غلاء الوقود مجدّداً في المغرب.. والمستهلكون بانتظار التحقيقات

20 سبتمبر 2017
ارتفاع كبير في أسعار الوقود (فرانس برس)
+ الخط -
عادت أسعار البنزين والسولار لترتفع من جديد في المغرب، بينما ينتظر المستهلكون ما ستكشف عنه تحقيقات لجنة برلمانية حول أسعار المحروقات من المقرر أن تبدأ عملها خلال الشهر الجاري. ووصل سعر السولار في محطات الوقود إلى حوالي 95 سنتا للتر الواحد، بينما قفز البنزين إلي حوالي 1.07 دولار للتر الواحد. 
وفي جولة لـ "العربي الجديد" على محطات الوقود لاحظت أن أسعار البنزين والغاز، اللذين حررت أسعارهما قبل عامين، ارتفعت بمتوسط 0.3 درهم في مستهل الأسبوع الجاري، في ظل اختلافات في الأسعار من محطات لأخرى. وكان الوقود شهد غلاءً في مستهل شهر سبتمبر/أيلول الجاري بنفس القيمة، بعد ما تراجعت قبل ذلك في ظل سجال حول حقيقة تلك الأسعار، وتحقيق شركات الوقود أرباحاً كبيرة على حساب المستهلكين.
ويذهب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إلى وجود غموض في المعايير التي تحتكم إليها الشركات من أجل خفض أو رفع الأسعار. ويؤكد الخراطي في حديثه لـ "العربي الجديد" أن عدم الوضوح الذي يتسم به سوق المحروقات، يرجع إلى أن الحكومة لا تقوم، كما يجب، بمهمة مراقبة السوق. ويشدد على أن تحرير أسعار المحروقات، لا يعني إمساك السلطات عن استمرار البحث حول وجود اتفاق حول الأسعار بين الشركات من عدمه. وطالب خبراء بعد تحرير أسعار الوقود، بضرورة طرح الأسعار وأسباب رفعها أو خفضها بشفافية حتى يتبين للمستهلك حجم هوامش أرباح شركات التوزيع الحقيقية.
وكان تقرير لـ "غلوبال بترول برايسز"، أكد أن سعر البنزين بالمغرب هو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يصل إلى 1.07 دولار، هذا في الوقت الذي يصل المتوسط العالمي إلى دولار واحد.
ويتبوأ المغرب المركز 98 عالميا على مستوى سعر البنزين، بينما يأتي في المركز الأول على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحمل تصاعد الحديث حول الأسعار، شركات توزيع المحروقات إلى تخفيضها، خاصة بعد تنبيه نواب إلى وجود اتفاقات بينها حول الأسعار. ويحرم قانون حرية الأسعار والمنافسة في المغرب، حصول اتفاقات صريحة أو ضمنية بين الفاعلين في السوق من أجل تحديد الأسعار.
وشكل البرلمان لجنة من ثلاثة عشرة عضوا من أجل تحقيق حول أسعار المحروقات بالمغرب، حيث يفترض أن تبدأ عملها في سبتمبر/أيلول الجاري. وستقوم اللجنة بالإحاطة بالتدابير الحكومية حول المحروقات والاستماع لمسؤولين وزيارة عدد من الشركات التي تتولى توزيع المحروقات. وجاء تشكيل تلك اللجنة، بعد تصريحات لوزير الشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي، الذي اعتبر أن الأسعار ستنخفض إذا سادت المنافسة.
وأكد الوزير أن تحرير أسعار السولار والبنزين، لم يستفد منه المستهلكون، ما رفع الضغط على شركات توزيع البترول بالمغرب. واستدعى ذلك اجتماعا بين شركات توزيع البترول ووزير الشؤون العامة من أجل توضيح الأمور حول سوق المحروقات بالمغرب.
ودأبت شركات البترول على التأكيد على أن الأسعار لا يحددها مستوى الخام، بل سعر المكرر وسعر صرف الدولار والنقل والضرائب المفروض على الاستهلاك. وتشير تلك الشركات إلى أنها لا تحدد الأسعار فيما بينها، بل ترشد الشركات محطات الوقود، التي ليست كلها، مملوكة لها إلى مستويات للأسعار، هذا ما يفسر اختلاف الأسعار بين منطقة وأخرى.
ويأتي ارتفاع سعر الوقود في السوق، في سياق متسم بزيادة كبيرة في مشتريات الطاقة منذ بداية العام الجاري، ما ساهم في تدهور عجز الميزان التجاري. وتفيد بيانات أصدرها مكتب الصرف أول أمس الإثنين، بأن مشتريات الطاقة، ارتفعت في أغسطس/آب الماضي بـ30 %، لتصل إلى 4.4 مليارات دولار، ما رفع عجز الميزان التجاري إلى 12.7 مليار دولار.
وتجلى أن مشتريات المغرب من الخارج من الطاقة والمحروقات، ارتفعت بمليار دولار في سبعة أشهر، رغم عدم ارتفاع الكميات المستوردة. ويستنتج من بيانات مكتب الصرف أن الكميات المستوردة لم تتغير بين يوليو/تموز 2016 ونفس الشهر من العام الجاري حيث تحوم حول 12 مليون طن. غير أن فاتورة تلك المشتريات انتقلت بين الفترتين، حسب بيانات المكتب الحكومي، من 3 مليارات دولار، إلى 4 مليارات دولار.
وتوقف المغرب منذ أكثر من عامين عن استيراد البترول الخام، بعد إغلاق مصفاة التكرير الوحيدة في البلد، ما أثر على فاتورة المحروقات. ويذهب الخبير في مجال الطاقة، عمر فطواكي، إلى أن توقف التكرير، يكلف المغرب الكثير من العملة الصعبة، التي تبذل في استيراد النفط المكرر.
وشدّد فطواكي خلال حديثه لـ "العربي الجديد" على أن توقف المصفاة عن التكرير واستيراد الخام، ساهم في المستوى الذي بلغته مشتريات الطاقة في الأشهر الأخيرة. وسبق للمجلس الأعلى للحسابات، أن لاحظ في تقرير له، أن إغلاق المصفاة رهن المغرب، الذي يستورد كل احتياجاته، لتقلبات السوق الدولية للنفط. وكان المغرب يشتري في السابق النفط الخام، بينما أضحى منذ إغلاق المصفاة في أغسطس/ آب 2015، يستورد النفط المكرر من سوق روتردام، ما يرفع الأسعار، وبالتالي فاتورة المشتريات.
المساهمون