البرلمان اللبناني يؤجل تصحيح الأجور.. وإضراب شامل غداً

15 ابريل 2014
خلال اعتصام هيئة التنسيق اليوم (تصوير حسين بيضون)
+ الخط -
ناقش البرلمان اللبناني في جلسة بدأت صباح اليوم الثلاثاء، مشروع سلسلة الرتب والرواتب التي تصحح أجور موظفي القطاع العام والمعلمين في المدارس الرسمية والخاصة، إضافة الى الأجهزة العسكرية... وبعد انتظار دام حوالى تسع ساعات، صوّت البرلمان بغالبية نوابه على تأجيل بحث سلسلة الرتب والرواتب 15 يوماً، ريثما تعيد لجنة برلمانية تمثل كل القوى السياسية مناقشة بنود تمويل السلسلة. إلا أن نواب حزب الله وحركة أمل، أعلنوا رفضهم المشاركة في اللجنة، مطالبين بإقرار السلسلة اليوم. 
قرار التأجيل أدى إلى إعلان موظفي القطاع العام والمعلمين في المدارس العامة والخاصة الإضراب الشامل، يوم غد الأربعاء، مع تنفيذ اعتصامات أمام الوزارات والإدارات والبرلمان. 

وأتت المناقشات المستمرة منذ صباح اليوم الثلاثاء، على وقع اعتصام نفذته "هيئة التنسيق النقابية" التي تمثل الشريحة المستفيدة من سلسلة الرتب والرواتب، أمام مبنى البرلمان اللبناني.
وفي حين كانت الأجواء، يوم أمس الإثنين، تؤكد إقرار سلسلة الرتب والرواتب اليوم، إلا أن انقساما حادا بين النواب سيطر على الجلسة البرلمانية، اليوم الثلاثاء، وأعاد إلى نسق الخطابات لغة الفرز بين قوى "14 آذار و8 آذار".
وخلال المناقشات تميز موقف تيار المستقبل برفض مطلق لإقرار السلسلة، داعياً إلى تأجيل مناقشتها، كما اقترح نواب القوات اللبنانية تأجيل البحث في إقرار السلسلة، في مقابل اعتبار نواب حزب الله وحركة أمل أن سلسلة الرتب والرواتب حق للموظفين. لينتصر في نهاية الأمر موقف 14 آذار الذي انضم إليه التيار الوطني الحر (حليف حزب الله). 
علماً أنه حتى المشروع الذي يدافع عنه نواب حزب الله وحركة أمل، يعتبر متناقضا بشكل تام مع مطالب الموظفين والأساتذة في القطاع العام، وفق ما تؤكد هيئة التنسيق النقابية، بحيث تطرح هذه القوى تقسيط دفع الزيادة على الأجور وعدم اعتماد المفعول الرجعي في دفع هذه الزيادة إضافة إلى زيادة ساعات العمل في القطاع العام، وعدم شمول جميع الموظفين في الإفادة من سلسلة الرتب والرواتب.

إضراب واعتصامات

وبعد إعلان تأجيل مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، أعلن عضو هيئة التنسيق النقابية حنا غريب، في مؤتمر صحافي باسم الهيئة، الإضراب الشامل، غداً الأربعاء، في كل مؤسسات القطاع العام وفي المدارس الخاصة والعامة والوزارات والإدارات العامة، رداً على المماطلة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، داعيا إلى اعتصامات غدا الساعة العاشرة صباحاً، في جميع المراكز وفي كافة الوزارات مع اعتصام مركزي أمام وزارة التربية.
وأوضح غريب أن الهيئة ستعقد مؤتمراً صحافياً، الساعة الثانية من بعد الظهر، أمام المجلس النيابي لتوضح بالأرقام سبب الهجمة على سلسلة الرتب والرواتب، مشيراً إلى رفع توصية بالتظاهر والإضراب في 29 أبريل/نيسان، في حال لم يتم إقرار السلسلة، معلناً عن خطة تصعيدية وصولاً إلى إعلان الإضراب المفتوح ومقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية حتى إقرار السلسلة.

وقد نفذ موظفو القطاع العام ومعلمو المدارس الرسمية في لبنان، تحت مظلة هيئة التنسيق النقابية، اعتصاماً اليوم أمام البرلمان اللبناني رفعوا خلاله شعارات تعبر عن مطالبهم بإقرار سلسلة الرتب والرواتب بشكل فوري، ومن دون تقسيط، مع دفع المفعول الرجعي، بدءاً من العام 2012.

وأشار عضو هيئة التنسيق النقابية، حنا غريب، في كلمة له خلال الاعتصام، إلى أن "اليوم سيقرر النواب أين سيقفون، مع الحقوق أم ضدها، مع 250 ألف أسرة تعيش من رواتب السلسلة أم أنهم سيقفون مع الواحد في المئة أي المتمولين الذين يعارضون السلسلة، ويستولون على نصف الثروة في لبنان".

وأضاف غريب "نريد حقوقنا بالكامل، لا مساومة على حقنا في تصحيح الأجور 121 في المئة، ولا  تفاوض على حقوق أساتذة التعليم الثانوي، وعلى المفعول الرجعي، وعلى التقسيط والدرجات، وإلغاء الضرائب على الراتب، وأيضاً رفض إلغاء المنح التعليمية".

وتابع غريب "لن نسمح لتكتل أصحاب المصالح المصرفية والعقارية أن يفرضوا شروطهم علينا". وأعلن أن "كل نائب يقبل المساومة على الحقوق، ويفكر بدفعنا إلى تقديم المزيد من التنازلات خدمةً لأصحاب الثروات الذين يحققون أرباحاً ومن الأملاك، سنعتبره يساير الباطل ضد الحق".

بدوره، استهجن المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين في لبنان "عدم إدارج المادة 18 التي تشمل المعلمين في المدارس الخاصة بمشروع سلسلة الرتب والرواتب الذي يناقش في مجلس النواب رغم التأكيدات التي وردت للنقابة سابقا من رئيس اللجنة الفرعية إبراهيم كنعان ومن وزير التربية الياس بو صعب عن عدم حذف هذه المادة".

وأعلن المجلس، في بيان، بعد جلسة استثنائية برئاسة النقيب نعمة محفوض أنه "إزاء هذا الواقع، وفي حال إقرار السلسلة من دون شمولها معلمي القطاع الخاص، ستعلن نقابة المعلمين في لبنان عندئذ، إيقاف العمل في المدارس الخاصة إلى حين تصحيح الخطأ الحاصل".
كما أكد على "محاسبة كل السياسيين في مجلس النواب اليوم، حول خياراتهم بموضوع السلسلة". وقال" "أمر معيب أن يطلب النواب المزيد من الوقت لدراسة السلسلة بعد عامين ونصف من المماطلة في هذا الملف، يجب إنهاء المهزلة، وإلا فابتداء من الغد، هناك ثورة شعبية ستنطلق حتى إقرار حقوقنا".

سجال بين برّي والسنيورة

وقدم رئيس كتلة "المستقبل" النيابية، رئيس الحكومة السابق، فؤاد السنيورة، اقتراحاً إلى البرلمان بتشكيل لجنة من النواب وأصحاب الاختصاص وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لإعادة درس سلسلة الرتب والرواتب، والابتعاد عن ما يسمى المفعول الرجعي وأن تعود اللجنة للاجتماع بعد مدة زمنية من أجل إقرار السلسلة في المجلس.

وأشار السنيورة إلى أن "القطاع العام في لبنان يعمل 32 ساعة أسبوعياً، وهو أقل مما هو معمول به في جميع أقطار العالم قاطبة، ويوازيها أيضاً قطاع المعلمين والأساتذة، ولذلك يجب المسارعة إلى زيادة عدد ساعات العمل في كل إدارات ومؤسسات القطاع العام، بما يساهم في تحقيق نقلة نوعية لزيادة الإنتاج". ودعا "إلى وجوب عدم الموافقة على المفعول الرجعي للسلسلة لا بل العمل على تجزئتها على مدى ثلاث سنوات".

لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري ردّ على السنيورة قائلاً إن "التشريع من مهام البرلمان ومناقشة السلسلة تمت بمساعدة أهل الاختصاص". وتمنى "أن لا يكون المجلس منقسما إلى فريقين"، موضحا أننا "أجرينا التوازن في اللجان النيابية حول موضوع النفقات، والقضية قضية أخلاقية، وقضية حق". وقال "لم أسمع أحداً من فريق 8 آذار أو من فريق 14 آذار، إلا وقال أن السلسلة قضية حق".

ولفت في تصريح له من المجلس النيابي إلى أن "أحد البنود الإصلاحية في مؤتمر المانحين (باريس 3) هو زيادة الضريبة على الفوائد المصرفية، إلى أنه تم تجميد هذا الإصلاح برغم أن أرباح المصارف وصلت إلى مليار و700 مليون دولار سنوياً.
وأشار بري إلى أن "المصارف توظف 60 في المئة من الودائع في سندات الخزينة بدلا من أن توظفها في الصناعة والزراعة".

إلا أن مجلس النواب صوت بالأكثرية (65 نائباً) على اقتراح تأجيل البحث في سلسلة الرتب والرواتب مدة 15 يوما وتشكيل لجنة نيابية لبحثها. 


انقسام النواب بين رافض ومؤيد

وقد انقسم النواب في البرلمان اللبناني خلال المناقشات بين مؤيد لإقرار السلسلة ورافض لها، فقد أيد النائب اسطفان الدويهي خلال الجلسة العامة لمجلس النواب إقرار سلسلة الرتب والرواتب. 
ورد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (حزب الله) النائب علي عمار على كلام رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة، مذكرا باتفاق الطائف، ومتحدثا عن نظرية اقتصاد الريع والمحاصصة في الإدارة.
وشدد على أن "إقرار سلسلة الرتب والرواتب موقف أخلاقي".
ورأى أن "كل المطالب الاجتماعية ستنفجر في وجه المجلس النيابي، ونحن على عتبة الاستحقاق الرئاسي".

بدوره، أيد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لافتا إلى أن "الحد الأدنى للأجور وهو 675 ألف ليرة ليس كافيا".
ودعا إلى "أن يكون هناك توازنا بين الحقوق والإمكانات"، مشددا على أن "الإصلاحات ضرورية ويجب أن تكون جدية".
في المقابل، اعتبر وزير التربية الياس بو صعب أن "هناك خلافا على تمويل سلسلة الرتب والرواتب وهناك حقوق مكتسبة يجب أن نقف إلى جانبها ونتحدث عنها، وهناك أرقام تناقش"، لافتا إلى أن "البعض يصور المعلمين والأساتذة على أنهم أعداء الاقتصاد في لبنان، وهذا الكلام ليس صحيحا"، مضيفا "ولكن في موضوع تمويل السلسلة إذا لم يكن مدروساً جديا ومؤمنا بشكل واضح فإننا ندخل البلد في المجهول".

كذلك، قال وزير السياحة ميشال فرعون إنه "لا يمكننا التشريع تحت تهديد الإضرابات". ودعا إلى عودة الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني من جهة، وما يرافقه من آمال لتحريك الأجواء السياحية.
وتساءل الوزير "هل كتب علينا أن ننتقل من أزمة إلى أخرى لننقذ بلدنا من الهاوية السياسية والأمنية وتعطيل المؤسسات من خلال حكومة الهدنة والتسوية الأمنية، لننتقل إلى الوقوع في هاوية الخلافات والمزايدات الاجتماعية والمالية من خلال رفض الحوار والتسويات من أجل المصالح الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء؟"

كذلك، أشار عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ياسين جابر في حديث إذاعي إلى أن "الكتلة مع إعطاء الحقوق للموظفين من ناحية تصحيح الأجور وغيره، ولكن بشكل منطقي، وبشكل لا يمكن فيه تحميل الدولة أعباء اضافية لا تستطيع أن تتحملها"، مضيفاً "يجب التأكيد على إعطاء الحقوق لكن من دون الوقوع في أزمة تؤدي إلى أمور سلبية".
ولفت جابر إلى أنه تم "في اللجان طرح فرض ضرائب على الكماليات، والزيادة الجمركية، وهناك من قال إنه يجب زيادة اثنين في المئة على الضريبة المضافة"، مشيراً إلى أن "الهيئة العامة ستقرر في أي اتجاه ستذهب"، مشدداً على أن "تقسيط السلسلة أمر مؤكد، لأنه لا يمكن دفعها مرة واحدة".
 

 

المساهمون