حرفيو الذهب يتحولون لمهن أخرى بالمغرب

13 اغسطس 2015
ارتفاع الأسعار يقلص إقبال المغاربة على شراء الذهب(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

رغم اعتبار الكثير، أن الذهب هو الملاذ الآمن للاستثمار والادخار، إلا أنه تحول للنقيض بالنسبة للكثيرين من الصاغة في المغرب الذين هجروا المهنة بسبب ارتفاع أسعار المادة الأولية خلال الأعوام الأخيرة، ليتجهوا إلى مهن أخرى.

محمد سريجة، تعلم قواعد صناعة الذهب من أبيه بالدار البيضاء. أتقن تلك الحرفة وخبر أسرارها، لم يكن يظن يوماً أنه سيتحول عنها. غير أنه لم يجد بدّاً من السعي إلى رزقه في نشاط آخر، بعدما لم تعد ورشة أبيه تستقبل الطلبيات كما كانت في السابق.

سريجة أضحى سائق شاحنة تابعة لشركة مشروبات غازية، لأنه لم يجد عملاً في ورشة أخرى لصناعة الذهب، مؤكداً أن عدداً لا يستهان به من الصناع الصغار التقليديين في مدينة الدار البيضاء، خفضوا مستوى نشاطهم أو أغلقوا متاجرهم وبحثوا عن رزقهم في قطاعات أخرى.

سريجة يربط تراجع الطلب على الذهب في السنوات الأخيرة بارتفاع الأسعار، التي وصلت في الفترة الأخيرة إلى أكثر من 31 دولاراً للغرام الواحد، بعدما لم تكن تتعدى قبل ثمانية أعوام 11 دولاراً، لكنه يتصور أن الطلب لا يعزى فقط إلى ارتفاع أسعار المعدن النفيس، بل له علاقة بتغير عادات المغاربة الاستهلاكية.

ويؤكد أن الذهب لم يعد الملاذ الآمن للأسر كي تدخر عبره أموالها، بل إنها أضحت توزع ما يتوفر لديها من مال بين اقتناء السكن وتعليم الأبناء في التعليم الخاص والترفيه.

وقد أفادت المندوبية السامية للتخطيط الإثنين الماضي في تقرير لها حول الأسر المغربية، أن 56.2% من الأسر ترى أن الوقت غير مناسب من أجل شراء سلع مستديمة، وأكثر 35% من الأسر أوضحت أنها تقترض من أجل تغطية نفقاتها، بينما ذهبت 83.7% من الأسر إلى أنه ليس بإمكانها الادخار في الـ 12 شهراً المقبلة.

ويذهب سريجة إلى أن البيع للأسر يشهد ركوداً كبيراً، خاصة بعد ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة. ويلاحظ أن الأسر التي تضطر لشراء الذهب لدواع ترتبط بمناسبات الزواج، تختار باعة الذهب الذين يمكن أن يمنحوها تسهيلات كأن تؤدي الثمن على مدى شهور، مشيراً إلى أن الصيف لم يعد يعيد للذهب بريقه كما جرت العادة على ذلك في السابق.

اقرأ أيضاً: فضيحة "الذهب القذر" تتفجر في معرض الساعات الفاخرة بسويسرا

وفي يوليوز/تموز الماضي، نشر البنك الدولي تقريراً صنف المغرب في المركز الثالث ضمن 5 بلدان ذات دخل منخفض.

ويسعى المغرب إلى تعزيز اقتصاده ورفع مستوى المعيشة، حيث توقع وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد في تصريحات مؤخراً، أن يحقق الاقتصاد المغربي، نمواً بنحو 5% خلال العام الجاري 2015، مرتفعاً عن المستوى الذي توقعته الحكومة في الموازنة في بداية العام، والذي قدرته بنسبة 4.4%.

عبد القادر عزيزي، الذي احترف العمل في صناعة الذهب على مدى أربعين عاماً، يؤكد أن الطلبيات التي كان يحصل عليها تراجعت.

هذا الصانع التقليدي، يشير إلى دخول عامل جديد في السوق خلال الأعوام الأخيرة دفع الصناع التقليديين إلى هجر مهنتهم، حيث انفتح التجار كثيراً على الذهب الذي تصدره تركيا، ويجري إقناع الباعة المغاربة بشرائه.

يؤكد عزيزي أنه كما في حالة الفضة، يعرض الصناع الأتراك على الباعة المغاربة كميات كبيرة ومتنوعة تستجيب لرغباتهم.

ويوضح أن قوة الأتراك الضاربة تأتي من كون صناعاتهم متطورة، وإن كانت لا تصل إلي مستوى ما يوفره الصانع التقليدي المغربي من منتج على مستوى النقوش والأشكال التي ينفرد بها الصناع المغاربة.

ويميل المغاربة للذهب من عيار 18، الذي يحوي 75% من الذهب الخالص و25% من الفضة والنحاس ومزيج أبيض أو أحمر أو أصفر.

ويجرى التأشير على مطابقة الحلي والمجوهرات لعيار 18 من قبل الجمارك المغربية، عبر الختم الذي توفره لتلك الإدارة مؤسسة النقد والميداليات الفرنسية.

وتأتي المادة الخام التي يوظفها الصناع من أجل توفير ما يعرض في محلات بيع الذهب، من إعادة تذويب المجوهرات والحلي القديمة التي تعيد الأسر بيعها، ففي كل سوق للذهب يقام كل يوم مزاد علني للمجوهرات والحلي القديمة، التي يتم تذويبها وتعرض على إدارة الجمارك من أجل تحديد ما إذا كانت توافق العيار المعمول به بالمغرب، بعد ذلك يعاد تصنيعها مجوهرات وحلياً جديدة.

ولا يخفي عزيزي خوفه من المغامرة بتصنيع مجوهرات قد لا يسأل عنها أحد. فتقدمه في العمر كما الكثير من الصناع التقليديين يدفعه إلى التفكير في تفادي الخسارة، رغم عشقه لهذه الحرفة التي تعلق بها قلبه كثيراً.


اقرأ أيضاً: المغرب يخصص 5 مليارات دولار للمناطق الفقيرة

دلالات
المساهمون