تخفيض التصنيف السيادي لمصر.. الأوضاع الاقتصادية تتفاقم

15 مايو 2016
توقعات بزيادة التضخم والأسعار ومعدلات الفقر (Getty)
+ الخط -


اعتبر خبراء اقتصاد ومحللون أن تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لمصر، وتصاعد النظرات السلبية الدولية للاقتصاد المصري، مؤشر خطير على تهاوي الاقتصاد المصري، وتفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وخفضت وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر إلى سلبي، بعدما كان مستقرا، بسبب الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد.

وقالت "ستاندرد أند بورز" في تقرير لها: "النظرة السلبية تعكس تقديرنا بأن هشاشة الوضع المالي في مصر قد تتفاقم خلال الـ12 شهرا المقبلة. ونعتقد أن هذا يعطل تعافي اقتصاد البلاد، ويصعد التوتر السياسي والاجتماعي في البلاد".

وتوقعت الوكالة تراجع النمو الحقيقي في مصر إلى 3% في 2016، بعدما ارتفع إلى 4.2% في 2015. 

وقالت الوكالة إن ضبط أوضاع المالية العامة في مصر يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع، حيث توقعت أن يؤدي انخفاض أسعار الطاقة وإجراءات زيادة الإيرادات إلى تراجع العجز بدرجة ما، في السنوات القليلة المقبلة.


وتصدّرت مصر قائمة أكثر العرب استدانة خلال العام المنصرم بنحو 44 مليار دولار، وتراجعت الاحتياطات النقدية للبلاد من مستويات بلغت 36 مليار دولار قبل نحو 5 أعوام إلى مستوى حالي يبلغ نحو 16.5 مليار دولار، وهو ما دفع البنك المركزي المصري إلى تخفيض قيمة العملة المحلية الشهر قبل الماضي 112 قرشاً دفعة واحدة.

وأكد الخبراء أن خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر، سيؤدي إلى زيادة الصعوبات التي تواجهها الحكومة المصرية في التعاملات مع الأسواق العالمية، خاصة فيما يتعلق بجذب استثمارات أجنبية جديدة، أو الحصول على القروض، أو طرح سندات دولية وخلافه.

وقال الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في القاهرة، ومساعد مدير صندوق النقد الدولي الأسبق، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن هناك أربعة اختلالات مالية في جسم الاقتصاد المصري، تؤدي إلى زيادة النظرات السلبية للمؤسسات الدولية.

وأضاف أن الخلل المالي الأول يتمثل في العجز الفعلي للموازنة العامة للدولة وانحرافه عن العجز الذي تستهدفه الحكومة، والذي وصل في موازنة العام الحالي 11.5%، بفارق 2.5% عما كانت تستهدفه الحكومة.

ويتمثل الخلل المالي الثاني –وفقا للفقي- في ميزان المدفوعات وتفاقم العجز بين الصادرات والواردات. بينما يتمثل الخلل المالي الثالث في تفاقم حجم السيولة النقدية والتي تجاوزت نسبة الـ15%، مقارنة بحجم السلع والخدمات، مما نتج عنه زيادة معدلات التضخم في الأسعار. أما الخلل المالي الرابع فيتمثل في تفاقم معدلات الدين العام الداخلي.

وأكد الفقي أن هذه الاختلالات المالية تعطي إشارة سلبية للمستثمر الأجنبي والشركات العابرة للقارات، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية رغم ما تعلنه من إصلاحات اقتصادية إلا أنها لا تعطي ضمانات لتنفيذ تلك الإصلاحات، وبالتالي تفقد ثقة المؤسسات الدولية في إجراءات الحكومة المصرية.


وتوقع الفقي مزيدا من النظرات السلبية المستقبلية للاقتصادي المصري حال استمرار تلك الاختلالات المالية، مطالبا بضرورة إشراك بيت الخبرة الدولي (صندوق النقد الدولي) في مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية لكسب مصداقية دولية تعزز من وضع الاقتصادي المصري.

وأكد الفقي أن تراجع التصنيف الائتماني للمرة الثانية على التوالي من إيجابي إلى مستقر إلى سلبي، يؤكد فشل الحكومة المصرية في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وعدم مقدرتها على معالجة تلك التحديات. مطالبا بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لمواجهة الأزمات الاقتصادية، وتحسين الأوضاع المتردية للاقتصادي المصري.

وأشار وزير المالية الأسبق، ممتاز السعيد، إلى أن أعباء خدمة الدين الخارجي هي الأكثر تأثرا بتخفيض تصنيف مصر الائتماني الذي أعلنت عنه مؤسسة ستاندرد آند بورز.

وقال السعيد، في تصريحات له اليوم، إن أعباء الدين الخارجي تتأثر نتيجة ارتفاع أسعار فائدة الطروحات الدولية، نظرا لارتفاع نسبة المخاطر المحيطة بالاقتراض الدولي بعد تخفيض التصنيف الائتماني، وهو ما تضعه المؤسسات الدولية في اعتبارها عند الإقراض.

ولم تكن "ستاندرد أند بورز" هي المؤسسة الدولية الوحيدة التي عدلت من نظرتها للاقتصاد المصري إلى سلبية، حيث توقعت مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية "موديز"، في تقرير لها  نشر في أبريل الماضي، انخفاض التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة القادمة، مؤكدة أن ذلك سيؤثر بالسلب على الاستثمار، وقد يفضي إلى ارتباكات للاقتصاد الذي يعاني أصلًا تحت وطأة العجز.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير المصرفي أحمد آدم، أن ذلك ناتج عن فشل المسؤولين المصريين في التعامل مع التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، مشددا على أن تأثير تخفيض التصنيف سيكون خطيرا على الوضع الاقتصادي المتردي.

وأشار آدم إلى أن وزارة المالية حصلت على جزء كبير من أموال البنوك مقابل أذون الخزانة، مما دفع البنك المركزي إلى طباعة نقود جديدة، في ظل احتياج البنوك لتلبية طلبات القروض، موضحا أن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد ويرفع معدلات التضخم بشكل كبير، والتي تتبعها زيادة في الأسعار.

كما خفض البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، خلال العام المالي الجاري، إلى 3.3%، مقابل 4.3% توقعات سابقة أطلقها البنك في نوفمبر الماضي.

وقال البنك، في تقرير له أمس، بعنوان الآفاق الاقتصادية الإقليمية، إن تخفيض توقعات النمو يرجع إلى نقص العملة الأجنبية الذي قوّض نمو النشاط الصناعي الذي يعتمد بشكل كبير على استيراد مدخلات الإنتاج من الخارج.

واعتبر رئيس قسم الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، الدكتور إيهاب الدسوقي، أن خفض التصنيف الائتماني السيادي لمصر، شهادة دولية سلبية للاقتصاد المصري، ستؤثر بشكل مباشر على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، كما ستؤثر بالسلب على التعاملات الدولية للحكومة المصرية في الأسواق العالمية، خاصة الاقتراض من الخارج، مشيرا إلى أن مصر تحصل على قروض بنسب فوائد مرتفعة، الأمر الذي يحمل الاقتصاد المصري المزيد من الأعباء المستقبلية. 

المساهمون