أطفال "أوائل" من ذوي الإعاقة في المغرب

12 فبراير 2018
تتعلم التطريز (العربي الجديد)
+ الخط -

تسعى جمعيات كثيرة إلى إيلاء اهتمام أكبر بالأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصاً في القرى النائية. وفي المغرب، اختارت إحدى الجمعيات التركيز على تنمية قدرات الأطفال ذوي الإعاقة، وتوعية الأهالي حول كيفية التعامل معهم.

يستقبل مركز "التربية غير النظامية للأطفال في وضعية إعاقة" في مدينة مرتيل المغربية، والمركز "الاجتماعي" في المضيق شمال المغرب، 300 طفل، في وقت تضم لائحة الانتظار أطفالا كثيرين. في عام 2012، تأسست جمعية "الأوائل" من قبل 11 أبا وأمّا أطفالهم من ذوي الإعاقة. وفي عام 2014، فتحوا مركزاً صغيراً استقبلوا فيه 40 طفلاً، وبدأوا يوفّرون لهم خدمات تعليمية وصحية مختلفة. أطلقوا عليه اسم المركز الاجتماعي الخاص بالإعاقة الحركية العميقة ووحدة التدخل المبكر في مدينة المضيق. وفي عام 2017، افتتح مركز التربية غير النظامية في مدينة مرتيل. ويقول رئيس الجمعية رشيد الدردابي، لـ "العربي الجديد"، إن المركز يستقبل الأشخاص ذوي الإعاقة من عمر السادسة وما فوق.

وجود الجمعية كان مفيداً لمناطق مرتيل والمضيق والفنيدق، إضافة إلى بليونش والقرى المحيطة، التي تعد فيها نسب الأشخاص ذوي الإعاقة مرتفعة، خصوصاً مرضى التوحّد. في الوقت الحالي، يستقبل المركز 300 طفل بالمقارنة مع 40 في عام 2014. ويرتبط الأمر بوعي العائلات حول حقوق الأطفال ذوي الإعاقة. ويُلاحظ زيادة نسب الوعي في ظلّ ورش التدريب التي يخصّصها المركز للأمهات، حول كيفية التعامل مع نوبات الصرع لدى أبنائهنّ.

ويقول الدردابي إن المنطقة تفتقر لأطباء الأطفال، مشيراً إلى أن البعض يفضّل إخفاء أطفاله خجلاً من أعين المجتمع، وهذا خطأ كبير، إذ إنّ من حق هؤلاء العيش مثل الآخرين. يضيف: "نطمح إلى تحويل يأس الأهالي إلى أمل، وقد لاحظنا ارتفاع عدد ذوي الإعاقة. وكمجتمع مدني، نسعى إلى إيصال رسائل حول أهمية تمكين هؤلاء الأطفال".

ركّزت الجمعية جهودها على تأهيل الأطفال من خلال دمجهم في الأقسام المناسبة لهم. في قاعة التدرج والتكوين المهني الهادئة، كان هناك نحو 24 طفلة من ذوات الإعاقة الذهنية والسمعية، يتعلّمن التطريز. وتشرح المدرّبة سارة الزيدي لـ "العربي الجديد" أن درجة تعلمهنّ واستيعابهنّ تتفاوت، "لكنّني أستطيع التعامل مع جميعهنّ من دون صعوبات".

رقص (العربي الجديد) 


وأمام قاعة الترويض الطبي، كان يقف محمد، هو الذي فاز في المرتبة الأولى بالفروسية ببطولة شمال المغرب. كان يتعلم الرياضيات مع أطفال آخرين، استعداداً للامتحانات النهائية. محمد، ورغم كونه معوّقا حركياً، سيبدأ التدرب للمشاركة في مسابقة للفروسية في شهر مايو/ أيار المقبل. يقول لـ "العربي الجديد": "أحبّ ركوب الخيل رغم خوفي الشديد في البداية. لكن بمساعدة مدربي، استطعت التغلب على خوفي، وسأبداً قريباً التدرب مرتين أسبوعياً استعداداً للبطولة المقبلة". يضيف: "من خلال جمعية الأوائل، تمكنت من لعب كرة السلة أيضاً". يلقب محمد بالطفل الذكي، هو الذي كان منشغلاً في حل معادلات رياضية، ويقول: "تعجبني العلوم وسأدرسها في المستقبل".

طفل آخر يقول إنه يحلم بالعمل في المركز حين يكبر، لافتاً إلى أنه يحب اللغة العربية. وفي المركز، كان يتعلّم الرسم والكتابة. وتقول المشرفة سمية المالحي لـ "العربي الجديد": "أحاول مساعدة الأطفال على تعلّم الرياضيات. خلال هذه الحصة، واجهوا بعض الصعوبات لحفظ جدول الضرب، لكن إرادتهم قوية".

حصلت الجمعية على ميداليات عدة بعد تأهليها أطفالا، كان آخرها بطولة الزوارق الشرعية الدولية، وقد احتلت المرتبة الأولى. وساهمت الجمعية في تدريب أطفال على عدد من الرياضات، على غرار الغولف والتنس وركوب الدراجات الهوائية وكرة القدم وغيرها.


يتعلم الرسم (العربي الجديد) 


في المركز قاعات للتربية، يتعلّم فيها الأطفال كيفية تناول الطعام. وفي قاعة المسرح فرح موسيقى، وبدأ الأطفال التدرّب على مسرحية تعرض في اليوم العالمي للتوحد في مارس/ آذار المقبل. تفتح الجمعية أبوابها يومياً، وتؤمن حافلات للنقل في مقابل رسوم رمزية لا تتجاوز العشرة دولارات شهرياً. ويوضح الدردابي أنّ "معظم العائلات فقيرة ولا تستطيع دفع مبالغ مالية كبيرة للجمعية". لذلك، تعتمد الجمعية على فاعلي الخير، إضافة إلى الدعم الذي كانت قد حصلت عليه من بلدية المضيق ووزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية. يشار إلى أن عدد العاملين فيها هو 35.



إلى ذلك، يقول إدريس البيضاوي، والد الطفل محمد أمين الذي يعاني من التوحد: "لم يكن ابني يعرف الألوان، ولم يكن قادراً على التعرف إلينا. لكن بعد تسجيله في المركز، تحسنت قدراته، وصار قادراً على تحديد الحيوانات، حتى أنه يحفظ كلمات بالإنكليزية".

مؤخراً، قالت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي إن هناك 2 مليون ونصف شخص من ذوي الإعاقة في المغرب، 42.5 في المائة منهم يعيشون في القرى.
المساهمون