لماذا ترتفع أسعار الوقود في مصر؟

04 يوليو 2019
أسواق مصر تترقب زيادات بالأسعار بسبب الوقود "فرانس برس"
+ الخط -


عادة ما ترفع الحكومات أسعار الوقود، ومنها البنزين والسولار والغاز وغيرها، لأسباب اقتصادية، منها مثلا في حال زيادة سعر النفط عالمياً، والذي يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار المشتقات البترولية.

وهذا السبب غير محقق الآن، فرغم زيادة المخاطر الجيوسياسية في العديد من دول العالم، وارتفاع منسوب التوتر في منطقة الخليج بسبب تهديدات إدارة ترامب بضرب إيران، وتصاعد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين رغم التهدئة المؤقتة، وحدوث اضطرابات في دول نفطية كبرى، منها فنزويلا والجزائر، إلا أن أسعار النفط تتراجع في الأسواق، خاصة مع زيادة المخزونات الأميركية وكثافة إنتاج النفط الصخري، عقب خفض تكلفة استخراجه من 80 دولاراً إلى نحو 30 دولارا.

كما تلعب عوامل أخرى دورا ي تراجع أسعار النفط منها ضغط ترامب المستمر على كل من السعودية والإمارات لزيادة الإنتاج النفطي وتعويض نقص صادرات النفط الإيراني، إضافة إلى تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للطاقة في العالم.

وإذا سارت الأمور على ما هي عليه حاليا، فقد يتراجع سعر النفط إلى 30 دولارا، حسب توقعات بنوك استثمار عالمية كبرى، مقابل 112 دولارا في منتصف عام 2014، وهو ما قد يتبعه تراجع حاد في أسعار المشتقات البترولية، وهو تطور في صالح الدول العربية المستوردة للطاقة، ومنها مصر وتونس والمغرب والأردن ولبنان والسودان واليمن وغيرها.

وترتفع أسعار الوقود في حال فرض ضرائب على المشتقات البترولية، بهدف ترشيد الاستهلاك المحلي، والحد من استخدام الطاقة بشكل عام داخل الأسواق، حفاظاً على البيئة من التلوث الناتج عن زيادة عدد السيارات والشاحنات في الشوارع، وكذا الحد من فاتورة استيراد الوقود، وبالتالي الحفاظ على موارد البلاد المحدودة من النقد الأجنبي.


وترفع الحكومات أسعار الوقود كذلك في حال رغبتها في الحد من زيادة الدين العام والعمل على خفض العجز في الموازنة العامة، أو في حال وجود خطة لتوفير موارد للدولة تمكّنها من زيادة المخصصات الموجهة للطبقات الفقيرة، خاصة تلك التي تندرج تحت بند "الفقر المدقع"، وكذا زيادة الدعم المخصص للسلع الغذائية والخدمات الضرورية مثل الصحة والتعليم وغيرها.

السؤال هنا ما هي أبرز الأسباب التي تدفع الحكومة المصرية إلى زيادة سعر الوقود، خاصة في هذا التوقيت الذي تتراجع فيه أسعار النفط عالميا، كما تواصل فيه الموازنة العامة عجزها ليصل إلى 445 مليار جنيه في العام المالي الجديد، مع ارتفاع فوائد الدين العام من 437.4 مليار جنيه إلى 541.7 مليارا؟

وما هي انعكاسات الخفض المتواصل في الدعم الحكومي المخصص للوقود على الموازنة العامة والدين العام الذي سجل مستويات قياسية خلال السنوات الأخيرة، ليقفز من نحو 1.7 تريليون في عام 2013 إلى ما يقرب من 6 تريليونات حاليا؟

والسؤال الأهم ماذا بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود؟ هل تتوقف موجة الزيادات في أسعار مواد الطاقة خاصة الوقود والكهرباء والغاز المنزلي؟ وما مدى قدرة المواطن على تحمّل مثل هذه القفزات في الأسعار، رغم دخله المحدود والمتآكل بسبب التضخم وزيادات الأسعار بما فيها المواد الغذائية؟ وما تأثيرات الزيادات المرتقبة على الأسواق خاصة السلع والنقل والمواصلات؟

بالطبع لا، لن يتوقف قطار الزيادات في أسعار الوقود، حيث ستكون هناك زيادات أخرى في الأسعار، خاصة أن هناك دعما حكوميا قيمته 52.8 مليار جنيه لا يزال مخصصا لدعم الوقود في موازنة العام الجاري 2019-2020 مقابل 89.75 مليار جنيه في السنة الماضية، وأن هناك خطة متفقا عليها مع صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الوقود كاملة وتركها للعرض والطلب، وبالتالي إلغاء الدعم كاملا.

والمحصلة هنا هي أن المواطن بات على موعد مستمر مع زيادات الأسعار التي لا يقتصر تأثيرها السلبي فقط على المواطن بل تمتد إلى الأسواق التي تصاب بحالة كساد وربما ركود ومزمن وتراجع في الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى موجات من زيادات الأسعار.

لكن، ماذا بعد انجاز الخطوة الأخيرة المتعلقة بتحرير أسعار الوقود، هل ستدخل البلاد مرحلة فرض الضرائب على استهلاك الوقود؟

دلالات
المساهمون