تراجع الدولار وتوقعات بثبات السعر عند 48 جنيهاً مصرياً حتى نهاية نوفمبر

29 يونيو 2024
مواطنون يشترون شهادات ادخار لحماية أموالهم من الجنيه، 3 إبريل 2023 (محمود الخواص/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهد الدولار تراجعًا أمام الجنيه المصري من 48.50 إلى 47.99 للشراء و48.13 للبيع، نتيجة لتدخلات البنوك الكبرى مثل الأهلي ومصر و"سي آي بي" التي زادت المعروض من الدولار بخفض عملة التحويل وزيادة حدود استخدام بطاقات الائتمان.
- خبير التمويل وائل النحاس يرى أن التراجع جاء بعد ارتفاع قصير، مدفوعًا بسداد الحكومة لمستحقات وفوائد، متوقعًا استقرار سعر الدولار حول 48 جنيهًا مع تذبذب محتمل.
- الحكومة المصرية تعلن عن اتفاق مع إسرائيل لزيادة تدفق الغاز، وتشغيل مصانع الأسمدة والبتروكيماويات بعد توقف، مما يعكس تفاؤلًا في الأداء المالي وتحسن محتمل في الاقتصاد.

أنهى الدولار جولته الأسبوعية بخسارة ما حققه من ارتفاعات أمام الجنيه، حيث تراجع بمعدل 50 قرشاً بشاشات البنك المركزي والبنوك. وتراجع الدولار من مستوى 48.50 جنيهاً إلى 47.99 جنيهاً بسعر الشراء، و48.13 للبيع في البنك المركزي، أعقبه تراجع في كافة البنوك العامة والخاصة وشركات الصرافة، حيث بلغ الحد الأقصى لشراء الدولار 48 جنيهاً، و48.10 جنيهاً للبيع، بينما سجل 48.44 جنيهاً في سوق الذهب، وتراجع إلى 47.81 جنيهاً للشراء، و48.66 للبيع في السوق الموازية.

وشاركت بنوك الأهلي ومصر و"سي آي بي" في زيادة المعروض من الدولار في الأسواق، حيث خفضت عملة التحويل من 10% إلى 5%، مع زيادة حدود استخدام بطاقات الائتمان بالعملات الأجنبية بنسبة 50% اعتباراً من الثلاثاء الماضي. وساهم القرار في خفض الطلب على الدولار من البنوك، واتجاهه نحو الهبوط منذ ظهر الأربعاء، حيث انخفض بمعدل 20 قرشاً في البنوك وشركات الصرافة، بعد زيادة شهدها عقب عودة العمل من إجازة طويلة استمرت 10 أيام بمناسبة عيد الأضحى، صحبتها شائعات عن اتجاه الدولار إلى مستوى 60 جنيهاً بالسوق السوداء.  

وقال خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس، لـ"العربي الجديد"، إن التراجع الذي يشهده الدولار تحقق بعد قفزة، استمرت فترة قصيرة، واكبت سحب كميات كبيرة من الأسواق، مرتبطة بسداد الحكومة قيمة شحنات الغاز الجديدة، ومستحقات 25% من مستحقات شركات النفط المتأخرة منذ عامين، وأقساط وفوائد الدين الأجنبي، بالتوازي مع حاجتها لتدبير موارد مالية كافية للإفراج عن الواردات في الموانئ.

ويشير النحاس إلى ارتباط زيادة الدولار تدريجياً منذ مطلع شهر يونيو/ حزيران بوجود بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة لإتمام إجراءات المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ليعكس رسالة بأن الحكومة لا تتدخل في إدارة سعر الصرف. 

ويؤكد خبير التمويل والاستثمار أن البنوك المحلية وشركات الصرافة تعاني تخمة من توافر الدولار الذي تدفق عليها خلال الفترة الماضية من فائض تحويلات المصريين العائدين في إجازات من العمل بالخارج، مع اكتفاء كبار مستوردي وموزعين السلع المعمرة والاستهلاكية من الطلب على الدولار، في ظل معاناتهم الشديدة من حالة الركود في المبيعات، وعدم قدرتهم على تحريك الطلب بالأسواق، التي تواجه تراجعاً شديداً في الطلب، مقابل زيادة العرض، وعدم وجود تخفيضات جاذبة لجمهور المستهلكين الذين يعانون من تراجع حاد في مستويات الدخل والمعيشة. وقال لـ"العربي الجديد" إن البنوك وشركات الصرافة أصبحت تواجه أزمة بعدم قدرتها على تصريف ما لديها من دولار، في ظل محافظة البنك المركزي على القيود المستندية عند الشراء وثبات عمولة بيع الدولار للمستثمرين والجمهور. 

ويتوقع النحاس أن يظل سعر الدولار عند حدود 48 جنيهاً، مع تذبذب بمعدل جنيهين نحو الصعود والهبوط في السعر، حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مشيرا إلى رغبة الحكومة في الحفاظ على قيمة الدولار عند حدود هذه المستويات، لتظل جاذبة للاستثمار المباشر المضارب على شراء أدوات الدين المحلي، حيث تضمن للمستثمرين عائداً مرتفعاً على الجنيه عند الحدود الحالية التي يحددها البنك المركزي بنحو 27.25%، ما يحقق له هامش ربح جيداً، يفوق معدل الفائدة على الدولار التي يحافظ عليها الفيدرالي الأميركي عند حدود 5.5%. 

وذكر الخبير ذاته أن الدولار سيظل سعره عند الحدود الحالية بعد انتهاء فورة الطلب على شرائه خلال إجازة العيد، وتشبع شراء السلع والذهب، مع استمرار حالة الركود بالمصانع والشركات. 

في سياق متصل، ربط النحاس تراجع الاستثمار المباشر بخروج بعض المستثمرين المغامرين من سوق أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل لمدة 70 يوماً، متوقعاً ألا تسبب هذه الموجة أية مخاطر على قيمة الجنيه، الذي يظل سعره مقبولاً مقابل الدولار.

ويفسر خبير التمويل والاستثمار تراجع الاستثمار المباشر بخروج بعض أموال الأجانب التي حصلت على مستحقاتها بالجنيه من الحكومة خلال الفترة من يناير إلى يونيو الجاري، والتي تقدرها وزارة المالية بنحو تريليون جنيه، وتطلب حالياً تحويل بعض تلك المبالغ إلى الدولار، لتحويلها للخارج، من دون أن تكون ساهمت واقعياً في جذب أية أموال بالدولار أو العملة الصعبة خلال نفس الفترة. ويؤكد أن مراجعة الدين الخارجي وقيمة الودائع بالدولار تبين عدم وجود ارتفاعات موازية لحجم التدفقات بالدولار التي تشير إليها الحكومة، والتي تقدر بنحو 64 مليار دولار على مدار نصف العام الجاري، مشيرا إلى صفقة تبادل وديعة بالبنك المركزي، بقيمة 11.2 مليار دولار، بما يقابلها بالجنيه المصري، في إطار صفقة بيع مدينة رأس الحكمة، بينما تضعها الحكومة في قوائم الاستثمار الأجنبي المباشر.

وتطرق النحاس إلى خطورة ترويج الحكومة لدخول الأموال الساخنة، مؤكداً أن الأسواق الدولية ترفض مشاركة هذه النوعية من الاستثمارات التي تظل مرتبطة بالأموال القذرة وغسيل الأموال وتجارة السلاح والعمليات غير المشروعة، والتي تأتي من أجل تبييضها والخروج بسرعة من السوق، مشدداً على ضرورة الاعتماد على جذب الأموال الذكية التي تأتي وفق خطط مدروسة من قبل المستثمرين، وتهدف للمكوث بالأسواق لفترة زمنية محددة والخروج بأرباح متوقعة. وذكر أن محافظ الأموال الذكية يمكنها المساهمة في حل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة، التي لا ترغب في خفض سعر الفائدة وفقا لتعليمات صندوق النقد باعتبارها إحدى الأدوات المحفزة لخفض معدلات التضخم. 

على جانب آخر، أعلنت الحكومة عن توصلها إلى اتفاق مع إسرائيل على زيادة معدلات تدفق الغاز من الحقول، والتزامها بسداد مستحقات شحنات غاز جديدة بقيمة 1.182 مليار دولار. وفي تطور مفاجئ، عاودت شركات الأسمدة والبتروكيماويات تشغيل مصانعها بعد توقف استمر ثلاثة أيام، جراء انقطاع إمداد الغاز من الشبكة القومية للغاز التابعة لوزارة البترول. وأبلغت شركة سيدي كرير للبتروكيماويات بورصة الأوراق المالية عن بدء تشغيل المصانع مرة أخرى. وأفصحت شركة أبو قير للأسمدة، في بيان للبورصة، عن أنها تستهدف تحقيق أرباح بقيمة 7.1 مليارات جنيه خلال العام المالي 2024-2025، بزيادة إجمال الإيرادات إلى 21.3 مليار جنيه وإيرادات بمبلغ 18.65 مليار جنيه. 

وساهمت عودة المصانع للإنتاج والبيانات المالية المتفائلة للسنة المالية التي تبدأ الأسبوع المقبل في رفع أسعار أسهم معظم شركات الأسمدة والبتروكيماويات بنسب تصل إلى 2.5% قادمة من اتجاه هبوطي منذ بداية الأسبوع، في جلستي التداول الخميس، بالتوازي مع تحسن أداء شركات الإسمنت والحديد والصناعات وتصدير الحاصلات التي تعتمد على الغاز مصدراً أساسياً في التشغيل والإنتاج. 

المساهمون