نصف مليار طفل في العالم يعيشون عدداً أكبر من أيام الحر الشديد مقارنة بأجدادهم

15 اغسطس 2024
أطفال يحاولون تبريد أجسادهم وسط الحر الشديد، مالي، 12 يوليو 2022 (بيرم أكايا/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تزايد الحر الشديد وتأثيره على الأطفال**: يشكل الحر الشديد المتزايد مصدر قلق كبير للأطفال، حيث يعيش خُمس أطفال العالم في مناطق تشهد أيامًا من الحر الشديد تضاعفت مقارنة بما كانت عليه قبل ستة عقود، مما يزيد من مخاطر الإجهاد الحراري.

- **تحليل يونيسف وتحذيراتها**: أظهرت تحليلات يونيسف أن الأطفال في 16 بلدًا يواجهون أكثر من 30 يومًا إضافيًا من الحر الشديد مقارنة بما كان عليه الحال قبل 60 عامًا، مما يفاقم من سوء التغذية والأمراض.

- **خطوات لدعم الأطفال في مواجهة الحر الشديد**: دعت يونيسف إلى تخفيض الانبعاثات، حماية حياة الأطفال عبر تكييف الخدمات الاجتماعية، وتمكين الأطفال ليصبحوا مناصرين للبيئة.

يمثّل الحر الشديد المرصود في الآونة الأخيرة مصدر قلق للمعنيّين، ويحذّرون من التهديدات الناجمة عنه والمعاناة التي يستبّب فيها. وهذا الحر الشديد المسجَّل على خلفيّة تغير المناخ الذي يضرب توازن كوكب الأرض يمثّل تهديداً إضافياً بالنسبة إلى الأطفال، وقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أنّه "خطر" عليهم، ولا سيّما على الأطفال الرضّع الذين ترتفع لديهم معدّلات ضربات القلب.

وقد أفادت منظمة يونيسف بأنّ خُمس أطفال العالم أو ما يعادل نصف مليار طفل تقريباً يعيشون في مناطق تشهد أياماً من الحر الشديد يساوي عددها، على أقلّ تقدير، ضعف ما كانت عليه قبل ستة عقود فقط. وخلصت منظمة يونيسف إلى ذلك، في تحليل يقارن ما بين متوسّط أيام الحر الشديد في ستينيات القرن الماضي ومتوسطها في الفترة ما بين عامَي 2020 و2024.

وتُطلق منظمة يونيسف، من خلال تحليلها الذي نُشرت نتائجه أمس الأربعاء، تحذيراً صارماً من سرعة تزايد أيام الحر الشديد واتّساع نطاقها. وأيام الحر الشديد تعني تلك التي تتجاوز الحرارة فيها 35 درجة مئوية، وهي تُسجَّل في مناطق يعيش فيها 466 مليون طفل ويفتقر كثير منها إلى البنى التحتية أو الخدمات اللازمة لتحمّل هذه المعاناة. والمناطق المُشار إليها تغطّي ثماني دول، بما في ذلك مالي والنيجر والسنغال وجنوب السودان والسودان، هي موطن أطفال يقضون أكثر من نصف عام في حرارة تزيد عن 35 درجة مئوية.

ولفتت المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسف كاثرين راسل إلى أنّ أيام الصيف الأشدّ حرارة صارت أمراً طبيعياً اليوم، لافتةً إلى أنّ "الحر الشديد في تزايد مستمر، الأمر الذي يضرّ بصحة الأطفال ورفاههم ونسق حياتهم اليومي". وشدّدت على أنّ "الأطفال ليسوا بالغين صغاراً في الحجم"، موضحةً أنّ "أجسادهم أكثر عرضة بكثير لمخاطر الحر الشديد". وتابعت أنّ أجساد الأطفال "تسخن بسرعة أكبر (مقارنة بالبالغين)، وتبرد ببطء أكبر".

وفي تحليل منظمة يونيسف المذكور، تَبيّن أنّ الأطفال في 16 بلداً يواجهون في الوقت الراهن أكثر من 30 يوماً إضافياً من أيام الحر الشديد مقارنة بما كان الأطفال يواجهونه قبل 60 عاماً. وفي جنوب السودان على سبيل المثال، يعيش الأطفال في العقد الجاري 165 يوماً شديد الحرارة سنوياً في المتوسط مقابل 110 أيام في ستينيات القرن الماضي، في حين قفز هذا المعدّل في باراغواي من 36 يوماً إلى 71.

وأظهرت منظمة يونيسف، في تحليلها، أنّ أطفال منطقة غرب أفريقيا ووسطها يواجهون الحر الشديد بأعلى وتيرة، لجهة التعرّض له، وبأكبر زيادة في عدد الأيام بمرور الوقت. وبيّن التحليل أنّ 123 مليون طفل أو 39% من أطفال المنطقة المذكورة يعانون أكثر من ثلث أيام السنة في المتوسط من حرارة تتخطّى 35 درجة مئوية. ويصل هذا المعدّل في السودان، على سبيل المثال، إلى 195 يوماً.

إجهاد حراري وسط الحر الشديد

في سياق متصل، بيّنت منظمة يونيسف أنّ الإجهاد (أو الإنهاك) الحراري، الناجم عن تعرّض الجسم للحر الشديد، يمثّل "تهديداً غير مسبوق لصحة الأطفال والنساء الحوامل ولرفاههم"، خصوصاً إذا لم تتوفّر وسائل التبريد أو التكييف. أضافت أنّ تزايد مستويات الإجهاد الحراري يساهم في سوء التغذية، وكذلك في الأمراض غير المعدية بين الأطفال من بينها تلك المرتبطة بالحر، فيما يجعل الأطفال أكثر عرضة للأمراض المعدية التي يزداد انتشارها وسط أجواء ترتفع فيها درجات الحرارة مثل الملاريا وحمّى الضنك.

وقد أظهرت الأدلة التي استندت إليها منظمة يونيسف أنّ الحر الشديد يؤثّر كذلك على النموّ العصبي والصحة النفسية والرفاه، ونبّهت المنظمة بالتالي إلى أنّ الحر الشديد يخلّف آثاراً أكثر إثارة للقلق عند التعرّض له لفترات أطول. وبيّنت أنّ ثمّة 100 بلد اليوم يعاني أكثر من نصف أطفالها من موجات الحر بوتيرة تبلغ ضعف ما كانت عليه الحال قبل ستّة عقود.

3 خطوات لدعم حق الأطفال وسط الحر الشديد

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد عبّر، في 25 يوليو/ تموز الماضي، عن قلقه إزاء الحر الشديد الذي يهدّد العالم، في حين لا تتحرّك الحكومات كفاية لاتّخاذ الإجراءات اللازمة بهدف الحدّ من تبعات هذه الأزمة. وقد أطلق غوتيريس، في هذا الإطار، نداءً عالمياً للتحرّك والعمل، وحثّ العالم كلّه على الالتزام به.

من جهتها، أشارت منظمة يونيسف أخيراً إلى وجوب أن تقدّم كلّ الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ (2015) خططا مناخية وطنية جديدة، أي المساهمات المحدّدة وطنياً، في الأشهر المقبلة، وقد دعت القادة والحكومات والقطاع الخاص إلى اغتنام هذه الفرصة لتنفيذ تدابير مناخية عاجلة وجريئة من شأنها دعم حقّ كلّ طفل في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة عبر خطوات ثلاث؛ تخفيض الانبعاثات وحماية الأطفال وتمكينهم.

وتقضي الخطوة الأولى بتخفيض الانبعاثات وتنفيذ الاتفاقيات الدولية الطموحة في مجال الاستدامة وتغير المناخ، مع ضرورة وضع حدّ لارتفاع درجات الحرارة. وتهدف الخطوة الثانية إلى حماية حياة الأطفال وصحتهم ورفاههم، وكذلك قدرة مجتمعاتهم على الصمود، وذلك من خلال تكييف الخدمات الاجتماعية الأساسية لتتلاءم مع المناخ المتغير والكوارث الأكثر تواتراً والبيئة المتدهورة. ومثالاً على ذلك، التأكد من تدريب كلّ عامل صحي على اكتشاف الإجهاد الحراري ومعالجته، وجعل المرافق الصحية والتعليمية قادرة على الصمود في مواجهة الحر الشديد المهيمن. أمّا الخطوة الثالثة فتقوم على تمكين كلّ طفل ليصير مناصراً للبيئة، في خلال مسار حياته، وذلك عبر توفير فرص النموّ له والتعليم والمهارات اللازمة لذلك.

المساهمون