رفعت وزارة الصحة بحكومة بشار الأسد، اليوم الأربعاء، أسعار بعض المستحضرات الدوائية المنتجة محلياً، بنسب متفاوتة بين 60 و85% ليطاول ارتفاع الأسعار أكثر من 50 مجموعة دوائية بحسب ما يؤكد أحمد الصمودي العامل بالقطاع الدوائي.
ويقول الصمودي لـ"العربي الجديد": "صدرت تسعيرة جديدة لبعض الأدوية اليوم، عممتها نقابة الصيادلة بعد قرار اللجنة المشكلة بوزارة الصحة، برفع أسعار بعض المنتجات الدوائية، بنسب تصل إلى 85% ولا تقل عن 60%، وهو الارتفاع الرابع منذ نهاية عام 2016 لترتفع أسعار الدواء خلال الثورة إلى أكثر من 1000%".
وحول مبررات رفع الأسعار، يضيف الصمودي، أنه تم ترخيص أربعة معامل جديدة بسورية، ثلاثة منها في مدينة اللاذقية والرابع في مدينة طرطوس، وكلما تم ترخيص أنواع جديدة، يتم رفع الأسعار "لكن مبرر رفع الأسعار هو تراجع سعر صرف الليرة واستيراد مواد أولية من الخارج بالدولار".
ويشير الصمودي، إلى أن في سورية قبل الثورة عام 2011، نحو 69 شركة ومعملا لإنتاج الدواء، خرج 24 منها عن الإنتاج، معظمهم في مدينة حلب "لكن بدأت اليوم المعامل بالإنتاج، إضافة إلى شركات جديدة، ومن المفترض أن يكسر التنافس الأسعار لا أن يرفعها، بخاصة أن الأجور والرواتب بسورية مثبتة ووزارة الصحة تعلم ذلك".
من جهته، يؤكد نقيب صيادلة سورية، محمود حسن أنه تم اليوم إجراء تعديل على أسعار الأدوية، وذلك لضمان استمرار عمل معامل الأدوية في ضوء ارتفاع التكلفة على التصنيع لجهة ارتفاع أسعار المواد الأولية وارتباطها بالقطع الأجنبي.
وعن وجود أحد المستحضرات (الريتان) الذي ارتفع سعره إلى أكثر من 4000 ليرة سورية، أوضح الحسن أن سعر المستحضر عيار 40 قبل الرفع كان نحو 2400 ليرة والسعر بعد التعديل مناسب، على اعتبار أن المستحضر نفسه من العيار نفسه مستورد يبلغ نحو 18500 ليرة سورية على الرغم من أن فاعلية المستحضر المصنع محلياً أفضل وأن التعديل يتيح للمعمل الاستمرار في التصنيع.
وأشار حسن إلى وجود لجنة مشكلة من وزارة الصحة لتسعير الأدوية بناء على فواتير المواد الأولية وبيانات التكلفة المقدمة من معامل الأدوية، منوهاً بتوفر نحو 90% من الأصناف الدوائية مصنعة محلياً، معيداً السبب في عدم وجود بعض الأصناف الدوائية حتى الآن إلى تضرر بعض المعامل وخروج خطوطها عن الإنتاج، والحاجة إلى إعادة تأهيلها للعودة إلى العمل.
ورفض معاون وزير الصحة بحكومة الأسد، حبيب عبود، تسمية ما تقوم به وزارة الصحة في ما يتعلق برفع أسعار الأدوية بالزيادة على الأسعار وإنما سماها تسوية سعرية وقال: "علينا أن نحدد أهدافنا وواجباتنا إن كنا نريد توفير الدواء بالجودة المطلوبة أم لا".
وتابع: "عندما طرحنا أخيراً أسعار الأدوية في سورية أمام منظمة الصحة العالمية استغربوا أننا لا نزال ننتج أدوية بهذه الأسعار وذات فعالية أكيدة".
ويعقب الاقتصادي السوري حسين جميل بقوله: "هل ذنب المواطن السوري أنه يمرض، وإن مرض فلا يوجد أدوية بالمشافي الحكومية، هذا إن كان هناك مشاف، لأن المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، تهدمت مشافيها".
ويضيف جميل لـ"العربي الجديد" أنه قبل أن يبرر نقيب الصيادلة ومعاون الوزير رفع الدواء والتعذر بالاستيراد وتراجع سعر صرف الليرة، لا بد أن يسأل عن سبب تدني أجور السوريين التي لا تزيد عن 30 ألف ليرة، وهي لا تكفي لعلاج "مريض بزكام" أو يبرر لنا خروج الشركة الحكومية "تاميكو" من الإنتاج وترك قطاع الدواء محتكراً لشركات خاصة أصحابها معروفون من قبله ويحددون الأسعار بالاتفاق في ما بينهم.
ويختم الاقتصادي السوري بأنه تم رفع سعر الدواء أكثر من 1000% خلال الثورة، ويسأل: "أليس من المنطق أن تزيد الرواتب بنفس النسبة، وربما 1000% هي نسبة الارتفاعات التي طاولت معظم السلع والمنتجات بسورية، وهي النسبة ذاتها التي فقدتها الليرة السورية من قيمتها، إذ كان سعر صرف الدولار نحو 45 ليرة عام 2011 وهو بنحو 450 ليرة اليوم؟".
وعانى قطاع إنتاج الدواء في سورية من تهديم وإغلاقات خلال الحرب التي شنها النظام السوري على الثورة منذ عام 2011، إذ وبحسب تقارير سابقة، كشفت نقابة الصيادلة في سورية، أن حوالي 4500 صيدلي في سورية يبحثون عن عمل في هذه الفترة، منهم خريجون جدد لم يتمكنوا من فتح صيدليات نتيجة توقف منح القروض وغلاء المستلزمات والتجهيزات والأدوية وآخرون فقدوا صيدلياتهم نتيجة وجودها في المناطق الساخنة، مشيرة إلى أن إجمالي عدد الصيادلة المنتسبين إلى النقابة بلغ حتى الآن 25 ألف صيدلي.
وأضافت النقابة خلال تقرير سابق، أن هناك 5500 صيدلي هجروا من صيدلياتهم وهدمت 3000 صيدلية خلال الأزمة التي تتعرض لها البلاد.