورقة ضغط سياسية، ورفض حكومة الوحدة الوطنية فرض توطين المهاجرين، مع تحذير من تسييس الأزمة بشكل يخالف الموقف الإنساني.

نظمت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا الأسبوع الماضي منتدى الهجرة عبر المتوسط، بمشاركة 16 دولة أوروبية وأفريقية، هي ليبيا وتونس والنيجر وتشاد والسودان والسنغال وإيطاليا ومالطا وفرنسا والنمسا واليونان وصربيا وتشيكيا وهولندا وإسبانيا وألمانيا، و12 منظمة دولية وأفريقية معنية بملف الهجرة من بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
وحدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، هدف المنتدى بدراسة مقاربة اقتصادية توفر حلولاً مناسبة لمعالجة ظاهرة الهجرة السرّية من خلال استثمار أموال تنفق في إدارة الأزمة لتمويل مشاريع تنموية في الدول الأفريقية المصدّرة للمهاجرين، وتوفير فرص عمل فيها تمهيداً لتخفيف المعاناة المعيشية والخدماتية التي تدفع الأفارقة إلى ترك بلدانهم. لكن المشاركين في المنتدى لم يصدروا أي قرار، واكتفوا بتأكيد ضرورة توفير حلّ جماعي لأزمة الهجرة.

وفي كلمته خلال الاجتماع الوزاري، تحدث وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي عن واقع المهاجرين وعرض لتداعيات أزمة الهجرة على ليبيا، وقال إن "أكثر من مليونين ونصف مليون مهاجر موجودون في ليبيا، ويرجح أن يرتفع هذا الرقم إلى ثلاثة ملايين قريباً في ظل توافد نحو 120 ألف مهاجر سنوياً من جنوب الصحراء إلى ليبيا".
واشتكى من أن "استمرار هذا التدفق غير المسبوق زاد الجرائم بكل أنواعها"، واعتبر أن "ليبيا تحاول وحدها معالجة أزمة المهاجرين في حين لا تتعاون الدول المعنية بملف المهاجرين بشكل حقيقي معها". مشيراً إلى أن ليبيا أنفقت أكثر من 330 مليون دولار على رعاية المهاجرين في مراكز الإيواء العام الماضي، ولم تتلقَ أكثر من 30 مليون دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي، وأن ليبيا لن تتعامل مع أي منظمة لا تتعاون معها بجدية في ملف الهجرة.
وفي شأن برامج حكومة الوحدة الوطنية، نفى الطرابلسي تلقي أي طلب رسمي لتوطين مهاجرين في ليبيا، وأعلن ترحيل 10 آلاف مهاجر إلى بلدانهم. مؤكداً استمرار بلاده في تنفيذ سياسة العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم كونها "بلد عبور وليست مصدّرة للمهاجرين، في حين لا بدّ أن تزيد الدول الأوروبية حجم مشاركتها في الحدّ من ظاهرة الهجرة السرّية".

الصورة
تصر ليبيا على أنها بلد عبور للمهاجرين (سيمون بوكاشيو/Getty)
تصر ليبيا على أنها بلد عبور للمهاجرين (سيمون بوكاشيو/Getty)

ويلفت الباحث الأكاديمي المهتم بقضية المهاجرين حامد بن حريز، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأرقام التي أعلنها الطرابلسي تؤكد رفض حكومة الوحدة الوطنية فرض توطين المهاجرين وتحويله إلى واقع يجب قبوله. والحديث عن تفشي الجريمة بسبب المهاجرين الذين يعيشون في ليبيا يشمل المهاجرين المتوطنين وليس من قدِموا لمجرد المرور إلى الشمال".
يتابع: "انتقد الطرابلسي منع الأوروبيين وصول المهاجرين إلى بلدانهم وتعمدهم إرجاعهم إلى ليبيا، وأيضاً محاولة استغلالهم الظروف السائدة في ليبيا لإعادة المهاجرين إليها باعتباره واقعاً مفروضاً، وهذا ما أشار إليه الدبيبة أيضاً بقوله إن ليبيا أصبحت في وضع يتأرجح بين رغبة الأفارقة في الهجرة وبين منع الأوروبيين مرورهم. لكن ضعف القدرات الليبية على استيعاب المهاجرين قد يسبّب عدم السيطرة عليهم، ما يهدد أوروبا فعلياً".
من جهته، يؤكد الناشط في مجال إغاثة المهاجرين، أنور الزوي، أهمية انعقاد منتدى الهجرة عبر المتوسط في طرابلس، لكنه يتخوف من مضمون الرسائل السياسية التي وجهتها ليبيا في المنتدى. ويبدي في حديثه لـ"العربي الجديد"، اعتقاده بأن قضية المهاجرين سياسية، وتستخدمها أطراف دولية ورقةَ ضغط بعضها ضدّ بعض، ويقول: "ربما شعرت ليبيا بأنها ضحية لخلفيات وكواليس، فمن جهة تدفع أطراف المهاجرين إليها من أجل المرور إلى أوروبا التي تمنعهم من الوصول إليها، وبمرور الوقت يتكدس المهاجرون في ليبيا التي تتضرر وحدها".

ويذكر الزوي أن تنظيم المنتدى تزامن مع إصدار القضاء الليبي أوامر بالقبض على مسؤولين في شركة "غدامس للطيران" على علاقة بمعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بتهم التورط بنقل مهاجرين على متن طائراتها إلى الولايات المتحدة عبر دولة في القارة الأميركية. ويشير إلى أن خطوة القضاء الليبي جاءت بعد إعلان واشنطن قلقها من هذا الأمر.
تابع: "ربما هدف المنتدى إلى توجيه رسالة تفيد بأن حكومة طرابلس لا تسيطر على الحدود الجنوبية والصحراء الليبية التي يعبرها المهاجرون، بل حفتر وقواته المتحالفة مع روسيا الخصم التقليدي للأميركيين"، ويحذر من مخاطر تسييس أزمة المهاجرين في شكل يخالف الموقف الإنساني تجاهها.

المساهمون