مأساة أطفال درعا... هروب من القصف إلى الجوع والأمراض

28 يونيو 2018
مشاهد القصف والدمار وذاكرة جريحة (Getty)
+ الخط -


هربوا من الموت قصفاً بغارات الطائرات ليلاحقهم الجوع والمرض، ويواجهوا أشعة الشمس الحارقة على الحدود السورية الأردنية، بعدما شهدوا أسوأ ما يمكن لأطفال أن يتعرضوا له من مشاهد القصف والدمار. هذا حال أطفال درعا، بعد نزوحهم مع أهاليهم من البلدات التي تستمر قوات النظام السوري وروسيا باستهدافها وتحاول السيطرة عليها باتباع سياسة الأرض المحروقة.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف)، من تدهور الوضع الإنساني للأطفال جراء التصعيد الذي يشهده الجنوب السوري، وأكدت في تقرير لها، أن ما لا يقل عن 20 ألف طفل اضطروا للنزوح من درعا مع عائلاتهم في غضون ثلاثة أيام، مشيرة إلى مقتل أربعة أطفال وإصابة كثيرين بسبب معارك الجنوب.

ولا تخفي سمية محمد (30 عاماً)، خوفها على أطفالها الثلاثة بعد نزوحهم من بلدة رخم، إذ تعاني ابنتها من مرض "الربو"، ما يجعلها بحاجة لرعاية واهتمام مستمرين، مع صعوبة الحصول على حليب لطفلها الصغير الذي تجاوز عامه الأول.

وتقول لـ"العربي الجديد": "أين سنذهب؟ وماذا سنفعل؟ لا نعرف، همّنا الوحيد حاليا هم أطفالنا الصغار الذين لا طاقة لهم على تحمل النزوح ومشاقه. الشمس تضرب خيمتنا في الظهيرة، وابنتي ترتفع حرارتها باستمرار، أما أخوها الأصغر فنجد معاناة كبيرة في الحصول على الحليب له، كما أنه يعاني من فقر في الدم بسبب نقص الحديد، وآخر علبة دواء شارفت على الانتهاء، أرجو من الله أن يحصل والده على واحدة، كي نستمر في علاجه ولا تتدهور حالته مرة أخرى".

ويصف أمين عمار (42 عاماً)، المعاناة التي يمرون بها بعد خروجهم من البلدة باتجاه حدود الأردن لـ"العربي الجديد": "نعاني من نقص المياه، والحصول عليها ليس بالأمر السهل، أذهب مع ابني الكبير على الدراجة النارية لأقرب بلدة لنحصل على المياه التي تكفينا. أشعر بمعاناته وتعبه، لكنه الوحيد الذي بإمكانه الذهاب معي، لأن أسعار الوقود مرتفعة جدا وهو يصر على مرافقتي ولا يمكنني منعه".

ويتابع "ابني الكبير هو الوحيد حاليا الذي يتحمل مسؤولية تفوق طاقته، لا أريد أن تدوم له هذه المعاناة، الطفولة التي مر بها ليست طبيعية، والآن النزوح أثر عليه بشكل كبير. أشعر بالحزن دائما عليه وأتمنى أن ينال حياة أفضل من حياتي".

وتعد الصدمات النفسية التي يتعرض لها الأطفال نتيجة أصوات القذائف الأسوأ والأصعب من كل المشاق التي يتحملونها نتيجة النزوح، كما يقول المواطن سعيد العمار لـ"العربي الجديد"، مبينا أن طفله خالد ابن التاسعة صار يتبول بشكل لا إرادي نتيجة الخوف من قصف الطائرات، كما أن الرعب الذي يحدثه صوت القصف يتسبب له بحالات من الهلع يتمنى أن تزول مع انتقالهم لمكان آمن.

وتقول الطفلة "راما" (11 عاما)، لـ"العربي الجديد": "القصف بالطائرات تواصل ليلا ونهاراً، كنت خائفة جدا، الجميع كان يبكي، دعوت الله أن يحمينا كما علمتني أمي، وضممت أخي الصغير بشدة وبعدها خرجنا من البلدة مع شروق الفجر، كانت المعلمة تقول لنا إنّ طفولتنا صعبة وتعلمنا أغنية (أعطونا الطفولة)".

وتتابع "راما": "أساعد أمّي في جمع الحطب لطهو الطعام، وهنا يوجد الكثير من الأشواك تجرح يديّ كثيرا، لكنني أحب المساعدة. نجلس في الخيمة التي صنعها أبي، نشعر بالحر كثيرا فيرش أبي الماء علينا، ونفرح عندما يفعل ذلك".

وتشير إلى أنها تتمنى أن تذهب إلى الأردن لتلعب مع ابنة عمتها هناك، والتي تتحدث معها عبر الفيديو عندما يكون الإنترنت متاحا، وأنها تريد أن تملك حقيبة مدرسية ملونة وأقلاما كثيرة كابنة عمتها.


أحلام طفولية مؤجلة، في ظل واقع مرير وأوضاع إنسانية تزداد سوءا مع استمرار العملية العسكرية على مناطق الريف الشرقي في درعا، إذ ارتفعت أعداد النازحين لما يقارب المائة ألف نازح خلال أيام، حسب إحصائيات محلية، معظمهم أقاموا بشكل عشوائي على الحدود السورية الأردنية، في غياب أي تدخل للمنظمات الدولية.​

دلالات