دول الخليج الأكثر تضرراً من إصابات كورونا في النفط

08 فبراير 2020
انهيار أسعار النفط يرفع ديون دول الخليج (فرانس برس)
+ الخط -
تبدو دول الخليج العربي، الأكثر تضرراً بين منتجي النفط حول العالم، من عودة أسعار الخام للهبوط الحاد، بفعل الضربات التي يوجهها فيروس كورونا الجديد القاتل للاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للنفط وثاني أكبر اقتصاد في العالم.

فقد قدمت لجنة فنية تقدم المشورة لمنظمة "أوبك" وحلفائها بقيادة روسيا، وهو التجمع المعروف باسم "أوبك+"، مقترحاً الخميس الماضي دعمته بشدة دول الخليج العربي، يقضي بخفض الإنتاج بنحو 600 ألف برميل يومياً، لتضاف إلى الخفض الحالي البالغ 1.7 مليون برميل يومياً، لكن روسيا بدت غير متحمسة للمقترح، ما يزيد من مأزق دول الخليج، التي يعاني أغلبها من تراجع عوائد النفط، مصدر الدخل الرئيسي.

وخسر النفط أكثر من 20 في المائة، منذ اشتعال أزمة كورونا منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، وسط مخاوف من عودة الأسعار للهاوية وإعادة المشهد إلى عام 2014 حيث بدأت الأسعار بالانهيار لتلامس في 2016 مستوى 27 دولاراً للبرميل. وسجلت الأسعار انخفاضاً للأسبوع الخامس على التوالي، بختام تعاملات أمس الجمعة، إذ يُحجم المضاربون بسبب تراجع أرقام الاستهلاك والتوقعات بأن الفيروس، الذي أودى بحياة أكثر من 720 شخصاً، سيظل يضغط على الطلب. وتراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت إلى نحو 54.47 دولاراً للبرميل عند التسوية، أمس، خاسرة 6.3 في المائة على مدار الأسبوع، ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 50.32 دولاراً للبرميل، فاقدة 2.4 في المائة.

وقال محمد الرمحي، وزير النفط في سلطنة عمان، اليوم السبت، وفق "رويترز"، إن بلاده تؤيد التوصيات المتعلقة بإجراء خفض قصير وأكبر لإنتاج النفط حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، مشيراً إلى مواصلة المنتجين رصد تبعات فيروس كورونا على نمو الطلب على النفط. وتبحث "أوبك" والمنتجون من خارجها حالياً ما إذا كانوا سيجتمعون في وقت مبكر عن اجتماعهم المقرر في فيينا يومي الخامس والسادس من مارس/ آذار المقبل.

وفي وقت اقترحت فيه اللجنة الفنية التابعة لـ"أوبك" والمنتجين من خارجها، الخميس الماضي، خفض الإنتاج بنحو 600 ألف برميل يومياً، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أمس، إن موسكو تحتاج مزيداً من الوقت لتقييم الموقف، متوقعاً أن ينخفض الطلب العالمي على النفط بين 150 و200 ألف برميل يومياً في 2020 لأسباب من بينها الفيروس. ورغم زيادة مجموعة "أوبك+" خفض الإنتاج إلى نحو 1.7 مليون برميل يومياً بعد قرارها الأخير نهاية العام الماضي، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأسعار.

ويبدو أن تخمة المعروض، خاصة مع ارتفاع الإنتاج الأميركي، تزيد من صعوبة الموقف الذي تتعرض له "أوبك"، وكذلك في ظل ورود تقارير تشير إلى أن روسيا لا تزال تحافظ على مستويات مرتفعة من الإنتاج، رغم اتفاقها على خفض الكميات وفق الاتفاق.

زيادة الإنتاج الأميركي والروسي

ورفعت شركات الطاقة الأميركية عدد الحفارات النفطية العاملة، وفق بيانات صادرة عن شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة، أمس، موضحة أن الشركات أضافت حفاراً نفطياً في الأسبوع المنتهي في السابع من فبراير/ شباط، ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 676 حفاراً. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من الخام نحو 9 في المائة خلال العام الجاري إلى 13.3 مليون برميل يومياً، و3 في المائة العام المقبل 2021 إلى 13.7 مليون برميل يومياً من المستوى القياسي البالغ 12.2 مليون برميل يوميا في 2019.

وتتزامن زيادة إنتاج النفط الأميركي، مع زيادة الإنتاج الروسي أيضاً، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة النفط، أوردتها وكالة "إنترفاكس" للأنباء الرزوسية، الأحد الماضي، مشيرة إلى بلوغ الإنتاج 11.28 مليون برميل يومياً في يناير/ كانون الثاني الماضي، مقابل 11.26 مليون في الشهر السابق عليه.

وإنتاج روسيا من النفط لا يزال أعلى كثيراً من المستوى المستهدف في اتفاق خفض الإنتاج والبالغ نحو 11.1 مليون برميل يومياً. وقد يثير مستوى الإنتاج الحالي انتقادات من جانب "أوبك" تحديداً، خاصة بعد تهاوي أسعار النفط بفعل الهلع من تداعيات فيروس كورونا الجديد على الطلب العالمي.

وذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية في تقرير، يوم الأحد الماضي، أن تراجع الطلب الصيني، يمكن أن يكون أقوى ضربة لأسواق النفط من الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في 2008، وأدت إلى تراجع كبير في الطلب العالمي على الطاقة. كذلك فإن التراجع الحالي يعدّ أقوى ضربة مفاجئة للأسواق منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 الإرهابية على الولايات المتحدة.

وأصاب الشلل الذي سيطر على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية في الصين مصافي التكرير بالجمود، ما دفع شركة "سينوبك"، أكبر شركة تكرير هناك، إلى خفض الإنتاج بنحو 12 في المائة.

وفي هذه الأثناء، حذّر صندوق النقد الدولي، من أنه يجب على دول الخليج، التي تعتمد بشدة على إيراداتها النفطية، القيام بإصلاحات أعمق، أو المخاطرة برؤية ثرواتها تتلاشى خلال 15 عاماً، مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار. وقال الصندوق في دراسة عن "مستقبل النفط والاستدامة المالية" في المنطقة، نشرت الخميس الماضي، إنه "في الموقع المالي الحالي، فإنّ ثروة المنطقة المادية قد تستنزف بحلول 2034".

ولا تملك دول الخليج التي لطالما اعتمدت بشدة على النفط، الذي كان له الفضل في إثرائها لعقود، أي خيار سوى تسريع الإصلاحات الاقتصادية وتوسعتها، تجنباً لأن تصبح مقترضة صافية. وارتفعت ديون حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من قرابة 100 مليار دولار في عام 2014، إلى نحو 501 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من العام الماضي 2019، وفق تقرير لبنك الكويت الوطني حول تطورات سوق أدوات الدين، نشر في أغسطس/ آب الماضي.

المساهمون