الكويت .. ضريبة القيمة المضافة تُربك تجار السيارات والمشترين

27 نوفمبر 2016
سوق السيارات تعاني من تراجع الطلب (Getty)
+ الخط -
يسيطر الترقب على سوق السيارات في الكويت، وسط قلق من تغيير ضريبة القيمة المضافة خارطة السوق ومييعات المركبات الجديدة ولاسيما الفارهة.
وضريبة القيمة المضافة، التي يتوقع تطبيقها مطلع 2018 ستُفرض بنسبة 5% على الفرق بين سعري التكلفة والبيع للسلع المحلية والمستوردة.
ويقول جورج كامبل، الخبير المالي في شركة ديلويت المتخصصة في الحسابات والبيانات المالية، إن وكالات السيارات في الكويت ستواجه تحديات ابتداءً من مساء 31 ديسمبر/كانون الأول 2017، على اعتبار أن السيارات التي سيتم شراؤها بعد ذلك الموعد سيتغير سعرها، بعد إضافة نسبة الضريبة إليها.
ويوضح كامبل في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قطاع السيارات قد يشهد حراكاً خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث يسرع راغبو اقتناء السيارات في إنهاء إجراءات الشراء، تجنباً للتكلفة الجديدة بعد تطبيق الضريبة.
ويرى أن أهم الصعوبات التي ستواجه وكالات السيارات خلال العام المقبل، تتمثل في مدى قدرتها على تلبية الارتفاع المتوقع في الطلب على السيارات الجديدة خلال الـ 12 شهراً المقبلة، وهي الفترة التي تسبق فرض الضريبة.
ويقول "سيتوجب على تجار السيارات الاحتفاظ بمخزون مناسب من السيارات ذات المواصفات المناسبة لعملائهم، خاصة السيارات الآسيوية التي تفضلها شريحة كبيرة من الوافدين، وتعد من الفئات المتوسطة ذات السعة اللترية 1600 سي سي، إضافة إلى السيارات الضخمة ذات الدفع الرباعي التي يفضلها الكويتيون، التي تتجاوز سعتها اللتريه 3000 سي سي".
ويتوقع كامبل ارتفاع حجم المعروض في سوق السيارات المستعملة، خاصة مع اتجاه شرائح من الكويتيين والوافدين للتخلص من سياراتهم الحالية لشراء سيارات جديدة.
لكنّ مسؤولاً في إحدى كبريات وكالات السيارات يقول إن ارتفاع مبيعات السيارات الجديدة سيظل مرهوناً بالقدرة الشرائية للكويتيين والوافدين، مشيراً إلى أن السوق تعاني بالأساس من تراجع المبيعات بسبب تداعيات هبوط أسعار النفط بأكثر من 50% منذ منتصف 2014 على الأسواق ومنها السيارات.
ويضيف أن ضريبة القيمة المضافة ستزيد من ارتباك السوق، وقد ترفع الطلب من جانب الوافدين على السيارات الأقل من حيث السعر والإمكانات.
وكانت العديد من وكالات السيارات في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي قد قلصت من طلبيات السيارات الجديدة خلال العام الجاري بسبب انخفاض المبيعات في ظل الركود، الذي سيطر على العديد من الأسواق بفعل تسريح أعداد من العمالة الوافدة، وحالة الترقب التي دفعت الكثيرين سواء من المواطنين أو العمالة الأجنبية إلى ترشيد الإنفاق.
وتراجعت مبيعات السيارات في الكويت وفق البيانات الرسمية بنسبة 27% في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب 2016، لتصل إلى 60.8 ألف سيارة مقابل 83.2 ألف سيارة للفترة المقابلة من العام الماضي 2015. وشمل الهبوط معظم الأنواع.


ويقول محمد العوضي، رئيس مجلس إدارة الشركة الكويتية المتحدة للسيارات، إن قانون ضريبة القيمة المضافة سيؤدي فقط إلى رفع أسعار السيارات الفارهة الأعلى من 2000 سي سي، وهي التي تقبل عليها شريحة متوسطي الدخل بين الوافدين والكويتيين.
ويضيف العوضي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ما يتردد من رفع أسعار السيارات ذات السعة اللتريه المنخفضة هو محاولات خداع من أصحاب معارض السيارات، الذين يسعون إلى زيادة أرباحهم بعد تطبيق الضريبة.
وكان وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، قد قال في تصريحات صحافية في وقت سابق من العام الجاري، إن ضريبة القيمة المضافة قادمة لا محالة، وسيتم توقيعها بالاتفاق مع مجلس التعاون الخليجي، لتكون شاملة لجميع دول الخليج.
واقتربت دول الخليج الست (الكويت، السعودية، قطر، الإمارات، البحرين، سلطنة عُمان) من الاتفاق بشكل نهائي على تطبيق القيمة المضافة، وفقاً لوزارة المالية الكويتية، التي تتوقع أن تبلغ حصيلة الضريبة سنوياً نحو 500 مليون دينار (1.6 مليار دولار).
وتستحوذ السيارات الآسيوية على الحصة الكبرى من السوق الكويتية، إذ تصل نسبتها إلى 55%، بينما تصل حصة السيارات الأميركية إلى 30% والأوروبية إلى 15%، بحسب بيانات نادي السيارات الكويتي (جهة معتمدة لدى الحكومة).
ومن أكثر السيارات الآسيوية مبيعاً، تويوتا اليابانية التي تستحوذ وحدها على نحو 50% من مبيعات السيارات الآسيوية، تليها ميتسوبيشي ونيسان اليابانيتان أيضا بواقع 20% لكل منهما، أما 10% المتبقية فتتوزع على السيارات الأخرى من طرازات لكزس وهوندا وانفينيتي ومازدا اليابانية وكيا وهيونداي الكوريتين.
أما السيارات الأميركية، فتتصدرها شيفرولية وفورد بنسبة 25% لكل منهما، أما نسبة 50% المتبقية موزعة على باقي الطرازات من الولايات المتحدة ومنها جيب و جى إم سي و همر و دودج.

وبخصوص السيارات الأوروبية، فسيارات المرسيدس و بي إم دبليو تستحوذ على حصة كبيرة من السوق، ولكل منهما أيضاً حصه تكاد تكون متساوية وتقارب 25% لكلا منهما، والـ 50% الأخرى من السوق تتوزع بواقع 20% لسيارات بورش و10% لسيارات أودي ومثلها لفولكس فاغن و10% لسيارات فيراري ولامبرغيني وبنتلي ورولزرويس وميني كوبر ورينو.
ويتوقع عاملون في سوق السيارات أن تشهد الأشهر المقبلة تغيراً جديداً في خريطة المبيعات على ضوء ضريبة القيمة المضافة، بعد أن حصل بالفعل تغير خلال الأشهر الأخيرة من 2016 بفعل زيادة أسعار الوقود.
وبات العملاء من الكويتيين والوافدين حريصين خلال الأشهر الأخيرة، على معرفة حجم المحرك واستهلاكه للوقود، وسط إقبال على شراء سيارات الصالون العادية وسيارات الدفع الرباعي صغيرة الحجم.
وأعلن مجلس الوزراء الكويتي في أغسطس/آب الجاري رفع سعر البنزين بنسبة تتراوح بين 41% و83% حسب النوع، وتم تطبيق الزيادة مطلع سبتمبر/أيلول، بينما تقرر أن تتولى لجنة حكومية مراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر لتتواءم مع أسعار النفط العالمية.
وفي ظل الارتفاع المتوقع في أسعار السيارات، فإنه من المرجح زيادة الإقبال على الشراء بنظام التقسيط الذي لن يكون مقتصرا بشكل كبير على المركبات الجديدة وإنما سيشمل نسبة لا بأس بها من السيارات المستعملة أيضا.
وتعتبر سوق السيارات المستعملة في الكويت من أكبر الأسواق في الخليج، حيث تقدر عوائدها بعشرات ملايين الدولارات سنوياً. كما أن جزءاً كبيراً من السيارات يجري تصديره إلى العراق.
ويقول أحمد متولي، مدير عام شركة أتوميتو للسيارات المستعملة، إن نسبة الذين يشترون سيارات جديدة عبر نظام الأقساط يصل إلى نحو 60%، وهو الأمر الذي دعا شركات التمويل والبنوك إلى افتتاح فروع لها في جميع معارض السيارات.
ويتوقع متولى في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تزيد نسبة قروض السيارات بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة نظراً لارتفاع أسعار السيارات وسيكون هناك صعوبة على تدبير سعرها نقدا في ذلك الوقت.
ويوضح أن الشروط التي تطلب من العميل للسماح له بشراء سيارته الجديدة عبر البنوك أصبحت أسهل من قبل وتتم الموافقة على منح قرض شراء السيارة خلال مدة تتراوح ما بين يومين وأربعة أيام بأقصى تقدير.
ويرى جاسم زينل، الخبير المصرفي، أن حركة القروض الاستهلاكية بغرض شراء السيارات ارتفعت وتيرتها خلال الشهرين الماضيين خاصة من جانب الوافدين، مشيرا إلى أن ذلك قد يرجع إلى تجنب شراء السيارة قبل فرض الضريبة مما قد يعرضه لزيادة استبقاية في الأسعار من جانب بعض الوكلاء.
ويأتي اتجاه الكويت لفرض ضريبة القيمة المضافة، في وقت تعاني فيه الموازنة من عجز بسبب استمرار الهبوط في أسعار النفط.
وتشكل الإيرادات النفطية نحو 90% من إيرادات الموازنة العامة للدولة. وحسب التقارير الرسمية فقد سجّلت الكويت عجزاً بقيمة 4.6 مليارات دينار (15.3 مليار دولار)، هو الأول منذ 16 عاماً.

دلالات