اتفاق "ميركوسور" التاريخي للتبادل التجاري الحُر يغضب مزارعي أوروبا..
تعرف إلى بنوده؟

30 يونيو 2019
مسؤولون أوروبيون يروّجون للاتفاق إثر التوصل إليه (فرانس برس)
+ الخط -
ما إن رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة العشرين باتفاق أوروبا التجاري التاريخي مع دول مجموعة "ميركوسور" MERCOSUR، حتى لقي الاتفاق نصيباً وافراً من المهاجمة والنقد الحاد بالشارع الأوروبي من مزارعي دول الاتحاد مساء السبت اعتراضاً على بنوده.

فقد هاجم المزارعون مساء أمس اتفاق التبادل الحر مع دول مجموعة "ميركوسور" التي تضم البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي، الذي تم التوصل إليه مساء الجمعة في بروكسل، معتبرين أنه يعرضهم لمنافسة غير عادلة.

ومنذ إعلان الاتفاق انطلقت الانتقادات عبر "تويتر" وصدرت بيانات غاضبة، فيما يرى المفاوضون الأميركيون الجنوبيون والأوروبيون أن الاتفاق "تاريخي" بعد 20 عاماً من التفاوض.

وتحيط الشكوك في ظل هذا التوتر في احتمال إقرار الاتفاق في دول الاتحاد الـ28 وفي البرلمان الأوروبي، وهو أمر ضروري ليدخل النص حيز التنفيذ.
وانتقدت نقابة "كوبا كوجيكا"، وهي النقابة الزراعية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، ما وصفته بـ "سياسة تجارية مزدوجة المعايير"، تعمل على توسيع "الهوة بين ما هو مطلوب من المزارعين الأوروبيين وما يسمح به للمنتجين في ميركوسور" حيث المعايير الصحية والمناخية مخالفة للمعايير الأوروبية.

وفي ألمانيا، اعتبر رئيس نقابة "دوتشر بورنفيرباند" أن "الاتفاق غير متوازن على الإطلاق" ويعرض كثيراً من "المزارع العائلية للخطر".

كذلك، نددت رئيسة اتحاد النقابات الزراعية في فرنسا كريستيان لامبير بـ"ضربة قاسية للزراعة" و"بالكذب" على المستهلكين و"خداعهم"، موضحةً أن "74% من سلع العناية بالنباتات المستخدمة في البرازيل ممنوعة في أوروبا".

وهاجمت 340 منظمة غير حكومية أوروبية وأميركية جنوبية في رسالة مفتوحة النص خلال المفاوضات، بينها "غرينبيس" و"فرندرز اوف ذي ايرث" باعتبار أنه يضر بالمناخ وبحقوق الإنسان، المهددة أيضاً بسبب سياسات الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.

في المقابل، رحّب الأخير عبر تويتر بـ"الإمكانات الهائلة" التي قد تنتج من هذه الشراكة المستقبلية والتي تعطي "الكثير من الفرح" لشعبه.
كذلك رحّب الرئيس الفرنسي السبت بالتوصل الى هذا الاتفاق الضخم، مع إعرابه عن "الحذر" إزاء متابعة تنفيذه.

وبموجب الاتفاق، وافقت دول ميركوسور على فتح أبوابها للصناعات الأوروبية، وخصوصاً قطاع السيارات، وأيضاً المنتجات الكيميائية والدوائية والأسواق العامة.

وقبل الاتحاد الأوروبي في المقابل بتقديم تسهيلات كبيرة لإدخال منتجات السكر والإيثانول ولحم البقر والدواجن إلى سوقه.

وسيتيح هذا الاتفاق خصوصاً إدخال نحو 100 ألف طن من لحم البقر من دول أميركا اللاتينية الأربع بمعدل فائدة بنسبة 7.5%، وهو ما يضعف مربي الدواجن الأوروبيين الذين يعولون بشدة على إعانات بروكسل ويخشون منافسة اللحوم الأميركية الجنوبية.

ومع إقراره بأن الاتفاق قد يؤدي إلى "بعض التحديات للمزارعين الأوروبيين"، تعهد مفوض الزراعة في الاتحاد الأوروبي، فيل هوغان، بدفع "مساعدات مالية" تصل إلى مليار يورو "في حال حصل اضطراب في السوق".
وأعرب وزير الزراعة الأيرلندي مايكل كريد عن "خيبة أمله الشديدة" من "التخفيضات الكبيرة للتعريفات" على اللحوم في وقت "يواجه القطاع حالة من عدم اليقين". 

أبرز بنود اتفاق التبادل الحُر

تتضمّن أبرز بنود الاتفاق التجاري، كما أوردتها "فرانس برس"، ما يلي:

أولاً: الرسوم الجمركية

سيؤدّي الاتّفاق في نهاية المطاف إلى إلغاء 91% من الرسوم الجمركية التي تفرضها دول ميركوسور على المنتجات الأوروبية، وهو ما تقدّر المفوضية قيمته بنحو 4 مليارات يورو.

في المقابل، سيلغي الاتحاد الأوروبي 92% من الضرائب المفروضة حالياً على وارداته من الدول الأميركية الجنوبية الأربع.
في ما يتعلّق بالمنتجات الصناعية، ينصّ الاتفاق على إلغاء تدريجي للتعرفات التي تفرضها ميركوسور حالياً على كلّ من السيارات (تبلغ الرسوم حالياً 35%) وقطع الغيار (14 إلى 18%) والمعدات الصناعية (14 إلى 20%) والمواد الكيميائية (ما يصل إلى 18%) والملابس (ما يصل إلى 35%) والمستحضرات الصيدلانية (ما يصل إلى 14%).

ثانياً: الزراعة

يلغي الاتفاق الرسوم الجمركية التي تفرضها دول ميركوسورو على وارداتها الأوروبية من النبيذ (27%) والشوكولاته (20%) والكحول (من 20 إلى 35%) والبسكويت (من 16 إلى 18%) والخوخ المعلّب (55%) والمشروبات الغازية (من 20 إلى 35%) والزيتون.

أما في ما يتعلّق بمنتجات الاتحاد الأوروبي من الأجبان والألبان فإنّ هذه الصادرات ستستفيد، وفقاً لمفوّض الزراعة في الاتحاد فيل هوغان من إعفاءات ضريبية تشمل "حصصاً كبيرة".

في المقابل يتعيّن على الاتحاد الأوروبي، بموجب الاتفاق، أن يفتح أسواقه أمام منتجات دول ميركوسور الزراعية، وهو أهمّ تنازل أوروبي في الاتفاق، وذلك عبر تطبيق نظام الحصص كالآتي: 99 ألف طن من اللحم البقري في السنة برسم جمركي تفضيلي يبلغ 7.5%، و180 ألف طن من السكّر و100 ألف طن من الدواجن.

ثالثاً: آلية حماية

يتضمّن الاتفاق التجاري "آلية حماية" تسمح للاتحاد الأوروبي ومجموعة ميركوسور بأن يفرض كلّ منهما تدابير مؤقتة لتنظيم الواردات في حال حدوث زيادة غير متوقّعة وكبيرة يمكن أن "تتسبّب في أضرار جسيمة لصناعتهم". وتنطبق هذه الضمانات على المنتجات الزراعية.
رابعاً: التسميات المحميّة

تلتزم مجموعة ميركوسور، بموجب الاتفاق، بحماية 357 "مؤشراً جغرافياً" أوروبياً مثل جامبون بارما والشمبانيا ونبيذ بورتو والويسكي الأيرلندي.

في المقابل، يلتزم الاتحاد الأوروبي حماية بعض التسميات الأميركية الجنوبية مثل الكاشاكا البرازيلية ونبيذ مندوزا الأرجنتيني.

خامساً: الصحة

تؤكّد المفوضية الأوروبية أنّ "لا شيء في الاتفاق يغيّر الطريقة التي يعتمدها الاتّحاد الأوروبي ويفرض بموجبها قواعد السلامة الغذائية"، سواء تعلق الأمر بمنتجات أوروبية أم مستوردة.

يتضمّن الاتفاق التجاري بنداً يشير إلى "مبدأ التحوّط" الذي يجيز للسلطات العامة "التحرّك لحماية صحّة الإنسان أو الحيوان أو النبات أو البيئة من مخاطر محتملة، حتى عندما لا يكون التحليل العلمي قاطعاً".

سادساً: البيئة

يتضمّن الاتفاق فصلاً عن التنمية المستدامة يشمل "الإدارة المستدامة للغابات والحفاظ عليها، واحترام حقوق العمال وتعزيز سلوك تجاري مسؤول".

يشير النصّ بشكل واضح إلى اتفاق باريس للمناخ.

بحسب المفوضية الأوروبية فإنّ كلا الطرفين "ملتزمان مكافحة التغيّر المناخي والعمل نحو الانتقال إلى اقتصاد مستدام منخفض ذي انبعاثات منخفضة من الكربون".
ويشمل ذلك "التزام مكافحة إزالة الغابات"، وهي نقطة مهمّة للمنظّمات غير الحكومية التي تتّهم البرازيل بتدمير غابات الأمازون.

ووفقاً للمفوضية الأوروبية، فإنّ هذا الفصل سيحتوي "على قواعد واضحة وصارمة، بالإضافة إلى آلية للتقييم المستقلّ والنزيه لهذه القضايا من قبل مجموعة من الخبراء".

سابعاً: القطاعات الحكومية

يلزم الاتّفاق دول ميركوسور أن تفتح قطاعاتها الحكومية، للمرة الأولى، أمام الشركات الأوروبية، في سابقة تمثّل تقدّماً كبيراً بالنسبة إلى الاتّحاد الأوروبي. ويعني هذا أنّه سيكون بإمكان الشركات الأوروبية أن تشارك، على قدم المساواة مع شركات دول ميركوسور، في كلّ المناقصات الحكومية في الدول الأميركية اللاتينية الأربع.
المساهمون