مكاتب الزواج هرباً من شبح العنوسة في البحرين

23 مايو 2015
ما زال زواج الصالونات أكثر انتشاراً (أشرف عمرا/الأناضول)
+ الخط -
حاولت صديقة سعاد إقناعها بتسجيل اسمها في أحد مكاتب الزواج في البحرين، علّها تجد شريك حياتها قبل أن تفقد قدرتها على الإنجاب. إلا أن هذه المرأة التي ترغب في الزواج، رفضت الأمر لأن عائلتها لن تقبل بزوج من خلال هذه المكاتب.

سعاد ليست وحدها من ترفض الزواج، عبر هذه المكاتب خوفاً من أهلها ونظرة المجتمع، عدا عن إيمانها بأنها لن تجد الشريك المناسب بعد هذا العمر، بل هناك كثيرات.

بدوره، يؤكد محمد (26 عاماً) رفضه الشديد الزواج عبر هذه المكاتب التي تبغي الربح لا غير. ويقول لـ "العربي الجديد"، إنه يبحث عن شريك حياته منذ نحو نصف عام. "ولأنني لم أوفق، طلبت من أهلي البحث عن عروس مناسبة. لكن لم يخطر في بالي التوجه إلى هذه المكاتب أبداً".

في المقابل، لا يجد آخرون في البحرين أي حرج من طرق أبواب هذه المكاتب، بحثاً عن الشريك المناسب، بعدما لم يحالفهم الحظ من خلال "زيجات الصالونات" المنتشرة في البلاد.

صالونات
من جهته، يقولُ الثلاثيني محمد، إن الفتاة التي اختارها له أهله لم تعجبه، كما أنه أراد الزواج بامرأة من خارج إطار العائلة والمعارف، مما دفعه إلى التوجه إلى أحد مكاتب الزواج، وقد التقى بالفتاة التي صارت زوجته قبل خمسة أعوام، علماً أن اسمها لم يكن مسجلاً في المكتب، لكنْ صودف أن التقاها عن طريق صاحب المكتب. أما منى الأربعينية، التي كانت قد انفصلت عن زوجها، فقد سجلت اسمها في أحد المكاتب من دون علم أهلها، والتقت بشريك حياتها. تقول إنها "سعيدة معه. وحتى اليوم، لا تعرف عائلتها الأمر، وإلا لما كانوا ليوافقوا على زواجها منه".

في السياق ذاته، تقول الباحثة الاجتماعية، نورا راشد، إن صغر مساحة البحرين أدى إلى خفض نسبة الزواج عبر المكاتب، وخصوصاً أن العائلات متداخلة ويسهل التعارف في ما بينها، ناهيكَ عن المورثات الاجتماعية التي تحبذ الزواج عبر الصالونات، وليس عن طريق وسيط "غريب"، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بالفتاة. تضيف، أن العادات الشرقية ترفض أن تبحث الفتاة عن شريك حياتها. كما أن الواقع، اليوم، صار يتيح للفتاة والشاب التعرف إلى بعضهما بعضاً خلال الدراسة أو العمل. بالتالي، فإن احتمالات الالتقاء بشريك زادت.

أمر آخر تشير راشد إليه، وهو تحرر بعض النساء والرجال الذين باتوا يفضلون التعارف من دون أي وسطاء. وترى أن مكاتب الزواج هذه غالباً ما تؤمّن زيجات مؤقتة على غرار "المتعة" أو "المسيار" لدى الطائفتين الإسلاميتين الشيعية والسنية،، بعيداً عن عيون العائلات والمعارف.

زواج مؤقت
في المقابل، يقول أحمد، وهو صاحب أحد مكاتب الزواج، إن غالبية البحرينيين الذين يسجلون أسماءهم في هذه المكاتب يرغبون في زواج مؤقت، حتى أن بعضهم يكونون متزوجين. يضيف، أنه ليس هناك أعمار محددة. أحياناً، يتحول هذا الزواج المؤقت إلى زواج دائم، وخصوصاً في حال إنجاب أطفال. يؤكد أن مكتبه يتعامل بسرية تامة مع جميع زبائنه، مشيراً إلى أننا "نعقد الزيجات وفقاً للشريعة الإسلامية". وفي ما يتعلق ببدل أتعاب المكتب، يشير إلى أن المكتب يحصل على 60 ديناراً بحرينيّاً (نحو 159.17 دولاراً أميركياً).

بدوره، يقول صاحب مكتب "السعادة" للزواج، سيد عدنان الدرازي، إن أعمار الرجال المسجلين في المكتب تبدأ من 23 عاماً وحتى السبعين عاماً. أما النساء، فتبدأ أعمارهن من 19 عاماً وحتى الخمسين عاماً. كذلك، فإن غالبية المقبلين على التسجيل في المكاتب هم من البحرينيين، باستثناء بعض الطلبات النادرة من المقيمين في البحرين، إلى جانب آخرين من دول الخليج بنسبة 2 في المئة تقريباً.

ويوضح الدرازي لـ "العربي الجديد"، أنه لا يوجد أي إحصائية دقيقة حول عدد المسجلين لدى مكاتب الزواج. لكننا نستقبل العشرات شهرياً. ويلفت إلى أن بعضهم لا يجدون شريكاً بسبب الأمراض الوراثية، علماً أنه في البلاد ينتشر مرض السكلر (فقر الدم المنجلي). وعن كلفة الزواج عبر مكتب، يقول، إن الزبون يدفع 20 ديناراً لتسجيل اسمه، و30 ديناراً بعد الزواج، أي ما مجموعه 50 ديناراً (نحو 132.65 دولاراً أميركياً). وحول الطريقة، يقول: "لدينا استمارة تتضمن صورة الراغب في الزواج ومعلومات عنه، والمواصفات التي يطلبها لدى شريكه، فنسعى إلى التوفيق بين زبائننا الذين يملكون الصفات المطلوبة".

مواصفات مثالية
إلى ذلك، تقول مريم عبدالله، وهي صاحبة أحد المكاتب الخاصة بالزواج، إنه "يأتي إلينا بعض الشباب الذين يطلبون مواصفات معينة وصعبة أقرب إلى أن تكون مثالية، بالإضافة إلى مؤهلات علمية معينة، من دون أن يكون هو متعلماً على سبيل المثال. واللافت أن عبدالله (31 عاماً) لم تجد شريكاً بعد، علماً أنها صاحبة المكتب. تقول لـ "العربي الجديد"، إنها تريد اختبار علاقة حب صادقة، ليس عن طريق مكاتب الزواج أو الصالونات.

تعدّ عبدالله ضمن نسبة الـ 25 في المئة من النساء البحرينيات اللواتي لم يتزوجن بعد، علماً أنها النسبة الأقل بالمقارنة مع دول الخليج الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن دول الخليج تشهد ارتفاعاً كبيراً في العنوسة خلال السنوات الأخيرة، وتتصدر الإمارات قائمة هذه الدول. وقالت إذاعة هولندا العالمية في تقرير نشرته عام 2013، إن أسباب ارتفاع هذه الأرقام في الخليج العربي تعود إلى المغالاة في المهور وارتفاع تكاليف الزواج، في وقت يعاني بعضهم من مشاكل اقتصادية. في الإمارات مثلاً، يسمح للرجال بالزواج من غير الإماراتيات، في ما لا يبدو الأمر مرحباً به في دول أخرى.

من جهة أخرى، لا توجد إحصاءات رسمية في البحرين عن نسبة تأخر سن الزواج، كما أن مكاتب الزواج المرخصة في البحرين لا تعطي أي أرقام، استناداً إلى المسجلين لديها.

إقرأ أيضاً: البحرينيات يتطلّعن إلى مساواة كاملة في العمل
المساهمون