الأردن... السحب من أرصدة المعاشات لمواجهة كساد الأسواق

17 ديسمبر 2019
التراجع الحاد في المبيعات يكبد التجار خسائر باهظة (Getty)
+ الخط -
يعاني السوق الأردني من حالة ركود غير مسبوقة نتيجة تراجع القدرات الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار، ما حمّل القطاع التجاري الكثير من الخسائر خلال العام الحالي.
ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة يشهد الأردن تحركات حكومية لتنشيط الأسواق، عبر ضخ سيولة كبيرة فيه من دون أن تتحمل الخزينة أعباء إضافية، إذ أعلنت عن عدة إجراءات، منها سماح المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ولأول مرة للمؤمّن عليهم بالسحب من أرصدتهم الادخارية (المعاشات)، لصرف رواتب عدة شهور في حالة التعطل عن العمل.

وحسب تجار وخبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد"، فإن الإجراءات الحكومية الأخيرة لا تكفي بمفردها لإنعاش الأسواق التي تواجه العديد من المصاعب خلال الفترة الأخيرة، وطالبوا بقرارات تحفيزية، منها خفض الضرائب وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين للحد من الركود.
وقال رئيس غرفة تجارة الأردن، نائل الكباريتي، في توصيفه لحالة الأسواق، إن التجار يعانون من أوضاع صعبة نتيجة لتراجع الإقبال على السلع والخدمات المختلفة من قبل المواطنين.
وأضاف الكباريتي لـ"العربي الجديد" أن القطاع التجاري تكبد خسائر كبيرة، ويتوقع تعرّضه لمزيد من الأوضاع المالية الضاغطة خلال الفترة المقبلة، ما يعيق العديد من المحلات وتجار الجملة عن الوفاء بالتزاماتهم المالية في مواعيدها.

وأكد أهمية توفير إجراءات تحفيزية للقطاع التجاري، والعمل على تخفيض الرسوم والضرائب المفروضة على مختلف السلع، خاصة المواد التموينية، ما يساهم في زيادة عمليات التسوق والإقبال على الخدمات كالمطاعم وغيرها.
وقال إن المحلات التجارية أعلنت عن تخفيضات كبيرة على السلع والخدمات خلال الأشهر القليلة الماضية، لكنها لم تكن كفيلة بالخروج من حالة التباطؤ التي يمر بها النشاط التجاري، والتي هي انعكاس لتراجع الأحوال المعيشية للمواطنين.

وقّدر تجار تراجع الطلب على الملابس والمواد التموينية بنسبة تتراوح بين 30% و50% خلال العام الحالي.
وارتفع معدل التضخم خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي 0.4% مقارنة بنفس الفترة من عام 2018. وزادت نسبة الفقر في الأردن إلى 15.7% وفقا لتقديرات إحصائية رسمية، فيما تقدره جهات دولية بأعلى من ذلك. كما ارتفعت البطالة إلى 19.1% خلال الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وفقا لبيانات رسمية.

وكانت الحكومة أعلنت مؤخرا عن ثلاث حزم من الإجراءات، قالت إنها لتحفيز الوضع الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وآخرها زيادة الرواتب اعتبارا من العام المقبل.
وسمحت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي يخضع لها كافة العاملين في القطاعين العام والخاص لغايات توفير الرواتب التقاعدية والتأمينات الاجتماعية الأخرى للمؤمّن عليهم، بسحب بعض أرصدتهم وبسقف يصل إلى حوالي 280 مليون دولار.

وبدأت المؤسسة التي تدار بمجلس إدارة يمثل القطاعين العام والخاص، ويرأسه وزير العمل، أولى خطواتها بإلغاء ازدواجية الاشتراك في الضمان الاجتماعي لمن يعمل في أكثر من مكان.
كما سمحت المؤسسة ولأول مرة للمؤمّن عليهم بالسحب من أرصدتهم الادخارية لغايات التعطل عن العمل؛ إذ يجوز للشخص الحصول على راتب لعدة أشهر في حال تعطله عن العمل.

وحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، تدافع عشرات آلاف المشتركين في الضمان الاجتماعي للسحب من أرصدتهم ضمن السقوف المسموح بها والبالغة 60% لغايات العلاج و75% لأغراض التعليم وتصل إلى 100%، ولم تشترط المؤسسة على المؤمّن عليهم تقديم تقارير طبية.
وأطلقت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي خدمة السحب من الرصيد الادخاري للمؤمن عليهم من الأردنيين المشمولين بتأمين التعطل عن العمل، مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وما زالت مستمرة.

وقال مدير عام المؤسسة، حازم الرحاحلة، في تصريح صحافي، الخميس الماضي، إن هذه الخدمة هي استحقاق قانوني وتنفيذ لأحكام القانون رقم 24 لسنة 2019 المعدل لقانون الضمان الاجتماعي، وإن المؤسسة عملت على إيجاد خيارات إضافية جديدة لصرف المبالغ المسحوبة لتسريع عملية تسليمها لمستحقيها. 
وأضاف أن المبالغ التي تم سحبها من الأرصدة الادخارية للمؤمن عليهم في صندوق التعطل عن العمل لغايات التعليم والعلاج زادت على 172 مليون دولار، استفاد منها 195 ألف مؤمّن عليه منذ أن تم إطلاق هذه الخدمة حتى تاريخه.

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي مازن مرجي، إن "الحكومة بالفعل تعمل على تحريك السوق المحلي من خلال توفير السيولة للمواطنين، إذ أن الإجراءات التي أعلنتها مؤخرا بما فيها زيادة الرواتب تحتاج إلى وقت طويل حتى يظهر أثرها في السوق، وبالتالي فإن ضخ السيولة من خلال السماح للمؤمّن عليهم في الضمان الاجتماعي بسحب جزء من أرصدتها الادخارية، سيوفر حجما مناسبا من السيولة ولكن لفترة مؤقتة جدا".

وأضاف لـ"العربي الجديد": يتوجب على الحكومة أيضا العمل على توظيف السيولة النقدية الضخمة المتوفرة في البنوك المحلية لغايات تنشيط الوضع الاقتصادي، من خلال الضغط عليها لتخفيض أسعار الفائدة المصرفية والمساهمة في إقامة الاستثمارات.
وأشار مرجي إلى ضرورة تخفيض ضريبة المبيعات على السلع والخدمات، ما يساهم في تحريك النشاط، إضافة إلى صرف مستحقات شركات المقاولات المترتبة على إقامة مشاريع حكومية.

المساهمون