حملات المقاطعة تهدد الاقتصاد الإسرائيلي بخسائر جديدة ونزع شرعيته

15 يوليو 2016
تصاعد حملات المقاطعة لمنتجات الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -
حذرت دراسة إسرائيلية حديثة من التداعيات الخطيرة لحملات "نزع الشرعية" التي تشنها حركة المقاطعة الدولية "BDS" على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي وقوته، ويأتي ذلك في ظل استمرار تكبد الاحتلال خسائر فادحة في مختلف المجالات بسبب مقاطعة منتجاتها بالمستوطنات.
وجاء في الدراسة، التي صدرت، أمس الأول، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أنه على الرغم من أن حملات "نزع الشرعية" التي قادتها "BDS" أسفرت حتى الآن عن تأثيرات هامشية على الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن تواصل الجدل السلبي حول السياسات الإسرائيلية وإبداء حكومات العالم تبرماً تجاه مواقف حكومة تل أبيب، يمكن أن تؤثر بشكل جذري على الاقتصاد الإسرائيلي مستقبلا.
وأكدت الدراسة، التي أعدها الباحث، نيتسان فيلدمان، أن التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي سيتعرض لضرر أكبر من التبادل والتعاون مع التكتلات العالمية الأخرى، التي تبدي حساسية أقل تجاه السلوك الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني.
وحسب تقرير سابق لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كبّدت حملة المقاطعة الأوروبية على المنتجات الزراعية الإسرائيلية الخاصة بالمستوطنات فقط، خسائر تقدر بستة مليارات دولار في عامي 2013 و2014.
وأشارت دارسة مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن تأثير مقاطعة البضائع الإسرائيلية السلبي لا ينحصر في عدم تسويقها فقط، بل يتعداه إلى التأثير على الشركات الإسرائيلية ذاتها ويهدد مستقبل عملها.
وأوضحت أن الشركات الإسرائيلية، التي تعنى بإنتاج المواد الغذائية، ستكون أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً، محذرة من أن محاولة إخفاء "الهوية الإسرائيلية" للمنتج لن تجدي نفعاً وستؤثر سلباً على إمكانية تسويقه، كما توقعت الدراسة، أن يفضي الجدل الذي يترافق مع أنشطة حركة المقاطعة مستقبلاً إلى المساس بالبيئة الاستثمارية في إسرائيل، مما قد يدفع الشركات الأجنبية إلى مغادرة إسرائيل والبحث عن فرص استثمار في أماكن أخرى.

وحسب الدراسة فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيتعرض إلى هزة كبيرة في حال تمكنت حركة المقاطعة من إقناع الحكومات الأجنبية بإعادة صياغة النظم والاتفاقات، التي تنظم حركة التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي مع إسرائيل.
وأشارت إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي سيتأثر بشكل سلبي جداً، في حال تمكن الداعون إلى المقاطعة من إقناع الشركات الأجنبية بوقف تعاملها التجاري مع شركات تربطها علاقات عمل مع إسرائيل.
وأدت حملات المقاطعة الدولية لمنتجات الاحتلال إلى مغادرة العديد من الشركات العالمية لإسرائيل، ومنها شركة "صودا ستريم"، أكبر الشركات العالمية، التي أغلقت مصانعها المقامة في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية عام 2014.
وتعدّ قرارات إغلاق مصانع ومغادرة شركات عالمية للاحتلال، ضربة قوية للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، إذ إن الحكومة الإسرائيلية راهنت على أن تُغري إقامة هذا التجمع المزيد من الشركات الإسرائيلية والأجنبية، لنقل مصانعها من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية.
وكانت إسرائيل قد بحثت الاتجاه إلى تصدير المنتوجات الزراعية لروسيا، على اعتبار أن الروس لا يبدون اكتراثاً إزاء هوية منشأ المنتوجات الزراعية.
ومن جانبها، ذكرت الدراسة أن تأثير حركات المقاطعة سيكون أقل على الشركات الدولية الكبرى، التي ترتبط بعلاقات تجارية واقتصادية مع إسرائيل، على اعتبار أنها شركات راسخة وتحظى بدعم سياسي من قوى دولية كبرى. وأوضحت الدراسة أن الحكومات الغربية يمكن أن تنتقل من "تمييز" البضائع، التي تنتج في المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، إلى مقاطعتها بشكل مطلق.
ولم تستبعد الدارسة أن تتطور المقاطعة من وقف التعامل مع الشركات الإسرائيلية والأجنبية، التي تعمل في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، إلى مقاطعة جميع الشركات الإسرائيلية.
وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من أن قرار الحكومة الإسرائيلية تكثيف التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع دول آسيا قرار صائب، على اعتبار أن هذه الدول لا تبدي حساسية لمواقف إسرائيل من الصراع، إلا أن التبادل التجاري مع آسيا لا يمكن أن يكون بديلاً عن التبادل مع أوروبا.
واستدركت أن تقليص الفضاء، الذي تعمل فيه حركة المقاطعة وتجفيف منابعها، يتطلب من الحكومة الإسرائيلية إحداث تغيير جوهري على نمط تعاطيها مع الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، مطالبة بإحداث تغيير جوهري على سياسة الحكومة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالبناء في المستوطنات.

المساهمون