انخفاض أسعار النفط متنفس لموازنة تونس

17 ديسمبر 2018
دعوات لعدم الزيادة في أسعار المحروقات محليا (فرانس برس)
+ الخط -
يتيح انخفاض سعر النفط في السوق العالمية متنفسا لحكومة تونس لترميم عجز الموازنة الذي تستهدف حصره في حدود 3.9% العام القادم مقارنة بـ4.9% العام الحالي، بالإضافة إلى تقليص إمكانية اللجوء إلى القروض الخارجية.
ويؤكد خبراء اقتصاد أن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية إلى نحو 60 دولاراً للبرميل مقابل تقديرات بـ75 دولاراً بنت عليها الحكومة موازنة العام الجديد ستمكن الحكومة من توفير اعتمادات مهمة ستنعكس إيجابا على الموازنة وعلى معيشة التونسيين.

ويقول الخبير الاقتصادي صادق جبنون لـ"العربي الجديد"، إن أمام الحكومة فرصة مهمة لتحقيق أهدافها في النزول بنسبة العجز، مشيرا إلى أن كل تراجع بدولار واحد في سعر البرميل يوفر لميزانية الدولة 121 مليون دينار (الدولار = نحو 2.9 دينار).
وشدد جبنون على ضرورة تجنب الحكومة النفقات التوسعية حتى تبلغ أهدافها، مشيراً إلى أن تأكد الاستفادة من التراجع العالمي لأسعار المحروقات لن يتم إلا في حال استقرار الأسعار في معدلاتها الحالية على امتداد 6 أشهر على الأقل، وفق تقديره.

وأضاف الخبير التونسي أن الحكومة مدعوة إلى توجيه ما ستحققه من ادخار في نفقات الطاقة إلى سداد الديون الخارجية التي ترتفع العام القادم إلى نحو 10 مليارات دينار.
وحول تداعيات التراجع العالمي لسعر النفط على معيشة التونسيين، قال جبنون إن نزول الأسعار سيقلص بنسبة كبيرة من فرضيات الزيادة في أسعار الطاقة على المستوى المحلي، مشيراً إلى أن الحكومة لن تجد في هذه الحالة المبررات للزيادة الدورية في أسعار المحروقات كما جرى العام الجاري. ولفت إلى أن عدم الزيادة في أسعار المحروقات محليا يساوي مزيدا من التحكم في نسب التضخم وكلفة الإنتاج.

ويقدّر حجم الموازنة التونسية لسنة 2019 ما قيمته 40.861 مليار دينار (14.489 مليار دولار)، أي بزيادة بـ8.5% مقارنة بالنتائج المحتملة لسنة 2018.
وتقدر الموازنة الجديدة معدل النمو الاقتصادي بنحو 3.1% العام المقبل، مقابل معدل النمو المتوقع 2.6% لكامل 2018. كما تفترض الموازنة التونسية سعر برميل النفط مقابل 75 دولارا، مقابل 54 دولارا للبرميل في قانون المالية لسنة 2018.

ويتوقع أن يبلغ عجز الموازنة المقبلة 4.512 مليارات دينار (1.6 مليار دولار)، أي ما يعادل 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.214 مليارات دينار (1.84 مليار دولار)، أو 4.9% متوقعة لسنة 2018.
وبالتوازي مع الاستفادة من التراجع العالمي لسعر المحروقات، تسير تونس نحو تنفيذ خطة محلية لزيادة الإنتاج واستغلال حقول نفطية جديدة بعد تعثر برامج الاستكشاف في الأعوام السابقة، وذلك بهدف التقليص من تداعيات الصدمات النفطية التي تلقتها البلاد عامي 2017 و2018 ما دفع الحكومة إلى إقرار نحو 7 زيادات في أسعار المحروقات على مدى الـ24 شهرا الماضية.

وعرفت تونس تراجعا في الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بسبب التوترات الاجتماعية في العديد من حقول النفط.
وكشف تقرير صادر عن وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، أن قطاع الطاقة في تونس شهد تراجعا في إنتاج المحروقات خلال السنوات الأخيرة إلى النصف تقريبا، ليبلغ 40 ألف برميل نفط في اليوم حالياً، مقابل 80 ألف برميل سنة 2010.

وبحسب وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، ينتظر أن يرتفع إنتاج الطاقة بين 30 و40% مع دخول حقل غاز "نوارة" بولاية تطاوين حيز الإنتاج في يونيو/ حزيران 2019.
ورغم بوادر الانفراج في ملف الطاقة، توقع البنك المركزي التونسي في تقرير له في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن يستمر تأثير العجز الذي يواجهه قطاع الطاقة على اقتصاد البلاد خلال العامين المقبلين.

وأوضح البنك أن هذه الصعوبات في قطاع الطاقة لا تزال قائمة بسبب تراجع القيمة المضافة لاستخراج النفط والغاز التي انخفضت بنسبة 5.8% في الربع الثاني من العام الجاري.
وكان المعهد التونسي للإحصاء (حكومي)، قد أفاد بأنّ العجز في قطاع الطاقة ارتفع من 176 مليون دولار خلال العام 2010، إلى 1.6 مليار دولار في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي.

وحذر صندوق النقد الدولي، في تقرير له في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من أن أسعار النفط المرتفعة ستكون لها تداعيات سلبية على التوازنات الخارجية والمالية للحكومة التونسية، في ضوء ضعف احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية.


المساهمون