مدينة الحمامات واحدة من أشهر المناطق السياحية في تونس (70 كيلومتراً عن العاصمة) والمعروفة بكثرة نزلها، وبمينائها الترفيهي العريق، بدت في سبات عميق، فعروس المتوسط كما يحلو لبعض التونسيين تسميتها تشكو من غياب السياح الأجانب والعرب، ما تسبب في إغلاق أغلب النزل أبوابها.
والمتأمل في الشواطئ الخلابة سيجد المقاهي أغلقت أبوابها وظلت المظلات الشمسية منتكسة بدون مصطافين على غير عادتها.
عدد السياح الأجانب يكاد يعدّ على أصابع اليد، وأغلب النزل شاغرة، ولولا توافد بعض التونسيين الذين اغتنموا انخفاض الأسعار لزادت الأوضاع سوءاً.
أم أيمن، سيدة في عقدها الرابع كانت رفقة زوجها وأولادها الذين ركضوا نحو الأرجوحة للعب والمرح، تقول لـ "العربي الجديد"، إنها من محافظة صفاقس، وتعودت قضاء فترة من العطلة في أحد النزل، لأخذ قسط من الراحة بعد مارثون الامتحانات.
وعبّرت أم أيمن عن دهشتها من الكساد الذي تعاني منه المنطقة، مشيرة إلى أنها تعوّدت أن تجد أغلب النزل مكتظة، ونادرا ما تجد مكانا شاغراً.
ولاحظ الشاب التونسي القادم من محافظة باجة، ناظم السياري، أنه لا وجود لسياح أجانب أو
حتى عرب، مرجحاً أن يتوجه بعضهم منهم إلى الجنوب التونسي بحكم الأنشطة الصحراوية.
وأوضح ناظم لـ "العربي الجديد" أن أغلب الوافدين حالياً على حمامات تونسيون استغلوا انخفاض أسعار النزل، حيث تصل الأسعار إلى ما يتراوح بين 30 و40 دولارا لليلة الواحدة وهو ثمن أقل بنحو 5 مرات من ثمن الليلة في ذروة فصل الصيف.
المواطن لسعد قسيلة من محافظة قفصة، قال إن هناك حالة من الكساد في أغلب المناطق السياحية، مبيناً أن الدولة لم تسع إلى تقديم أنشطة بديلة بعيداً عن النزل، وحمّل الحكومة الجديدة المسؤولية في عدم الترويج للسياحة التونسية في مثل هذه الفترة، مبينا أن هذه الفترة تعتبر هامة للحجوزات، ومؤشراً هاماً على نجاح الموسم الصيفي من عدمه.
اقرأ أيضاً: تونس تلجأ إلى المصارف وشركات الأمن لإنعاش السياحة
وكان المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة، عبد اللطيف حمام، قال في وقت سابق، إن بلاده لجأت إلى آليات ترويجية جديدة منها فتح الأجواء مع العديد من الدول، لجذب السياح عقب الهجوم الدموي الذي شهده متحف باردو الوطني في العاصمة التونسية في 18 مارس/ آذار الماضي، والذي أودى بحياة 21 شخصاً، معظمهم من السياح.
ومن جانبه، أوضح نزار الدواري طباخ في أحد فنادق الحمامات، لـ "العربي الجديد"، أن الفندق الذي يعمل فيه توقف عن النشاط، مبينا أنه عاطل حاليا عن العمل، وأضاف أن السياحة شهدت تراجعا كبيرا منذ الثورة، وأن أغلب الموظفين في المدينة بلا أجور بعد طردهم من العمل.
في السياق ذاته، أكد بائع صناعات تقليدية فتحي عبد الله، لـ "العربي الجديد"، أن عدد السياح الأجانب محدود جداً، وشدد على أن الكثير من التجهيزات كالإضاءة ليلاً معطلة، ولا يوجد اهتمام كافٍ بالنظافة، وهذا لا يشجع السياح على التجول والتبضع ليلا.
وأكد الخبير السياحي، وحيد إبراهيم، لـ"العربي الجديد" أنه لا وجود لسياحة ناجحة من دون سياحة داخلية، مبينا أنه لولا السياحة الداخلية لما بقي العديد من النزل مفتوحة، ولما صمدت طيلة هذه الفترة في ظل الاضطرابات الأمنية التي تعاني منها البلاد.
وأضاف أن السياحة الداخلية كانت تمثل 5% من إجمالي الطلب، وحاليا تتراوح بين 10 و15%، مؤكدا أن التونسي ينفق 4 أضعاف ما ينفقه السائح الأجنبي تقريبا.
وطالب بضرورة وضع استراتيجية مستقبلية للنهوض بالسياحة الداخلية، ففي إسبانيا وإيطاليا تمثل السوق الداخلية 50% من إجمالي السوق السياحية.
وقال إنه يتعين على وكالات الأسفار وضع منتوجات تتلاءم وطبيعة السائح التونسي من حيث النقل والخدمات. وأضاف أن التراجع المسجل في عدد الوافدين الأجانب انطلق قبل الثورة.
وأوضح الخبير السياحي أن الظروف الأمنية في تونس والدول المجاورةبعد الثورة أضر بالمنتوج السياحي التونسي وساهم في تراجع الإقبال.
ووفقاً لإحصاءات وزارة السياحة التونسية، بلغ عدد السياح الوافدين للبلاد 1.428 مليون سائح خلال أول أربعة أشهر من العام الحالي، 2015، مقابل 1.719 مليون سائح خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة تراجع تبلغ 16.9%، وحسب إحصائيات رسمية، يساهم القطاع السياحي بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ أيضاً: تونس تعوّل على دول الجوار لإنقاذ الموسم السياحي