تبحث تونس عن منافذ استثمارية جديدة أو تحقيق وعود سابقة من خلال المشاركة في قمة "مجموعة العشرين حول الشراكة مع أفريقيا" التي يحضر فيها الرئيس الباجي قائد السبسي، بدعوة من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل بالعاصمة الألمانية برلين بداية من اليوم وإلى غاية 31 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
ويطالب مهتمون بالشأن الاقتصادي بأن تتوج مشاركة تونس بوعود استثمار فعلية من الدول الكبرى المشاركة، داعين الى استثمار الرغبة الأوروبية الجامحة في تعزيز موقفها في القارة الأفريقية من أجل الحصول على نصيب من هذه السوق.
ويتنافس الاتحاد الأوروبي مع الصين على السيطرة على البوابة التونسية للعبور نحو دول جنوب الصحراء بعد إبداء كليهما اهتماماً بإقامة مناطق حرة على الموانئ وتركيز مصانع للسيارات ومواد إلكترونية توجه صادراتها نحو أفريقيا.
ولا يبدي الخبير في استراتيجيات الاستثمار صادق جبنون تفاؤلاً كبيراً بنتائج المشاركة التونسية في القمة، مؤكداً على أن الثمانية الكبار والاتحاد الأوروبي خذلوا تونس سابقاً ولم ينفذوا وعوداً بضخ استثمارات بنحو 40 مليار دولار تعهدوا بها منذ سنة 2011.
وقال جبنون في حديث لـ"العربي الجديد" إن ضخ الاستثمارات في تونس أو غيرها لا تحدده الدول بقدر ما تحدده الصناديق الاستثمارية والشركات الخاصة الكبرى، مشيراً إلى أن الحضور في مثل هذه الندوات يجب أن يستغل من أجل التعريف بالتشريعات والحوافز الجديدة التي تمنحها تونس للمستثمرين الأجانب.
وحول تنافس الكبار ولا سيما الاتحاد الأوروبي والصين لاستغلال البوابة التونسية للعبور إلى دول أفريقية، أكد الخبير في استراتيجيات الاستثمار أنه يتعيّن تنسيب هذا المعطى لأن تونس ليست البوابة الوحيدة وتوجد دول أخرى في منطقة شمال أفريقيا قادرة على توفير امتيازات أحسن من تونس، فضلاً عن أن حضور الكبار في الدول الأفريقية بات مؤكداً بطرق عديدة، مشيراً إلى أن دولاً مثل الصين والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا لها حضور قوي في السوق الأفريقية وتبحث فقط عن المواقع المتقدمة.
وفي سياق متصل توقع صادق جبنون أن تكلل المشاركة التونسية بالحصول على وعود استثمار من ألمانيا إلى جانب إمكانية بحث جدولة ديونها لديها ولدى دول أخرى مشاركة على غرار اليابان، أو تحويل جزء من هذه الديون إلى استثمارات، وأضاف "أن تعثر مناخ الأعمال في تونس لا يزال يحول دون جلب كبار المستثمرين إلى البلاد".
في 2017 جرى إطلاق ميثاق “مجموعة العشرين مع أفريقيا” والتي تلتئم بمبادرة من ميركل، وتحت إشراف الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، بغاية زيادة جاذبية الاستثمار الخاص عبر تحسين ملموس لأطر الاقتصاد الكلي والتجارة والمالية.
وانضمت تونس إلى جانب 11 بلداً أفريقياً إلى هذه المبادرة وهي بنين وكوت ديفوار ومصر وأثيوبيا وغانا وغينيا والمغرب ورواندا والسنغال وتوغو، إلى جانب المنظمات الدولية ولا سيما البنك الأفريقي للتنمية وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك العالمي وشركاء ثنائيين لمجموعة العشرين.
وترمي هذه المبادرة إلى إرساء تنسيق بين برامج الإصلاح الاقتصادي لكل بلد ومساندة الإجراءات السياسية وتعريف المستثمرين بفرص الاستثمار.
وفي أبريل/ نيسان 2018 نُشر أول تقرير متابعة لوزراء المالية والحكومات والبنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، والذي قدم حصيلة للتقدم المحقق في الغرض.
وأبرز التقرير في ما يهم تونس، أن الهدف المنشود يتمثل في تحسين ظروف الاستثمار المحلي والخارجي.
وأظهر التقرير "الجهود المبذولة من طرف السلطات التونسية من أجل تحسين مناخ الأعمال وتذليل العراقيل"، والتي تتعلق أساساً، بعراقيل تشريعية متصلة بالنفاذ إلى السوق وتبسيط الإجراءات وإلغاء عدد كبير من التراخيص.
كما يتصل الأمر بعراقيل لوجستية ذات علاقة بالبنية التحتية في الموانىء، وهو ما يتطلب إرساء تجهيزات جديدة وزيادة عدد الأرصفة من جهة والحرص على إنجاز ميناء المياه العميقة، من جهة أخرى.
وتطرق التقرير، أيضاً، إلى الصعوبات المالية معتبراً أن "تمويل الاستثمار يكبح المبادرة الخاصة"، وبين، في هذا الصدد، أن إصلاح القطاعين البنكي والمالي هو الآن في مراحل متقدمة.