أصابت صناعةَ النفط العالمية، صدمتان في آن واحد على صعيدي العرض والطلب، خلال شهر مارس/ آذار، إذ خفض وباء كورونا من استهلاك الوقود، وزادت السعودية، أحد كبار المنتجين، إنتاجها بأقصى طاقة ممكنة، لتخوض حرب أسعار مع منافسيها، وخاصة روسيا.
وهوت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية بنسبة 45% تقريباً هذا الشهر، وتراجعت إلى ما دون تكلفة الإنتاج لجانب كبير من الإنتاج العالمي، الأمر الذي دفع شركات الطاقة على مستوى العالم إلى خفض إنفاقها بعشرات المليارات من الدولارات.
وقد أدى انهيار الطلب والمساعي الدبلوماسية بين السعودية وروسيا وغيرهما، إلى ردود فعل غير مسبوقة من الحكومات والمستثمرين. وفي ما يأتي عشرة مؤشرات على ما تعانيه صناعة النفط من اضطراب:
السعودية تلقي بكل ثقلها
هزّت الرياض صناعة النفط بالموقف الهجومي الذي اتخذته، بعد انهيار المحادثات مع روسيا، في أوائل مارس/ آذار، بخصوص اتفاق لخفض المعروض العالمي، من أجل التخفيف من أثر انتشار فيروس كورونا على الطلب.
وخفضت السعودية أسعار التصدير، وقالت إنها ستضخ كمية قياسية من النفط تبلغ 12.3 مليون برميل يومياً، في ما يمثل إغراقاً للسوق التي تحتاج لكميات أقل.
وحشدت المملكة أسطولاً من السفن للتصدير، مستهدفة مصافي التكرير التي تشتري الخام الروسي، وكذلك الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى محو هوامش الربح للصادرات الأميركية.
وكانت الصدمة أكبر، لأن هذه الخطوات اتخذها منتج ظل لسنوات يلعب في صناعة النفط دوراً أشبه بدور البنك المركزي.
والمملكة هي القائد الفعلي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وظلت لعشرات السنين تعدل إنتاجها أكثر من أي منتج آخر، من أجل تحقيق التوازن في الأسواق.
تكساس تدرس خفض الإنتاج
لجأ المنتجون في تكساس، أبرز الولايات الأميركية المنتجة للنفط، إلى السلطات التنظيمية وطلبوا منها التدخل لخفض الإنتاج. ولا تتدخل تكساس بهذا القدر. وكانت آخر مرة تدخلت فيها في عام 1973. بل إن مسؤولين في تكساس وتنظيمات أخرى لصناعة النفط استبعدوا الفكرة.
وتلقى رايان سيتون، أحد ثلاثة مفوضين بالولاية في الهيئة التي تتولى تنظيم صناعة النفط مكالمة من الأمين العام لـ"أوبك"، لبحث الوضع في السوق. وقال سيتون، يوم الجمعة، إن تكساس قد تدرس خفض الإنتاج بنسبة 10%، ربما بالتنسيق مع تلك المنظمة. وقبل الآن كان منتجو النفط الصخري الأميركيون لا يجرؤون على التفكير في إجراء تخفيضات منسقة خوفاً من انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة.
هبوط تاريخي
شهد الأسبوعان الأخيران، ثلاثة من أسوأ الانخفاضات في سعر مزيج برنت على النحو الآتي:
في 9 مارس/ آذار هبط مزيج برنت 24%، وفي 16 مارس/ آذار انخفض برنت 11%. وفي 18 مارس/ آذار هبط برنت 13%.
وفي يوم 23 مارس/ آذار سجل سعر البنزين في السوق الأميركية أكبر انخفاض له في يوم واحد على الإطلاق، إذ هوت أسعار المعاملات الآجلة 32% لتسجل أدنى مستوياتها.
وقود الطائرات المخزن
تتدهور حالة وقود الطائرات بسرعة إذا طال بقاؤه في مستودعات التخزين، وبعدها لا يمكن استخدامه. ومع ذلك فقد انخفض الطلب بسرعة، إذ عمدت شركات الطيران إلى تعطيل طائراتها في مختلف أنحاء العالم، حتى إنّ شركات كبرى، منها "بي.بي" و"رويال داتش شل" سعت إلى استئجار سفن لتخزين الكميات غير المطلوبة من وقود الطائرات.
تكرير البنزين مكلف
يوم الاثنين، سجلت هوامش إنتاج البنزين في الولايات المتحدة سعراً سلبياً في ختام التعاملات، وهو ما يعني أنّ شركات التكرير ستُمنى بخسائر عند شراء النفط لتصنيع البنزين.
وفي العادة، يكون البنزين محرك قطاع الطاقة، إذ يمثل وقود وسائل النقل معظم الطلب العالمي على النفط. وانخفض الهامش إلى ناقص 1.11 دولار للبرميل، يوم الاثنين، مسجلاً أدنى مستوى منذ 2008.
روسيا تتمسك بموقفها و"روسنفت" تحتفي
تمسّك إيغور سيتشين، الرئيس التنفيذي لشركة "روسنفت"، بعدم تقديم تنازلات في الوقت الذي تواجه فيه صناعة النفط الصخري الأميركية الانهيار. وقال، يوم الجمعة، إن أسعار النفط قد تعود إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل "إذا خرج النفط الصخري من الأسواق".
ويوم الاثنين، قال منافسه ليونيد فيدون، أحد الشركاء في شركة "لوك أويل": "هذه ستكون حرباً حتى النهاية".
ماذا عن الإيثانول؟
لا يهم! يبدو أنّ إمدادات الذرة والسكر سترتفع هذا العام مع إقبال الموردين على تقليل كميات الإيثانول التي تُخلَط بالبنزين. وتعمل شركات مثل شركة "تيروز" الفرنسية على تحويل إنتاج الإيثانول للاستخدامات الصناعية مثل المطهرات اليدوية، فيما يهدف منتجو السكر في البرازيل إلى زيادة إنتاجه بدلاً من الوقود.
جنون التعاملات
تفاقمت التقلبات في أسواق النفط، في الوقت الذي تبقى فيه شركات النفط خارجها. وهذا يتيح الفرصة للمضاربين ولتحركات سريعة في الأسعار في ختام التعاملات. وكان الارتفاع الذي حدث يوم الخميس كبيراً، حتى إن الأمر وصل إلى حد وقف التعاملات بعد انتهاء ساعات التداول الرسمية. وقال متعامل في سوق المعاملات الآجلة: "سوق مجنونة. لا أدري كيف أتعامل فيها".
توقف مصافي التكرير
أغلقت شركة "توتال" الفرنسية العملاقة، مصفاة غراندبوي الواقعة خارج باريس، في أوائل مارس/ آذار، لإجراء أعمال الصيانة.
وعندما حان وقت استئناف تشغيل المصفاة التي تبلغ طاقتها 102 ألف برميل يومياً غيرت "توتال" رأيها.
وضعف الطلب بسرعة، لدرجة أنها فكرت في استمرار وقف العمل فيها. وفيما أغلقت مصافي تكرير أخرى، عمدت مصافي التكرير الكبرى خارج لوس أنجليس وكاليفورنيا إلى تقليص الإنتاج بسبب ضعف الطلب.
سلامة العاملين في محطات البنزين
قررت إيطاليا، إحدى أكثر الدول تضرراً من وباء كورونا، إغلاق محطات الوقود. وقالت شركات التشغيل إنها بدأت تغلق المحطات على الطرق السريعة، في 25 مارس/ آذار، إذ أصبح من المستحيل ضمان معايير السلامة الصحية ومواصلة العمل.
(رويترز)