خرج آلاف الجزائريين، صباح اليوم الأحد، للاحتجاج على مشروع قانون المحروقات، الذي صدّق عليه اليوم رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، قبل إحالته على البرلمان في الأيام المقبلة.
وحاصر المحتجون مبنى البرلمان في شارع زيغود يوسف بالجزائر العاصمة، لإسقاط مشروع قانون المحروقات المثير للجدل، رافضين ما سمّوه "بيع ثروات البلاد للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات".
ومنذ ساعات الصباح الباكرة، فرضت مصالح الأمن تعزيزات أمنية مشددة على كل الطرق المؤدية إلى مقرّ المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، عقب انتشار دعوات إلى التظاهر ضد محاولة حكومة تصريف الأعمال التي يقودها نور الدين بدوي، تمرير مشروع قانون المحروقات بسرعة فائقة.
واستجاب مئات المواطنين لتلك النداءات، وتجمعوا أمام مبنى البرلمان، قبل أن يتضاعف العدد منتصف النهار، ليصل إلى الآلاف الذين هتفوا بـ"الجزائر ليست للبيع" و"يسقط قانون المحروقات"وكذا "يا العار يا العار باعوا الجزاير بالدولار" و"قانون المحروقات إلى القمامة".
واعتبر المحتجون أن المشروع يهدف الى بيع الثروات الطبيعية الجزائرية للشركات متعددة الجنسيات لإرضاء حكومات تلك الشركات و"رضوخاً لإملاءات أجنبية".
ووفق مشروع القانون الجديد للنفط والمحروقات الذي تسلمت "العربي الجديد" نسخة منه، ركزت الحكومة على "الضرائب" لاستمالة الشركات العالمية، وذلك بإقرار إعفاءات ضريبية وجمركية لعدد من الأنشطة وتدابير نقل حصص الشركات الأجنبية في حال الاستحواذ عليها من طرف شركات أخرى، إضافة إلى ما يتعلّق بنشاط المناولة والتوظيف وتقاسم الإنتاج.
وقدم القانون الجديد تحفيزات في المجال الضريبي والجبائي، حيث أُعفي نشاط المنبع (البحث والاستكشاف والتنقيب) من الرسم على القيم المضافة، بما فيها عمليات استيراد السلع والخدمات المرتبطة مباشرة بهذا النشاط.
كذلك أُعفي هذا النشاط من الرسم على النشاط المهني، إضافة إلى إعفاءات من الرسوم والضرائب والحقوق الجمركية على واردات السلع والتجهيزات، والمواد والمنتجات المستخدمة في أنشطة استكشاف حقول النفط واستغلالها، وألغت مسودة قانون النفط الرسوم على التوطين البنكي المتعلقة باستيراد خدمات موجهة إلى أنشطة المنبع (الاستكشاف التنقيب والإنتاج).
وقُصد من القانون إغراء شركات النفط العالمية بالبقاء في الجزائر لأطول مدة ممكنة، ورفعت الحكومة الجزائرية آجال تراخيص البحث والاستكشاف من سنتين إلى 7 سنوات، يمكن تمديدها لسنتين إضافيتين، وستكون المدة القصوى لاستغلال حقول نفطية وغازية 32 سنة.
وفي ما يتعلق بحالات بيع تنازل الشركات الأجنبية عن حصصها في المشاريع المقامة فوق التراب الجزائري، أعطى القانون الجديد الأولية للعملاق الجزائري "سوناطراك" ضمن ما يعرف بحق "الشقعة" لشراء الحصص، لمنع تحويل حصص شركات أجنبية في حقول نفطية وغازية إلى شركات أخرى، حيث إنه يمنح حق الأسبقية لـ "سوناطراك" التي يمكنها ممارستها خلال فترة لا تتجاوز 60 يوماً من تاريخ إخطارها من طرف وكالة تثمين موارد المحروقات الجزائرية بطلب تحويل الأصول.
وبالرغم من محاولات تسويق قانون المحروقات من طرف الحكومة المؤقتة، إلا أن الأصوات الرافضة له بدأت تتعالى أخيراً، فبالإضافة إلى أحزاب المعارضة، انضمت نقابات مهنية إلى دائرة الرافضين للقانون الجديد المنظم لقطاع النفط في البلاد، على غرار نقابات التربية
والصحة، بالإضافة إلى اتحاد منظمات محامي الجزائر الذي دعا إلى سحب قانون المحروقات الذي وصفه الاتحاد بـ "المثير للجدل"في بيان له صدر في 12 أكتوبر/تشرين الأول.