استمع إلى الملخص
- شهدت البورصات الصينية ارتفاعاً بعد حزمة إجراءات في سبتمبر، شملت خفض الفائدة وتيسير القروض العقارية، لكن أزمة القطاع العقاري لا تزال تحدياً كبيراً مع مديونية شركات كبرى.
- دعا المحللون إلى إصلاحات بنيوية لخفض الدين وإنعاش الاقتصاد، مع التركيز على دعم استهلاك الأسر وإصدار سندات، لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل.
أكّدت السلطات الصينية، الثلاثاء، أن لديها "ملء الثقة" بتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2024، لكنها لم تكشف عن إجراءات جديدة لإنعاش الاقتصاد الصيني ما خيب توقعات الأسواق. وقال رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاحات جينغ شانجي، خلال مؤتمر صحافي في بكين "كلنا ثقة بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية هذه السنة". وأضاف "لدينا ملء الثقة في مواصلة تنمية مستقرة وسليمة ومستدامة".
وكان هذا المؤتمر الصحافي مرتقباً جداً، إذ كان المستثمرون يأملون بإجراءات جديدة تنعش الاقتصاد الصيني بعد عشرة أيام على دفعة أولى أدت إلى تحسن كبير في البورصة. إلا أنّ السلطات خيّبت الآمال، إذ إنّ كبار مسؤولي اللجنة لم يعلنوا أي إجراء جديد رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني، ولا سيما أزمة القطاع العقاري واستهلاك الأسر المتلاشي. وحددت الصين التي تملك ثاني أكبر اقتصاد عالمي، هدف نمو بنسبة 5 % تقريباً هذه السنة وهو رقم اعتبره عدد من المحللين متفائلاً في بلد يعاني لإنعاش اقتصاده منذ انتهاء جائحة كوفيد.
وفتحت بورصتا شنغهاي وشنجن الثلاثاء على ارتفاع زاد عن 10%. إلا أن هذه الأرباح تبخرت جزئياً بسبب غياب إعلان رئيسي خلال المؤتمر الصحافي. وعند الظهر بالتوقيت المحلي كانت بورصة شنغهاي ارتفعت 4,8% وشنجن 7.7%، فيما تراجعت بورصة هونغ كونغ أكثر من 5%.
تنشيط القطاع العقاري
بعد إعلانات متفرقة في الأشهر الأخيرة لم يكن لها تأثير ظاهري، كشفت السلطات الصينية نهاية سبتمبر/ أيلول إجراءات غير مسبوقة بحجمها منذ سنوات من بينها خفض معدل الفائدة وتيسير شروط القروض العقارية. وأدت حزمة الإجراءات هذه إلى ارتفاع كبير في بورصات هونغ كونغ والصين القارية بأكثر من 20%.
واستهدفت غالبية الإجراءات حتى الآن القطاع العقاري الذي شكل لفترة طويلة محرك نمو الاقتصاد الصيني لكنه يعاني أزمة عميقة راهناً على غرار شركتي المقاولات كانتري غاردن وإيفرغراند الغارقتين في مديونية عالية وعلى شفير الإفلاس. وخفض المصرف المركزي خصوصاً نسبة الفائدة على سنة لدى المؤسسات المالية وخفض الضمانات الضرورية للحصول على قرض عقاري وكذلك الفائدة على الرهون العقارية.
وأعلنت مدن صينية كبرى أيضاً رفع بعض القيود المحلية التي كان يعتبر أنها تحول دون شراء العقارات، ولا سيما في بكين وشنغهاي وكانتون وشنجن.
إصلاحات بنيوية في الاقتصاد الصيني
وأكد شينغ شانجي الثلاثاء "في الإجمال، إذا ما نظرنا إلى التنمية الحالية وتوقعات التنمية فإن أسس التنمية الاقتصادية في بلادنا لم تتغير". وأضاف "مع مواصلة تنفيذ السياسات المختلفة، ولا سيما حزم الإجراءات التدريجية، تحسنت آفاق الأسواق بشكل كبير".
وكان محللون يأملون بتدابير جديدة، خصوصاً إجراءات دعم مالي منها إصدار سندات أو سياسات دعم لاستهلاك الأسر. لكنهم يحذرون أيضاً من أن ثمة حاجة إلى إصلاحات أعمق للنظام الاقتصادي الصيني لخفض عبء الدين في القطاع العقاري وإنعاش الاقتصاد لإزالة العوائق الرئيسية أمام النمو.
وتوقعت أليسيا غارسيا كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "ناتيكسيس" لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ قبل المؤتمر الصحافي، أنه "ما لم تعتمد بكين إصلاحات بنيوية لإنعاش الاقتصاد الصيني من مخصصات بطالة إلى معاشات التقاعد فلا أظن أننا نرى تغيراً كبيراً".
ورأى شهزاد قاضي المحلل لدى "تشاينا بيج بوك" أنه على المدى القصير سيتحقق النمو مؤكداً "الاقتصاد الصيني ليس مأزوماً و(بكين) لا تحتاج إلى إعلان برنامج واسع للإنفاق المالي لبقية العام 2024 للمساعدة على تحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي". لكنه رأى أنه على المدى الطويل يجب بذل المزيد على الأرجح. وأوضح أن "السؤال الفعلي هو في معرفة إذا كانت بكين ستعلن برنامجاً للإنفاق على مراحل عدة للعام 2025 وبعده، يتضمن حلّاً للمشكلات البنيوية التي تلجم انتقال الاقتصاد إلى نموذج يدعمه الاستهلاك".
(فرانس برس)