صندوق النقد يوافق على قرض سخي مقابل شروط مجحفة

11 اغسطس 2016
الأجيال القادمة ستتحمل سداد القروض (فرانس برس)
+ الخط -
وافق صندوق النقد الدولي، اليوم الخميس، على قرض سخي لمصر، مقابل شروط قاسية تعهدت الحكومة بتنفيذها، على رأسها قانون الضريبة المضافة والتخلي عن دعم الطاقة، والتحكم في فاتورة الأجور، وتحرير الجنيه مقابل العملات الأجنبية.
وأعلن الصندوق، في بيان صحافي، توصله إلى اتفاق مع مصر بشأن قرض يصل إلى 12 مليار دولار، تستحقه مصر على ثلاث سنوات، بواقع 4 مليارات دولار سنويا، مشيراً إلى أن البرنامج التمويلي يهدف إلى تحسين أسواق العملة وتقليص عجز الموازنة وخفض الدين الحكومي.
وأضاف الصندوق، أن البنك المركزي المصري التزم بتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، وخفض التضخم إلى معدل في خانة الآحاد، والتحول إلى نظام سعر صرف مرن، سيعزز القدرة التنافسية لمصر وصادراتها، وسيجذب استثمارات أجنبية مباشرة.
وارتفع معدل التضخم في مصر، خلال شهر يوليو/تموز الماضي، بنسبة 0.7%، على أساس شهري، بينما استقر عند 14.8%، على أساس سنوي، ما يعني أن الحكومة ستكون ملتزمة بخفض التضخم لنحو 5% على الأقل، وهي نسبة يرى مراقبون أنها شديدة الصعوبة، نظراً للإجراءات المتزامنة التي من المتوقع أن تشرع فيها مصر في إطار البرنامج الاقتصادي الذي وافقت عليه، من بينها خفض قيمة العملة، وفرض الضريبة المضافة، فتلك إجراءات تغذي التضخم.
وتابع الصندوق: "عن طريق تطبيق برنامج الإصلاح الحكومي، وبمساعدة أصدقاء مصر، سيستعيد الاقتصاد المصري كامل قدرته. سيساعد ذلك في تحقيق نمو مصحوب بفرص العمل الوفيرة تعود ثماره على الجميع، ويرفع مستوى معيشة الشعب المصري".
وشدد على أنه "سيكون من المفيد جداً أن يمد شركاء مصر يد العون في هذا التوقيت الحرج".
وحصلت مصر على مساعدات خليجية بعشرات مليارات الدولارات منذ الانقلاب العسكري الذي وقع في يوليو/تموز 2013، لكن تلك الأموال لم تسعف الخزانة العامة للدولة، كما لم تعزز موقف احتياطي النقد الأجنبي في البلاد، ما يثير شكوكا لدى مراقبين بشأن فاعلية القرض الذي يأتي ومصر في وضع اقتصادي يكاد يكون أسوأ مما كانت عليه الأمور وقت وصول المساعدات الخليجية.
ويتخوف مهتمون من أن يكون ثمة إجراءات تقشفية لم تُفصح عنها الحكومة، لكن بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية وعضو مجلس النواب في مصر، قالت لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة لن تقدم أية التزامات إلى الصندوق غير تلك التي أعلنتها في البرنامج الذي وافق عليه البرلمان في مايو/أيار الماضي.


ويشمل هذا البرنامج، وفق فهمي، حزمة تشريعية تتعلق بقانون ضريبة القيمة المضافة، وتقليص دعم الكهرباء والطاقة، وقانون الخدمة المدنية الذي تم إقراره الشهر الماضي.
وقالت فهمي: "الحصول على قرض الصندوق يعد الدواء المر للاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية، لكن يبدو أنه لا بديل عنه".
ويُبدي كثير من المراقبين مخاوف بشأن مصير العملة المحلية، في وقت لا يجد البنك المركزي موارد كفاية من النقد الأجنبي للدفاع عنها، كما جرت العادة خلال السنوات الماضية.
وقالت عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة: "الاتفاق مع الصندوق بالتأكيد يتضمن اشتراطات خاصة بتحرير سعر صرف العملة والفائدة، وبالتالي الوصول إلى سعر عادل للجنيه مقابل الدولار يحدده العرض والطلب".
وحول التحكم في التضخم عند المستويات التي يشترطها الصندوق، قالت المهدي إن "رفع أسعار بعض الخدمات الحكومية سيفضي بالضرورة إلى زيادة معدلات التضخم، إلا أنه يجب على الحكومة العمل على سياسات تكافح التضخم المرتفع خلال الفترة الحالية وبصورة عاجلة".
وذكرت أن الاتفاق سيكون من شأنه وجود رقابة على المصروفات الحكومية من جانب صندوق النقد، وبالتالي فإن الحصول على كل شريحة مشروط بتنفيذ الالتزامات التي قدمتها الحكومة في برنامجها للصندوق، مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
وتعد هذه أكبر قيمة لقرض تتفاوض عليه مصر مع صندوق النقد الدولي. وكان الصندوق قد عرض على مصر في مايو/أيار 2011 إبان حكومة عصام شرف، قرضا بقيمة 3.8 مليارات دولار، لكن الأخير رفض الدخول في مفاوضات من الأساس، إلى أن أعاد رئيس الحكومة اللاحقة، كمال الجنزوري، في فبراير/شباط 2012، المفاوضات مع الصندوق بشأن قرض بالقيمة ذاتها التي تم عرضها على سلفه شرف، لكن المفاوضات تعثرت بعد رفض الجنزوري الانصياع لاشتراطات فرضها الصندوق مقابل القرض.
وفي النصف الأخير من عام 2012، بدأ رئيس الحكومة وقتها، هشام قنديل، مفاوضات مع الصندوق على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، وتعثرت المباحثات أيضا نتيجة تمسك الصندوق بتطبيق برنامج اقتصادي إصلاحي اعترض قنديل على بعض ملامحه.

المساهمون