وإن كانت نسبة التعليم بين النساء الأردنيات مرتفعة، إلا أن ذلك لا يعني منافستهن في سوق العمل لأسباب عدة، منها تولي الأدوار الرعائية وضعف الرواتب والمواصلات العامة. وفي النتيجة، يعانين التهميش
ما زالت الصورة النمطية وثقافة الصمت والنظرة الذكورية معوقات اجتماعية تقف حائلاً بين النساء والتمكين الاقتصادي. كما تحد الأعمال المنزلية والرعاية غير المدفوعة الأجر، من دور المرأة الاقتصادي، على الرغم من الحديث الحكومي والأدبيات المجتمعية عن تفعيل السياسات والآليات الوطنية التي تعمل على زيادة مشاركة النساء وتشجيعهن على الانخراط في سوق العمل وريادة الأعمال.
ولا يمكن أن نستبعد أسباباً موضوعية أخرى، تُقرّ بها الحكومة، منها المواصلات، وحضانات الأطفال. ويؤكد وزير النقل الأردني أنمار الخصاونة في تصريح صحافي يوم 6 أغسطس/ آب الجاري، أن 47 في المائة من النساء في المملكة يعزفن عن دخول سوق العمل بسبب عدم توفر المواصلات العامة. ويوضح أن المواصلات العامة تعد إحدى ثلاث عقبات هيكلية تحول دون المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، إضافة إلى غياب الحضانات وعدم تكافؤ الأجور بين الرجال والنساء أو تدنيها لدى النساء.
وترى سيدة الأعمال والريادية الأردنية فداء الطاهر، الحاصلة على شهادة في قيادة الأعمال التنفيذية من جامعة هارفرد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك العديد من الأسباب المتعلقة بضعف مشاركة المرأة اقتصادياً والتحاقها بالوظائف، منها عدم وجود حضانات للأطفال في غالبية أماكن العمل، ووجود فجوة في الأجور بين المرأة والرجل، وضعف شبكة المواصلات، إضافة إلى أسباب اجتماعية، كعدم ترحيب الرجال "الزوج والأخ" أحياناً بعمل المرأة.
تضيف أن تشجيع المرأة على المشاركة الاقتصادية يتطلب عوامل عدة، منها منح النساء مناصب قيادية في المؤسسات، ووضع المرأة في المكان المناسب بحسب إمكانياتها، بعيداً عن التقييمات التي ترتبط بالنوع الاجتماعي والقائمة على سياسة تهميش المرأة. وتقول إنّ المرأة لا تملك المساحة الكافية للانطلاق في مشاريع ريادية، ولا تستطيع الحصول على قروض مثل الرجال لبدء مشاريع، موضحة أن النساء كنتاج للثقافة المجتمعية لا يملكن في العادة الضمانات الكافية للحصول على قروض كامتلاك الأراضي والشقق وغيرها من الممتلكات. كما أن النساء لا يحصلن على حقوقهن الكاملة بالميراث أو حتى عند مشاركة الزوج في شراء عقار، وعادة ما يسجل باسمه على الرغم مما تقدمه الزوجة لموازنة البيت.
وتشير الطاهر إلى معضلة كبيرة تواجه الأردنيات خلال العودة إلى العمل، موضحة أن العديد منهن ينقطعن عن العمل بعد الزواج والإنجاب. لكن في حال رغبن بعدها بالعودة إلى العمل، لا يستطعن، أو يواجهن صعوبات بسبب انقطاعهن عن أجواء العمل وافتقادهن للخبرات بالمقارنة مع الآخرين. في هذا السياق، تدعو إلى تقديم برامج "تساعد النساء على العودة إلى العمل"، مشيرة إلى وجود تجارب مماثلة في الأردن، وإن كانت نادرة ولا تغطي إلا جزءاً يسيراً من الحالات.
اقــرأ أيضاً
وتؤكد الطاهر على أهمية القدوة "المثل الأعلى" في النجاح. وتقول إنه على الفتيات النظر إلى العديد من التجارب الناجحة لنساء أردنيات تمكنّ من خلق قصص نجاح عملية، وعدم النظر والبحث عن قدوة خيالية، مثل النجمات على مستوى العالم واللواتي ترتبط غالبية قصص نجاحهن بثقافات وبيئات مختلفة.
بدوره، يقول الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، لـ"العربي الجديد": "ضعف مشاركة المرأة الاقتصادية سببه قلة توفر فرص العمل، والتراجع الاقتصادي، وشروط العمل"، مشيراً إلى عدم الجدوى الاقتصادية من خروج المرأة للعمل في بعض الأعمال، فـ"هناك رواتب متدنية وبلا فائدة اقتصادية مجدية. لذلك، يكون البقاء في البيت اقتصادياً موازياً للذهاب إلى العمل". يضيف أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بضعف منظومة ونظام المواصلات العامة، ما يؤدي إلى عزوف كثيرات عن العمل، منها الكلفة المادية المرتفعة. كما أن المواصلات تتسبب بضياع ثلاث ساعات يومياً على الطرقات من وقت الموظف.
ويشدد عوض على إمكانية مواجهة هذه المشكلة من خلال تحسين شروط العمل ورفع الحد الأدنى للأجور، مشيراً إلى أن غالبية العاملات في مكاتب المحامين والأطباء لا يحصلن على الحد الأدنى للأجور، كما أنهن غير مشمولات في الضمان الاجتماعي.
ووضع مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2018، والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الأردن في المركز 138 من بين 149 دولة، في ظل ضعف المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء. وبلغت نسبة النساء غير النشيطات اقتصادياً 85 في المائة. وعلى الرغم من أن الأردنيات متعلمات ونسب الأمية بينهن منخفضة، إلا أن نسبة البطالة ترتفع بشكل لافت بين النساء اللواتي يحملن شهادة البكالوريوس فأعلى (78 في المائة من العاطلات من العمل يحملن البكالوريوس فأعلى).
ويشير مسح السكان والصحة الأسرية إلى أن 16 في المائة من المتزوجات، اللواتي تراوح أعمارهن ما بين 15 و49 عاماً، كن يعملن خلال الأيام السبعة السابقة على إجراء المسح. وأفادت نسبة 88 في المائة منهن بأنهن يعملن لحساب الغير، و9 في المائة لحسابهن الخاص، و2 في المائة صاحبات أعمال، وواحد في المائة يعملن من دون أجر.
وبحسب دائرة الإحصائيات العامة الحكومية، فقد بلغت نسبة البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2019 نحو 29 في المائة (19 في المائة لكلا الجنسين، و16 في المائة للذكور)، في وقت انخفضت نسبة قوة العمل بين النساء الأردنيات لتصل إلى 15 في المائة خلال الربع الأول من عام 2019، في مقابل 18 في المائة خلال الربع الأول من عام 2017. وشكلت تراجعاً بنحو 3.3 في المائة خلال عامين، في وقت تبين أن معدل النشاط الريادي في المراحل المبكرة بين النساء في الأردن هو الأقل مقارنة بالدول العربية المجاورة، إذ إن 3.3 في المائة فقط من النساء الأردنيات منخرطات في أعمال أو بدأن العمل حديثاً.
ولا يمكن أن نستبعد أسباباً موضوعية أخرى، تُقرّ بها الحكومة، منها المواصلات، وحضانات الأطفال. ويؤكد وزير النقل الأردني أنمار الخصاونة في تصريح صحافي يوم 6 أغسطس/ آب الجاري، أن 47 في المائة من النساء في المملكة يعزفن عن دخول سوق العمل بسبب عدم توفر المواصلات العامة. ويوضح أن المواصلات العامة تعد إحدى ثلاث عقبات هيكلية تحول دون المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، إضافة إلى غياب الحضانات وعدم تكافؤ الأجور بين الرجال والنساء أو تدنيها لدى النساء.
وترى سيدة الأعمال والريادية الأردنية فداء الطاهر، الحاصلة على شهادة في قيادة الأعمال التنفيذية من جامعة هارفرد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك العديد من الأسباب المتعلقة بضعف مشاركة المرأة اقتصادياً والتحاقها بالوظائف، منها عدم وجود حضانات للأطفال في غالبية أماكن العمل، ووجود فجوة في الأجور بين المرأة والرجل، وضعف شبكة المواصلات، إضافة إلى أسباب اجتماعية، كعدم ترحيب الرجال "الزوج والأخ" أحياناً بعمل المرأة.
تضيف أن تشجيع المرأة على المشاركة الاقتصادية يتطلب عوامل عدة، منها منح النساء مناصب قيادية في المؤسسات، ووضع المرأة في المكان المناسب بحسب إمكانياتها، بعيداً عن التقييمات التي ترتبط بالنوع الاجتماعي والقائمة على سياسة تهميش المرأة. وتقول إنّ المرأة لا تملك المساحة الكافية للانطلاق في مشاريع ريادية، ولا تستطيع الحصول على قروض مثل الرجال لبدء مشاريع، موضحة أن النساء كنتاج للثقافة المجتمعية لا يملكن في العادة الضمانات الكافية للحصول على قروض كامتلاك الأراضي والشقق وغيرها من الممتلكات. كما أن النساء لا يحصلن على حقوقهن الكاملة بالميراث أو حتى عند مشاركة الزوج في شراء عقار، وعادة ما يسجل باسمه على الرغم مما تقدمه الزوجة لموازنة البيت.
وتشير الطاهر إلى معضلة كبيرة تواجه الأردنيات خلال العودة إلى العمل، موضحة أن العديد منهن ينقطعن عن العمل بعد الزواج والإنجاب. لكن في حال رغبن بعدها بالعودة إلى العمل، لا يستطعن، أو يواجهن صعوبات بسبب انقطاعهن عن أجواء العمل وافتقادهن للخبرات بالمقارنة مع الآخرين. في هذا السياق، تدعو إلى تقديم برامج "تساعد النساء على العودة إلى العمل"، مشيرة إلى وجود تجارب مماثلة في الأردن، وإن كانت نادرة ولا تغطي إلا جزءاً يسيراً من الحالات.
وتؤكد الطاهر على أهمية القدوة "المثل الأعلى" في النجاح. وتقول إنه على الفتيات النظر إلى العديد من التجارب الناجحة لنساء أردنيات تمكنّ من خلق قصص نجاح عملية، وعدم النظر والبحث عن قدوة خيالية، مثل النجمات على مستوى العالم واللواتي ترتبط غالبية قصص نجاحهن بثقافات وبيئات مختلفة.
بدوره، يقول الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، لـ"العربي الجديد": "ضعف مشاركة المرأة الاقتصادية سببه قلة توفر فرص العمل، والتراجع الاقتصادي، وشروط العمل"، مشيراً إلى عدم الجدوى الاقتصادية من خروج المرأة للعمل في بعض الأعمال، فـ"هناك رواتب متدنية وبلا فائدة اقتصادية مجدية. لذلك، يكون البقاء في البيت اقتصادياً موازياً للذهاب إلى العمل". يضيف أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بضعف منظومة ونظام المواصلات العامة، ما يؤدي إلى عزوف كثيرات عن العمل، منها الكلفة المادية المرتفعة. كما أن المواصلات تتسبب بضياع ثلاث ساعات يومياً على الطرقات من وقت الموظف.
ويشدد عوض على إمكانية مواجهة هذه المشكلة من خلال تحسين شروط العمل ورفع الحد الأدنى للأجور، مشيراً إلى أن غالبية العاملات في مكاتب المحامين والأطباء لا يحصلن على الحد الأدنى للأجور، كما أنهن غير مشمولات في الضمان الاجتماعي.
ووضع مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2018، والصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الأردن في المركز 138 من بين 149 دولة، في ظل ضعف المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء. وبلغت نسبة النساء غير النشيطات اقتصادياً 85 في المائة. وعلى الرغم من أن الأردنيات متعلمات ونسب الأمية بينهن منخفضة، إلا أن نسبة البطالة ترتفع بشكل لافت بين النساء اللواتي يحملن شهادة البكالوريوس فأعلى (78 في المائة من العاطلات من العمل يحملن البكالوريوس فأعلى).
ويشير مسح السكان والصحة الأسرية إلى أن 16 في المائة من المتزوجات، اللواتي تراوح أعمارهن ما بين 15 و49 عاماً، كن يعملن خلال الأيام السبعة السابقة على إجراء المسح. وأفادت نسبة 88 في المائة منهن بأنهن يعملن لحساب الغير، و9 في المائة لحسابهن الخاص، و2 في المائة صاحبات أعمال، وواحد في المائة يعملن من دون أجر.
وبحسب دائرة الإحصائيات العامة الحكومية، فقد بلغت نسبة البطالة بين الإناث خلال الربع الأول من عام 2019 نحو 29 في المائة (19 في المائة لكلا الجنسين، و16 في المائة للذكور)، في وقت انخفضت نسبة قوة العمل بين النساء الأردنيات لتصل إلى 15 في المائة خلال الربع الأول من عام 2019، في مقابل 18 في المائة خلال الربع الأول من عام 2017. وشكلت تراجعاً بنحو 3.3 في المائة خلال عامين، في وقت تبين أن معدل النشاط الريادي في المراحل المبكرة بين النساء في الأردن هو الأقل مقارنة بالدول العربية المجاورة، إذ إن 3.3 في المائة فقط من النساء الأردنيات منخرطات في أعمال أو بدأن العمل حديثاً.