ترامب والسعودية... ابتزاز لا ينتهي

21 ابريل 2020
أسعار النفط الأميركي تتهاوى لأقل مستوى منذ سنوات(العربي الجديد)
+ الخط -
كعادته، عندما تواجه أسواق النفط العالمية اضطرابات وانهيارات على مستوى الأسعار أو الإنتاج كما هو الحال الآن، فإن أول ما يفعله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هو ممارسة الضغوط الشديدة على السعودية، أكبر منتج ومصدر للنفط من داخل دول منظمة "أوبك".

ضغوط تأخذ أحيانا شكل الأمر المباشر، حينما يطالب ترامب الرياض بزيادة الإنتاج النفطي لتعويض النقص الحاصل في الأسواق العالمية بسبب تطبيق سياسة "تصفير" تصدير النفط الإيراني إثر فرض عقوبات أميركية قاسية على طهران، أو زيادة الإنتاج حتى لا ترتفع أسعار النفط أكثر من اللازم، وبالتالي تزيد أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار، وهو ما يغضب الناخب الأميركي الذي يراهن ترامب على صوته في الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأحيانا ما تأخذ ضغوط ترامب على السعودية صيغة التهديد المباشر، كما حدث أمس الثلاثاء، حينما هدد بوقف استيراد شحنات النفط القادمة من السعودية كإجراء سريع لدعم قطاع التنقيب والاستكشاف الأميركي المتضرر بشدة من تهاوي الأسعار، مساء يوم الاثنين، بشكل غير مسبوق، ليصل إلى سالب 37.6 دولاراً للبرميل، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات طويلة.

وبسرعة، ردت الرياض بالموافقة وبسرعة على الضغوط الأميركية، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر قولها إن السعودية وأعضاء أوبك الآخرين يفكرون في خفض إنتاجهم النفطي في أقرب وقت ممكن، بدلاً من الانتظار حتى شهر مايو المقبل موعد بدء اتفاقية خفض الإنتاج الأخيرة لأوبك مع الولايات المتحدة وروسيا. 

وقبل نحو أسبوعين أمر ترامب السعودية بوقف حرب النفط التي تخوضها ضد روسيا عقب فشل اجتماع أوبك+ في فيينا بداية شهر مارس/ آذار الماضي، وأمر الرياض بخفض الإنتاج النفطي فورا، والتوقف عن سياسة إغراق الأسواق بالنفط الرخيص التي أدت إلى تهاوي الأسعار وفقدانها أكثر من 40% خلال الشهر الماضي، وهدد بفرض رسوم ضخمة جدا على واردات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة، إذا ظلت أسعار النفط الخام متدنية، أسوة بما حدث مع الصين إبان الحرب التجارية.

بل وحدد ترامب لكل من السعودية وروسيا الكميات التي يجب خفضها في الإنتاج، خلال اجتماع عقد قبل أيام وضم كبار منتجي النفط، لعودة الارتفاع للأسعار، وبالتالي منع إفلاس شركات النفط الصخري الأميركية، وهي من أبرز ممولي حملته الانتخابية، وإنقاذ البنوك الممولة الأميركية من مخاطر التعثر وربما الافلاس.

وعندما تعثرت مفاوضات "أوبك+"، التي كانت السعودية وروسيا من أبرز أطرافها، تدخل ترامب وأجرى اتصالات بكل من محمد بن سلمان وفلاديمير بوتين، انتهت إلى الإعلان عن اتفاق على إجراء خفض غير مسبوق في الإنتاج بكميات تصل إلى 20 مليون برميل يومياً تتحمل الرياض الحصة الأكبر منها.

تهديدات ترامب وابتزازاته للسعودية ولكل دول الخليج لن تنتهي، بل ومن المتوقع أن يزيد منسوبها مع فداحة الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الأميركي من تفشي وباء كورونا وتعطل الأنشطة المختلفة.

وكما طالب ترامب في يوم ما حكام دول مجلس التعاون الخليجي بسداد كلفة حماية عروشهم وأنظمتهم، فإنه قد لا يرتاح إلا وقد آلت إليه كل أموال الخليج الموجودة في البنوك الأميركية، والتي تزيد قيمتها عن ألفي مليار دولار.
المساهمون