كشف مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء العراقي، عن أن الحكومة تدرس خفض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، في إطار تدابير لمواجهة الأزمة المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتداعيات انتشار فيروس كورونا الجديد.
وقال المصدر في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" إن "الخيارات المتاحة أمام رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي غالبيتها صعبة، ولكن هناك حوارات جادة مع المستشارين والخبراء الاقتصاديين، وخلال الأيام الماضية استُعرِضَت عدة خيارات لمواجهة الأزمة المالية، منها الاقتراض الخارجي أو تقليل قيمة الدينار".
وأضاف: "هناك أيضاً خيارات أخرى، منها عرض معامل وممتلكات عامة تابعة للدولة للاستثمار أو البيع، وطبع العملة، لكن هذه ستكون آخر الخيارات".
وتابع: "جميع الخيارات المطروحة تحمل مشاكل كبيرة على المدى البعيد والمتوسط، لكن البديل هو عجز عن سداد المرتبات"، مشيراً إلى أنه في المدى القصير سيُعتمَد على الاحتياطي النقدي لبضعة أشهر، مع اتخاذ سلسلة إجراءات تقشفية غير مسبوقة على مستوى الدولة.
وتُعد الأزمة الحالية التحدي الأكبر أمام حكومة رئيس الوزراء الجديد، حيث إنّ العراق من البلدان "أحادية الاقتصاد"، لاعتماده بنحو 94% على إيرادات بيع النفط في توفير مرتبات الموظفين والمتقاعدين البالغة نحو 4 تريليونات دينار شهرياً (نحو 3 مليارات دولار) في وقت لم تبلغ فيه عائدات النفط سوى نحو 1.4 مليار دولار في إبريل/ نيسان الماضي، وفق البيانات الرسمية.
وقال عضو مجلس النواب، عامر الفايز لـ"العربي الجديد" إن "الضغوط الاقتصادية على العراق تراكمت بسبب إغلاق مرافق الأعمال والتجارة والحياة المالية، بسبب ما طرأ من أحداث على مستوى النفط، إضافة إلى جائحة كورونا، بينما يعاني البلد بالأساس من خللٍ بنيوي يتمثل في اعتماده على النفط فقط".
وأضاف الفايز أن "النفط هو مصدر دخول الدولار الأميركي إلى العراق، وهو القوة الساندة للدينار، إلا أن غيابه يعني عدم قدرة العراق على التمويل". وتابع قائلاً إن "مهمة الكاظمي صعبة ومعقدة للغاية بسبب التركة الثقيلة التي خلفتها له الحكومة السابقة (حكومة عادل عبد المهدي)".
وكان العراق قد واجه انهياراً اقتصادياً في الأسعار بين عامي 2014 و2016، إلا أنه لم يشهد التراجع الكبير الحالي في الطلب العالمي للنفط، ولا سيما من الصين، المستورد الرئيسي من العراق.
وقالت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، إن العراق اعتمد خلال الأزمات المالية التي مرت به خلال السنوات الماضية على سياسة التقشف، لإعادة ضبط الأولويات، ومنها رواتب الموظفين والأجور ومخصصات الصحة، إلا أن الوضع المالي الحالي أشد وطأة، ولا سيما مع تراجع أسعار النفط وتداعيات كورونا.
وأضافت سميسم: "من الضروري مراجعة بعض القوانين الداخلية في البلاد، مثل مرتبات الشخصيات النافذة في الدولة، وتحديداً التي تتقاضى أكثر من راتب، إذ ليس من المعقول أن البلد يشهد أزمة خانقة وهناك موظفون يتقاضون ستة رواتب، ولا سيما الذين يعرفون بأصحاب الدرجات الخاصة".