خلاصات ليست ثابتة

28 اغسطس 2018
تغيير قادم ربما (توم دولات/ Getty)
+ الخط -

الخلاصات التي نجد أنفسنا نصوغها بعد كمٍّ من التجارب نظنّ أنها كافية للوصول إلى أية نتائج، قد تنهار في لحظة، هي تراكم لمجموعة من لحظات مضادة تبدو كافية أيضاً. هنا، تبدو أي خلاصة مجرّد لحظة ينتهي مفعولها مع مرور الوقت، مثل عادات أو قيم أو مبادئ يصبح الحفاظ عليها أو التغني بها بلا قيمة. إنّه الوقت الذي قد نشير إليه أحياناً بالقول إنه صراع الأجيال. وكل جيل هو إشارة إلى وقت أو حقبة أو زمن.

وخلال مضيّ أي وقت، تحدث تفاعلات وتغيرات، وتتشابك ثقافات، ويلتقي أشخاص من مختلف بقاع الأرض وغيرها. لا ثوابت في ظلّ لحظات ستتوالى، ومشاعر ستتبدّل، وأعداء سيصيرون في الجهة المقابلة. هي الأسئلة التي طرحها الفلاسفة والباحثون والممثلون في أفلام رديئة تبشّرنا بانتصار الخير على الشرّ دائماً. من هو العدو؟ من يحدّده؟ والأجوبة مهما بدت حادة أو واضحة في لحظة ما، ستضعف كثيراً، وربّما تتآكل أو تختلف مع مرور الوقت. كلّ يوم تُضاف دراسة جديدة إلى آلاف الدراسات، منها الذي يؤكد ومنها الذي يدحض. كلّ ما هو حيّ قابل للتغيّر، بل إن ذلك حتمي، وإلا لما تبدلت أعمارنا. وهذه النتيجة تتكرّر في يومياتنا، حين نقول إن ابن الثلاثين أو بنت الثلاثين ليس/ ليست كما ابن العشرين أو بنت العشرين. وهذا مجرّد مثال بسيط.

وغالباً ما لا نعترف بحقيقة عدم وجود خلاصات أو نتائج ثابتة إلا بعد تغيّرها، لنخلق صراعات مستمرة في دواخلنا ومع محيطنا، بمجرّد أنّنا نتمسّك بأية ثوابت.

نصل إلى النتيجة المتعلقة بالثوابت. لا ثوابت في الحياة. أليس هذا ما نقوله بعد كلّ تجربة أو ما نسميه أحياناً بالصدمة لمواساة أنفسنا؟ الحقيقة الثابتة أن العالم في تغيّر مستمرّ. الفرق الوحيد أن التغير بات أسرع، بل وتزداد سرعته. أحياناً نجد أنفسنا قادرين على اللحاق بأي "تغيّر". لكنّ ذلك لا يدوم طويلاً، وقد يتحول الأمر إلى نوع الأحلام التي نصحو منها لنسأل: "أين نحن؟".




أين نحن إذاً؟ يمكن أن نرتاح من خلال أجوبة مباشرة. على كوكب الأرض، ثمّ في هذا البلد وهذا الحي وهذا المبنى. لكنّنا في الحقيقة لا نعرف. هل الواقع وبضعة أوراق هي التي تحدّد أمكنتنا؟ هذه من الثوابت الظرفية التي قد لا نؤمن منها، أو التي نسعى إلى تغييرها.

خلاصة أخرى. فجأة يبدو العالم وكأنّه يتحرّك في معزل عنا. ولا تحركنا الأحداث، بل موقف أدمغتنا منها، بكلّ ما تحمله من رواسب وضغوط وأشياء أخرى. ما يسمّيه دماغ حباً قد يبدو مجرّد "تعوّد" أو حاجة في دماغ آخر. وهذه الخلاصة لا يمكن أن تكون ثابتة أيضاً.
دلالات
المساهمون