حتى اليوم الأحد، لم تكن الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا قد سجلت خارج الصين، وهي بلد البؤرة الأساسية للفيروس؛ مدينة ووهان. لكنّ ذلك تغير اليوم.
فيروس كورونا الجديد سجّل أمس تطوّراً لافتاً مع إعلان الفيليبين عن أول وفاة بالفيروس، وهي الوفاة الأولى على الإطلاق خارج الصين، التي تجاوز عدد وفيات كورونا فيها 300 حالة.
فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ الفيليبين سجلت، اليوم الأحد، أول حالة وفاة خارج الصين بفيروس كورونا المستجدّ، الذي أصاب حتى الآن أكثر من 14 ألف شخص حول العالم، منذ انتشاره في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، معظمهم في الصين.
وقال ممثّل المنظمة في الفيليبين رابيندرا أبياسينغيه، للصحافيين، إنّ الضحية صيني من مدينة ووهان ووفاته هي "أول حالة وفاة تسجّل خارج الصين" بالفيروس التنفّسي المميت الذي تفشّى في الصين ووصل إلى أكثر من 20 دولة.
وأضاف: "مع ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أنّ هذه ليست حالة انتقلت إليها العدوى محلياً. هذا المريض جاء من بؤرة هذا الوباء".
من جهته، قال وزير الدولة للشؤون الصحية فرانسيسكو دوكي إنّ المتوفّى فارق الحياة في مستشفى في العاصمة مانيلا وقد وصل إلى الفيليبين مع امرأة صينية تأكّدت إصابتها بالفيروس. وهذه المرأة، التي تتعافى حالياً من المرض في مستشفى في العاصمة، هي أول إصابة سجّلت في الفيليبين بالفيروس.
في الصين، أعلن المصرف المركزي أنّه سيضخّ 1.2 ترليون يوان (173 مليار دولار) في الاقتصاد لدعم جهود مكافحة الفيروس. وأعلن "بنك الصين الشعبي" في بيان أنه سيطلق العملية غداً الإثنين، بعد انقضاء عطلة رأس السنة الصينية التي جرى تمديدها جراء انتشار الفيروس، مشيراً إلى أنّ الخطوة تهدف للمحافظة على "سيولة معقولة ووفيرة" في النظام المصرفي وعلى سوق عملات مستقر.
وأضاف أن المبلغ الإجمالي للسيولة في المنظومة المصرفية سيكون أعلى بـ900 مليار يوان (129 مليار دولار) عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي الصين أيضاً، وقع تطور بخصوص الفيروس، إذ فرضت مدينة ونتشو في شرق البلاد اليوم قيوداً مشدّدة على تنقّلات سكّانها البالغ عددهم 9 ملايين نسمة وأغلقت عدداً كبيراً من طرقاتها الرئيسية في محاولة لاحتواء فيروس كورونا المستجدّ الذي يتفشّى بوتيرة سريعة في هذه المدينة الواقعة خارج البؤرة الأساسية.
وبموجب الإجراءات الجديدة، لم يعد مسموحاً سوى لفرد واحد فقط من كلّ أسرة بأن يخرج من المنزل مرة واحدة كلّ يومين لشراء الضروريات، في حين جرى إغلاق 46 من محطّات تحصيل الرسوم على الطرقات السريعة المدفوعة.
كذلك، أمرت السلطات الصينية بحرق جثث قتلى فيروس كورونا، بالقرب من مكان وجودهم، كما حظرت التقاليد الجنائزية، مثل مراسم الوداع. ومنعت نقل رفات قتلى الفيروس بين المناطق المختلفة، ولا يمكن حفظها بالدفن أو بأيّ وسيلة أخرى، ويجب تطهير الجثث ووضعها في حقيبة مختومة من قبل العاملين في المجال الطبي حسب الاقتضاء، ولا يُسمح بفتحها بعد الختم.
في كندا، دعا رئيس الوزراء جاستن ترودو مواطنيه إلى الوقوف صفّاً واحداً لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجدّ، محذّراً من ممارسة أيّ تمييز عنصري بحقّ أفراد الجالية الصينية في كندا. وحرص ترودو على تضمين خطابه بمناسبة حلول السنة الصينية الجديدة رسالة التضامن هذه مع الكنديين المتحدّرين من أصول صينية لطمأنتهم بعد ازدياد التعليقات العدائية أو العنصرية بحقّهم على وسائل التواصل الاجتماعي منذ بداية انتشار الفيروس.
طبياً، قال تشن تشي مين الخبير في قسم الطب التنفسي في مستشفى جامعة "تشجيانغ" في الصين، إنّ هناك خطراً محتملاً لانتقال الإصابة بفيروس كورونا الجديد بين الأم المصابة بالفيروس وجنينها. وتابع تشن أنّ الأنظمة المناعية والتنفسية للأطفال ليست كاملة كنظيرتها بالنسبة للبالغين والكبار، ولذلك فإنّهم معرضون بشكل أكبر لمشاكل مناعية وتنفسية في حال الإصابة.
وفي الإجراءات العالمية لاحتواء الفيروس، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن الاستعداد لفرض الحجر الصحي على ألف شخص، عائدين إلى الولايات المتحدة من الخارج، وأشارت إلى أنّ وزير الدفاع مارك إسبر وافق على طلب وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لتقديم الدعم لإسكان ألف شخص، قد يحتاجون إلى الحجر الصحي عند وصولهم من الخارج.
وذكرت وكالات أنباء روسية، نقلاً عن وزارة الدفاع، أن خمس طائرات عسكرية ستجلي مواطنين روساً من الصين بعد انتشار فيروس كورونا الجديد. وذكرت وكالة تاس للأنباء أن نحو 130 روسياً باتوا على أهبة الاستعداد لمغادرة إقليم هوبي بؤرة تفشي المرض.
عربياً، أعلنت سلطنة عُمان وشركة الخطوط الجوية السعودية، اليوم الأحد، عن تعليق الرحلات إلى الصين بسبب الفيروس. ومن جهتها، كشفت وزارة الصحة العامة في قطر أنّ نتائج الفحص المخبري الذي أجري لـ25 حالة مشتبه في إصابتها بكورونا أظهرت خلو 23 منهم من الفيروس، في حين ستظهر نتائج الحالتين المتبقيتين لاحقاً.
مزيج من الأدوية لمكافحة كورونا
قال أطباء من تايلاند، اليوم الأحد، إنهم شهدوا نجاحاً في علاج حالات شديدة من الإصابة بفيروس كورونا الجديد بمزيج من أدوية الإنفلونزا وفيروس إتش.أي.في (مرض نقص المناعة المكتسب الإيدز)، وأظهرت النتائج الأولية تحسناً كبيراً خلال 48 ساعة من بدء العلاج، وفقاً لما ذكرت "رويترز".
وقال الأطباء من مستشفى راجافيثي في بانكوك إن نهجاً جديداً في علاج فيروس كورونا حسّن حالات عدد من المرضى تحت رعايتهم، ومنهم امرأة صينية تبلغ من العمر 70 عاماً من مدينة ووهان أكدت التحاليل إصابتها بالفيروس قبل عشرة أيام.
ويشمل العلاج مزيجاً من عقارين لمكافحة فيروس اتش.إي.في، هما لوبينافير وريتونافير، إلى جانب جرعات كبيرة من عقار الإنفلونزا أوزيلتاميفير. وقال الطبيب كاريانجاسكا اتيبورنوانيتش المتخصص في علاج الرئة في جامعة راجافيثي للصحافيين "هذا ليس العلاج لكن حالة المريضة تحسنت بدرجة كبيرة. فبعد أن أثبتت التحاليل إصابتها بالفيروس قبل عشرة أيام جاءت التحاليل الجديدة سلبية بعد 48 ساعة من العلاج".
وأضاف أن "النتيجة جيدة بشكل عام، لكن ما زال يتعين علينا إجراء مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان هذا يمكن أن يصبح علاجاً". وكان مسؤولو الصحة في الصين قد بدأوا بالفعل في استخدام علاج الإيدز مع علاج الإنفلونزا لمكافحة فيروس كورونا.
وقال الأطباء التايلانديون إن استخدام العقاقير الثلاثة معاً حسّن العلاج فيما يبدو. وقال طبيب آخر إن نهجاً مماثلاً مع مريضين آخرين أصاب أحدهما بعرض جانبي متمثل في الحساسية لكن الآخر تحسنت حالته.
وقال سومساك أكسيليم المدير العام لإدارة الخدمات الطبية "كنا نتبع الممارسات الدولية لكن الطبيب زاد من جرعة أحد الأدوية"، مشيراً إلى دواء الإنفلونزا أوزيلتاميفير. وسجلت تايلاند 19 حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد، وشفي ثمانية مصابين منهم وعادوا إلى منازلهم وما زال 11 يتلقون العلاج في المستشفيات.
وقال سومساك إن وزارة الصحة ستعقد اجتماعاً غداً الاثنين لبحث العلاج الناجح لحالة السيدة البالغة من العمر 70 عاماً، لكنه قال إنه ما زال من السابق لأوانه القول إن هذا النهج يمكن تطبيقه على كل الحالات. وأضاف "في بادئ الأمر سنطبق هذا النهج على الحالات الحرجة فقط".