هل أصبح المصريون "فئران تجارب" لشركات الأدوية العالمية؟

18 أكتوبر 2016
يعرضون حياتهم للخطر جراء هذه التجارب (العربي الجديد)
+ الخط -

عُقد بمقر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" ظهر اليوم، الثلاثاء، المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاق تقرير أسئلة أخلاقية حول التجارب السريرية على الدواء في مصر: تحديات محلية وتمويل من الشركات المنتجة.

حاول التقرير الإجابة على عدد من الأسئلة؛ مثل: هل ما زالت مصر من الدول الجاذبة لصانعي الأدوية بالرغم من الوضع السياسي الراهن غير المستقر؟ وهل هناك ممارسات غير أخلاقية في التجارب السريرية التي تقام في مصر؟ وهل العقاقير التي يتم اختبارها متوفرة بأسعار مناسبة للشعب المصري؟ وهل هناك حاجة لمزيد من المراقبة الأخلاقية من قبل الدول الأوروبية في حالة إجراء تجارب محورية في مصر من أجل الترخيص التسويقي لشركات سويسرية أو أوروبية؟.

وكشف التقرير عن أن أماكن إجراء التجارب السريرية في البلاد متوسطة ومنخفضة الدخل أصبح في تزايد مستمر لعدة أسباب، منها عدم وجود قوانين صارمة لتنظيم التجارب في هذه البلاد، إضافة إلى بعض العوامل الاستراتيجية والاقتصادية الأخرى، مثل تنوع الأمراض بين السكان وانخفاض تكلفة البحث والتجارب، واستعداد الكثير من المرضى للمشاركة في التجارب رغم خطورتها؛ وذلك لغياب المظلة التأمينية الشاملة وارتفاع تكلفة العلاج على الفقراء، إضافة إلى وجود أسواق كبيرة وجديدة لطرح تلك الأدوية.

أما تركيز التقرير على مصر؛ فيأتي بسبب أن مصر تعد ثاني أكبر دولة أفريقية (بعد جنوب أفريقيا) استضافة لتلك التجارب الدوائية، كما أنها لا تستوجب من وراء إجراء تلك التجارب على مواطنيها الحصول على ترخيص التسويق، على عكس العديد من الدول الأخرى. بالرغم من أن أحد المعايير الأخلاقية الأساسية أن يستفيد المواطنون من التجارب التي تقام في دولتهم.

وتقيم حوالى 21 شركة أدوية وتكنولوجيا حيوية التجارب السريرية في مصر، وكان لشركة Novartis  و Roche نصيب الأسد في تلك التجارب في شهر فبراير/ شباط 2016، بما يساوي نصف تلك التجارب تقريباً. وتشير التقارير الموثقة إلى أنه في فبراير/ شباط الماضي تم إجراء 57 تجربة في 131 موقعاً في 9 محافظات، أبرزها القاهرة والإسكندرية.



وبما أنه لا يوجد سجل عام للتجارب السريرية في مصر، بات من المستحيل التأكد من أماكن إجراء تلك العمليات، ومن الصعب تحديد المؤسسات التي قامت بالتجارب، ولكن يمكن الحصول على البيانات اللازمة لمواقع التجارب من خلال نوع العقار المختبر والبنية التحتية للمنظومة الصحية والتخصصات الطبية للمؤسسات.

وفضح التقرير ما وصفه بـ "الانتهاكات الأخلاقية" في هذه العملية، وهو ما جعل السلطات التنظيمية بالاتحاد الأوروبي تقر بأن من واجبها مراقبة التجارب السريرية، التي أثارت مشاكل متعلقة بالمستضعفين من المشاركين؛ لضمان حقوقهم وسلامتهم.

وتتعدد مراحل التجارب الدولية التي تقام على المواطنين المصريين، فالمرحلة الأولية تحتاج من 20 إلى 100 مواطن، والهدف منها تقييم أمن العقار وتحديد الجرعة الآمنة ومعرفة الأعراض الجانبية، بينما الثانية تستغرق عدة مئات من المواطنين وهدفها اختبار فاعلية العقار، أما المرحلة الثالثة فتحتاج مجموعة من 300 إلى 3000 شخص لتجميع المعلومات التي ستسمح باستخدام العقار بدون أضرار، وهي المرحلة المحورية التي يعقبها الموافقة على التسويق. ثم تأتي المرحلة الرابعة وهي مرحلة ما بعد التسويق وتحتاج إلى عدة آلاف من المصريين للتأكد من تأثير الدواء.

تختبر الأدوية  والعقاقير على المصريين (العربي الجديد)



وبحسب التقرير، فإن 70 من التجارب في مصر تكون في المرحلة الثالثة. وبعد مناقشة تجارب المراحل المثيرة للجدل، خلص التقرير إلى أن التجارب السريرية في مصر غير أخلاقية إلا في حالة وجود مبررات علمية وسياقية لذلك، وهذا بناء على التجارب التي تمت مناقشتها.

وكشفت د.مجد قطب أستاذة طب الأطفال في جامعة القاهرة، عن تفاصيل تجربة على الأطفال في إحدى مستشفيات جامعة القاهرة، وقد وفرت أدلة على أن 9 في المائة فقط من الأطفال قد تحسنوا، في حين أصيب معظم من تلقى العلاج بالفشل الكبدي والالتهاب الرئوي القاتل والتهاب الأذن الوسطى، والاستسقاء مع ارتفاع نسبة الوفيات. 

وقالت قطب "أثبتت بالوثائق أن مجموع 734 طفلاً مصاباً بالركود الصفراوي، تم إعطاء 401 طفل حامض أوروسوديوكسيكوليك udca  ولكن 9.35 في المائة فقط تم شفاؤهم، في حين تدهورت صحة 86.54 في المائة ممن تم إعطاؤهم هذا الكم من الحمض"، فيما أكد أطباء من نفس المستشفى أن هذا العلاج ليس فقط غير فعال؛ بل إنه ضار.

وذكر التقرير العديد من الحكايات والقصص الواقعية، تدور جميعها حول استسلام المرضى المصريين للتجارب دون تردد نظراً للحالة الاقتصادية المتردية. "سمير لم يكن على علم بأن نتائج تحاليل والدته نعمات كانت جزءاً من تجربة وتقييم فعالية عقار سوفالدي، على الرغم من أنه لم يكن ليعترض على أية حال، لكنه فوجىء بأن الأطباء لم يخبروه". 

يدفعهم الفقر إلى قبول هذه التجارب (العربي الجديد)

وأوضحت نعيمة المرأة الستينية المصابة بالسرطان في الكبد، أنّ "مصاريف الأشعة والتحاليل أرهقتني ماديا، أخبرني الطبيب أنني من الممكن أن أخضع لتجربة إكلينيكية والحصول على العلاج مجاناً، ولعدم وجود خيار آخر وافقت على الفور". أما أم حسن فتأمل أن يتعافى ابنها حسن المريض بفقر الدم المنجلي والذي يحتاج لنقل دم كل أسبوعين، وقد التحق ابنها بتجربة سريرية في مستشفى الشاطبي، وهو الآن بصدد إجراء جراحة لإزالة الطحال!

وقالت ولاء، التي أصيبت بسرطان الرئة، "اضطررت إلى بيع بعض ممتلكاتي، ولكن تجدد الأمل بعد تلقي مكالمة هاتفية تخبرني بفرصتي في المشاركة في تجربة إكلينيكية".

وأورد التقرير "عندما قابلناها مجدداً، كانت ولاء قد انتهت من التجربة ولكن حالتها الصحية لم تتحسن، ولكنها تتمنى أن تشارك في تجربة إكلينيكية جديدة أملاً في الشفاء".

المساهمون