مصر تواصل بناء العاصمة الإدارية رغم تداعيات كورونا

14 مايو 2020
كلفة المشروع بأكمله تبلغ حوالي 58 مليار دولار (Getty)
+ الخط -
في وقت يواجه فيه الاقتصاد المصري عثرات بسبب جائحة فيروس كورونا الجديد، يقول المسؤولون إن البناء مستمر بالطاقة القصوى في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، شرقي القاهرة، بعد فترة توقف قصيرة لاتخاذ تدابير احترازية لمنع انتشار العدوى أثناء العمل.
ويبرز مستوى العمل في المشروع، الواقع في قلب الصحراء، الأهمية السياسية للمدينة الجديدة حتى في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بمواجهة الوباء.

ويمكن رؤية الشاحنات تسير على الطرق المبنية حديثاً، بينما تدور الرافعات فوق أبراج سكنية قيد الإنشاء، في المشروع الذي يعتبره الرئيس عبد الفتاح السيسي الأكبر ضمن مشاريع يرى أنها ستصبح مصدراً للنمو الاقتصادي وخلق الوظائف.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، اليوم الخميس، إن معدل البطالة ارتفع إلى 9.2%، في الفترة من نهاية مارس/ آذار إلى نهاية إبريل/ نيسان، بسبب جائحة فيروس كورونا.
بينما دخلت مصر في مفاوضات مع مؤسسات دولية لاقتراض أكثر من 9 مليارات دولار بعد أيام قليلة من الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بلغت قيمته نحو 2.8 مليار دولار.

وأعلن البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، ارتفاع حجم الديون الخارجية المستحقة على مصر إلى نحو 112.67 مليار دولار، بنهاية ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019، مقابل 96.61 مليار دولار بنهاية ديسمبر من عام 2018، محققاً ارتفاعاً نسبته 16.6%، وقدره 16.1 مليار دولار على أساس سنوي.

وبعد فترة وجيزة من انتشار فيروس كورونا، قرر السيسي تأجيل انتقال مجموعة من موظفي الحكومة إلى العاصمة الجديدة وإرجاء افتتاح عدة مشروعات عملاقة، من بينها المتحف المصري الكبير المجاور للأهرامات، إلى العام المقبل.
وانخفض حجم العمل لفترة وجيزة أثناء محاولة شركات المقاولات والبناء التكيف مع الإرشادات الصحية وتفضيل بعض العمال لزوم منازلهم خوفاً من العدوى.

وقال عمرو خطاب، المتحدث باسم وزارة الإسكان، التي تملك مع الجيش شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، مالكة ومطورة المشروع، لوكالة "رويترز"، إن مسؤولي الحكومة سعوا إلى الحفاظ على المشاريع الضخمة لحماية الوظائف. 
وأضاف أن البناء تباطأ لعشرة أيام في العاصمة الجديدة، لكنه استؤنف بشكل كامل بنظام نوبات العمل.

وقال خطاب بينما كان يستعرض الحي السكني الخامس الذي يضم حوالي 24 ألف وحدة سكنية، إن "نسبة العمالة حاليا التي تعمل في المواقع لا نجعلها تتخطى نسبة 70%، كي لا يحدث تقارب بين العاملين. نحن نعمل بكفاءة أقل لكن نعمل على مدار فترتي عمل".
أطلق السيسي، الذي يستجوب علنا ​​المسؤولين عن مشاريع البنية التحتية بشأن الجداول الزمنية والتكاليف، العاصمة الجديدة في 2015.

وصُممت العاصمة الجديدة كمدينة ذكية عالية التقنية لاستيعاب 6.5 ملايين ساكن وتخفيف الازدحام في القاهرة، وتضم المدينة حياً حكومياً وحياً للأعمال وحدائق شاسعة وحياً دبلوماسياً لم يشيد بعد.
وقال مسؤول كبير، العام الماضي، إن كلفة المشروع بأكمله تبلغ حوالي 58 مليار دولار، وينظر بعض المصريين للعاصمة الجديدة كمصدر فخر، لكن آخرين يرون أن كلفتها باهظة وأنها تبنى لصالح نخبة محدودة.


وأكد خطاب أن "التعليمات الواضحة من رئيس الجمهورية أن التأجيل للافتتاحات وليس تأجيل المشروعات. المشروعات تعمل في مواعيدها ولدينا برامج زمنية ملتزمون بها جداً ومشددة".
كانت إجراءات التطهير والتعقيم والتدابير الوقائية الأخرى مرئية في موقع البناء في المدينة الواقعة على بعد 45 كيلومتراً شرقي النيل، لكن لم يُطلب من بعض العمال في أحد المواقع ارتداء الأقنعة الطبية إلا عندما بدأ صحافيون التصوير، بينما كانت حافلة صغيرة تكتظ بعمال آخرين.

وأكدت مصر وجود أكثر من عشرة آلاف حالة إصابة بفيروس كورونا، ولكن لم تتأكد أي حالات إصابة في العاصمة الجديدة.
وقال شمس الدين يوسف، عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء، إن تأخير دفع بعض المستحقات للمقاولين وتأخر وصول بعض المعدات المستوردة يشكلان خطراً إضافياً على استمرار العمل في المشاريع، لكن خطاب قال إن وزارة الإسكان تسدد مستحقات المقاولين في مواعيدها وليس لديها متأخرات.

وقال أحمد العربي، نائب رئيس جهاز تنمية العاصمة الجديدة، إن وزارة الإسكان تتوقع تسليم منطقتين سكنيتين من تنفيذها بحلول أواخر 2021، مضيفاً أن من المقرر الانتهاء من بناء منطقة الأعمال المركزية بحلول أوائل 2022.
وتعمل شركات تطوير عقاري خاصة وأجهزة تابعة للجيش على بناء ستة أحياء سكنية أخرى.

وفي الحي الحكومي، الذي قال خطاب إن نسبة تنفيذه بلغت نحو 90%، كانت مباني الوزارات متطابقة التصميم تتراص على جانبي ساحة تفضي إلى منطقة مفتوحة مزروعة بأشجار النخيل وفيها مسلات صغيرة أمام مبنى البرلمان المقبب. وتضم المنطقة أيضا مقراً لمجلس الوزراء. وفي مكان قريب يوجد قصر رئاسي كبير منخفض الارتفاع قيد الإنشاء.

وحث السيسي من يبحثون عن فرص عمل على التوجه إلى المدن الجديدة التي يجري بناؤها في أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة التي قال خطاب إن حوالي 250 ألف عامل يعملون فيها حالياً.
ويشكو منتقدون من تحويل موارد الدولة بعيداً عن المدن القائمة، بما في ذلك القاهرة، التي تتدهور أجزاء منها ببطء.

وقال عز الدين فشير، وهو كاتب مصري ومحاضر كبير في جامعة دارتموث كولدج في الولايات المتحدة، عبر الهاتف: "السؤال يتعلق بمدى عقلانية هذا الأمر - هل هو مجد اقتصادياً، هل هو قابل للتنفيذ، هل هو المسار الأفضل - لم يُطرح هذا السؤال حتى".
وعلى الجانب الآخر من القاهرة، يتواصل العمل في بناء المتحف المصري الكبير المجاور لأهرامات الجيزة لكن بوتيرة أبطأ.

وقال اللواء عاطف مفتاح، المشرف على تنفيذ المشروع، إن نسبة العمالة في المشروع انخفضت إلى حوالي 40%، في منتصف إبريل/ نيسان، لكن هناك خططاً للعودة تدريجياً إلى العمل بنسبة 100%.

(رويترز، العربي الجديد)