ما إن اتخذت حكومة إقليم كردستان، خطوات عملية نحو الانفصال عن العراق، حتى قرعت دول الجوار، وعلى رأسها تركيا وإيران طبول إعلان القطيعة وفرض العقوبات التجارية والاقتصادية التي يمكن وحدها فرض عزلة على الإقليم وضرب موارده من النفط والسياحة والتجارة وتدهور عملته وتضخم الأسعار في أسواقه التجارية، خاصة وأن دول الجوار أعلنت صراحة اغلاق حدودها مع أربيل في حال الانفصال.
لكن يبدو أن هذه العقوبات المتوقعة على أقليم كردستان العراق، قد ترتد تداعياتها إلى أنقرة وطهران، واللتين لهما سوق واسعة مع العراق واستثمارات بعشرات مليارات الدولارات، فقد ظل الإقليم لسنوات الممر الآمن لتجارة واستثمارات الدولتين.
ويبدو الوجود التجاري التركي في الإقليم أكثر وضوحاً مقارنة مع أي من الدول الجوار، فالعلامات التجارية التركية منتشرة في كافة أرجاء كردستان، بدءاً من مراكز التسوق ووصولاً إلى مشاريع الإسكان ومتاجر الأثاث والسلع التجارية والاستهلاكية، بينما تدير الشركات التركية أعمالاً في مجموعة واسعة من القطاعات، منها الخدمات المصرفية والمالية، واستخراج النفط والغاز، إذ قامت هذه الشركات، والتي يقدر عددها بنحو 1300 شركة، ببناء معظم مشاريع البنية التحتية بما في ذلك مطار أربيل الذي بلغت تكلفته 550 مليون دولار.
ومن بين السيناريوهات المطروحة على طاولة الحكومة التركية للتعامل مع إصرار الإقليم على الانفصال، تقييد الحركة عبر المعابر الحدودية، وبالذات معبر خابور، الذي يعتبر الشريان الحيوي لأربيل.
أما إيران، فقد وصف المستشار الاقتصادي الرئاسي الأسبق، سعيد ليلاز، العلاقات الاقتصادية بين إيران والإقليم، بالجيدة، ورأى أن قطع العلاقات مع إيران يعني ارتفاع أسعار السلع، وصعود سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية في الإقليم، وهو ما يعني زيادة في نسبة التضخم الاقتصادي، واصفا الأضرار المتوقعة بالجدية، والتي على المعنيين في كردستان العراق التركيز عليها من الآن لإدراك تبعات استفتاء من هذا القبيل.
في هذا الملف نرصد التداعيات الاقتصادية المتوقعة على اقليم كردستان العراق والدول المجاورة لها وفي مقدمتها تركيا وإيران في حال انفصال الأقليم.