تُثار تساؤلات حول الاقتصادات العالمية التي ستكون الأكثر تأثراً بالهجوم الحوثي على منشأتَي النفط السعوديتين لشركة "أرامكو" والذي عطل حوالى 5.7 ملايين برميل يومياً، حسب التصريحات السعودية الرسمية.
حتى الآن من غير المعروف حجم الضرر الفعلي الذي حدث لمنشأتي أبقيق وخريص السعوديتين، رغم التصريحات السعودية الرسمية، كما لم تتضح بعد كيفية رد فعل أسواق الطاقة العالمية على الحادث "الأكبر" من نوعه، في تطورات الهجمات على صناعة النفط السعودية، بسبب إغلاق الأسواق في عطلة الأسبوع، غير أنّ محللين يستبعدون حدوث تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأميركي.
وذلك ببساطة لأنّ أميركا أصبحت غير معتمدة في استهلاكها على النفط السعودي، بعد ثورة النفط الصخري التي رفعت إنتاج أميركا من النفط إلى 12.5 مليون برميل يومياً. ويرى محللون في تعليقات لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أنّ اقتصادات اليابان والصين والهند، ستكون الأكثر تأثراً بتعطل إنتاج النفط السعودي.
ولكن على الرغم من ذلك، فإنّ السوق الأميركي ليس معزولاً عن أسواق العالم المتأثرة بهذا الهجوم على منشآت النفط السعودي.
وبالتالي يرى تحليل في صحيفة "وول ستريت جورنال"، أنّ مصرف الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، سيضيف عامل اضطراب أسواق النفط إلى عوامل الاضطراب الأخرى في العالم، مثل الحرب التجارية بين واشنطن وبكين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، إلى العوامل التي ستحدد سياساته النقدية.
وأضافت الصحيفة في تحليلها، "سيسعى مسؤولو مصرف الاحتياط الأميركي للتعرف على حجم الارتفاع المتوقع في أسعار النفط حتى يتمكنوا من حساب تأثيره على معدل التضخم الأميركي المستهدف بنسبة 2.0%".
وتشير دراسة سابقة لمصرف "بنك أوف أميركا"، إلى أنّ كل ارتفاع في أسعار النفط بـ20 دولاراً للبرميل سيرفع التضخم بنسبة 0.1%.
وفي هذا الشأن يقول البروفسور مارك ليغ، في تعليقات للصحيفة الأميركية، إنّ "مثل هذا الهجوم كان سيكون مؤثراً على أميركا قبل 10 سنوات، ولكنه اليوم ضئيل التأثير". ومن المتوقع أن ينعكس هذا الهجوم "إيجاباً" على صناعة النفط الصخري، حيث إنّه سيزيد من الاستثمارات في هذه الصناعة، وسيظهر أهميتها للأمن القومي الأميركي.
وتعتمد الولايات المتحدة في تغذية استهلاكها اليومي من النفط؛ البالغ 20 مليون برميل يومياً، حسب بيانات إدارة الطاقة الأميركية، على الإنتاج المحلي واستيراد النفط من كندا والمكسيك. وتقتصر صادرات النفط السعودية على أقل من مليون برميل، وتذهب معظمها لمصفاة "أرامكو" في تكساس.
في ذات الصدد، قالت خبيرة نفط بريطانية لـ"العربي الجديد"، "بالتأكيد فإنّ الاقتصادات العالمية ستتأثر لأنّ هذا يعني خسارة السوق لحوالى 5.0% من الإمدادات النفطية العالمية". ومن المتوقع أن تكون دول مثل الصين والهند واليابان الأكثر تأثراً لأنها تعتمد على النفط السعودي خاصة والخليجي عامة.
وحول ما إذا كان هذا الهجوم سيجعل شركات الحاويات النفطية تمتنع عن نقل النفط من السعودية أو بعض مناطق الخليج، قالت الخبيرة البريطانية التي تعمل في إحدى شركات النفط الكبرى ولكنها طلبت عدم ذكر اسمها لـ"العربي الجديد"، "لا لن تمتنع، لأنّ العالم ليس لديه بديل للنفط السعودي أو الخليجي، ولكن أعتقد أنّ شركات الناقلات النفطية سترفع أسعار الشحن للنفط من المنطقة".
وأضافت أنّ "هذه الشركات رفعت أسعار الشحن في السابق بسبب الهجمات في مضيق هرمز".
وفي ذات الشأن، لم يستبعد محللون في صناعة التأمين أن تجتمع شركات التأمين في لندن، غداً الاثنين، لتبني سعر جديد مرتفع للتأمين.
ومن المتوقع أن تكون الصين الأكثر تأثراً بهذا الهجوم على النفط السعودي، لأنّ بكين تستهلك يومياً 12.8 مليون برميل، وتنتج حوالى 4.8 ملايين برميل يومياً، حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتعتمد الصين في نسبة كبيرة من وارداتها على النفط السعودي إلى جانب النفط المستورد من روسيا. وتصدر السعودية أكثر من مليون برميل يومياً للسوق الصيني.
وحسب بيانات منظمة "أوبك"، في يوليو/ تموز، كانت روسيا المورد الرئيسي للصين، حيث بلغ متوسط صادراتها للسوق الصيني 1.3 مليون برميل يومياً.
وفي المقابل، أصبحت المملكة العربية السعودية، ثاني أكبر مورد للنفط الخام للصين، خلال يوليو/ تموز الماضي، حيث حصلت على حصة تبلغ 11% لتصل إلى أزيد بقليل من مليون برميل يومياً.
أما اليابان فتستورد حوالى 1.02 مليون برميل يومياً من النفط السعودي. وبالنسبة للهند تستورد 80% من وارداتها من النفط الخليجي، ومعظمها من النفط السعودي.